أعلنت جمعية المعلمين أن الأوضاع التربوية مازالت تسير في نفق مظلم، وفي حالة ربما تكون هي الأصعب على امتداد تاريخها في ظل عدم وضوح الرؤى وحالة اللااستقرار واتخاذ سياسة التضليل في طرح الخطط والتجارب التربوية، وفي ظل وجود حالة من التخبط في اتخاذ القرار، الأمر الذي انعكس سلبا على جوانب تربوية مهمة جدا، خاصة ما يتعلق بآلية اختيار القيادات التربوية، وحسم الوظائف الشاغرة وما حدث ويحدث من فوضى في آلية تطبيق قرار إطالة يوم الثلاثاء غير المبررة، وما يتعلق أيضا بالمسائل المرتبطة بحقوق المعلمين والمعلمات والأعباء المتزايدة التي يتحملونها والإدارات المدرسية، إلى جانب قضايا أخرى عديدة باتت انعكاساتها السلبية واضحة ومؤثرة على واقع الميدان التربوي بشكل عام.

وقالت الجمعية في بيان له إنه وبالرغم من أن الحالة التي تمر بها التربية حاليا باتت أشبه بالمسألة المعتادة بالنسبة للمعملين وأهل الميدان، وقد وصلت بنا إلى مرحلة لا حدود لها من اليأس والإحباط، خاصة في ظل الممارسات المثيرة للجدل والمستغربة من قبل من يقود دفة الوزارة، إلا أن ما زاد الأمر ضبابية وتعقيدا الغياب شبه الكامل للقضية التربوية في البرنامج الحكومي المطروح حاليا، وفي إطار الدورة الجديدة لمجلس الأمة، حيث خلا من الإشارة لا من قريب أو بعيد إلى الحالة التي يمر بها الميدان التربوي وما يعانيه من كم هائل من القضايا والمشاكل والمعوقات والتحديات، في الوقت الذي لم يسجل ضمن إنجازات الخطاب سوى ما ذكر من توقيع لعقود أربع مدارس جديدة من أصل تسع مدارس مدرجة، وكأن القضية التربوية بحجمها وقضاياها المتشعبة توقفت كلها في مسألة إنشاء أربع مدارس.

وحملت الجمعية وزارة التربية المسؤولية الكبرى في خلو الخطاب الحكومي من القضية التربوية، مشيرة الى أن الوزارة مارست وكالعادة سياستها المعهودة وهي سياسة التضليل والتسويف أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية ولم تكن واضحة وصريحة في كشف الحقائق والوقائع والمتطلبات بما ينبغي وهي التي تعلم تماما حجم المعوقات والتحديات التي تقف في طريقها، وتعلم أيضا ما يعانيه الميدان التربوي من هموم ومشاكل، ومن صعوبات جمة تقف حجر عثرة في مسيرة الإصلاح والتطوير. ومع كل ذلك وقفت وقفة المتفرج، ولم تحرك ساكنا بل انها استكثرت على نفسها أن تضع تلك الهموم والتحديات في إطار البرنامج الحكومي من أجل السعي لتحقيق الأهداف والطموحات المنشودة.

وذكرت الجمعية في بيانها أنه سبق لها أن انتقدت البرنامج الحكومي السابق، الذي استبعد متطلبات الواقع التعليمي، وقامت بتقديم ملف متكامل حول ما يتطلب إدراجه ضمن البرنامج الحكومي، مع أهمية التأكيد على جعل التعليم أولوية في اهتمامات السلطتين التشريعية والتنفيذية. إلا أنه ومن الواضح ومما يثير الحسرة والأسى أن يخرج البرنامج الجديد بشكل يدفع إلى المزيد من الاحباط واليأس في الوقت الذي كان الجميع يتوسم أن ينظر إلى الواقع التعليمي بالنظرة الشمولية الشفافة والواضحة، وأن تستشعر الحكومة حاجة هذا الميدان إلى قرارات جريئة تضع الأمور في نصابها الصحيح، وتكون كفيلة بإيقاف حالة التدمير والتردي المستمرة، وفي إعادة بناء ما تم تدميره من أسس وركائز، إلى جانب السعي وبذل كل ما يمكن بذله من أجل معالجة الكم الهائل من القضايا، ولتحقيق خطط التنمية في الاصلاح.

وقالت الجمعية في ختام بيانها انه وبالرغم مما نعيشه من إحباط شديد في ظل الأوضاع التربوية السائدة، والتي زاد من مرارتها ما جاء في البرنامج الحكومي، إلا أننا سنبقى على آمالنا بأي حال من الأحوال وفي تكثيف مساعينا وتعزيز ثقتنا بسمو رئيس مجلس الوزراء والسلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل تحقيق الطموحات المنشودة وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وفي توفير الاستقرار لواقعنا التربوي المنهك.