«لا يوجد دجاج» عبارة ألصقها مدير فرع التموين في جمعية سلوى التعاونية على باب الفرع، يدرء بها عن نفسه الاسئلة التي تنهال عليه كل دقيقة من قبل المساهمين، والذين أثارت مشكلة شح الدجاج في الجمعيات الرعب في نفوسهم. محمد ابراهيم «أشفق» على هؤلاء، الذين يأتي بعضهم في اليوم أكثر من 5 مرات، ينشدون دجاجا يزين أطباق الغداء على موائدهم، لكن الدجاج «طار» من منافذ التسوق الخاصة بهم، ففي حين تعاني وزارة البلدية من قضية اللحوم والدجاج الفاسد التي ظهرت مؤخرا، وعادت لتطبق القوانين بصرامة على الشركات، فان هناك أزمة حقيقية اندلعت لتسبب شحا في هذه المادة الغذائية الاساسية في حياة الناس. بعض التعاونيين ذكر أن الدجاج «طار» فعلا من الجمعيات وفروع التموين، وهو الآن حبيس «أقفاص» البلدية، ومختبراتها ذوات الامكانيات المحدودة والتي تستدعي نقلة نوعية جادة لزيادة أعدادها وقدراتها الاستيعابية خاصة في ظل هذه الازمة الخانقة، أما التجارة فقد برأت ساحتها من هذه الكارثة، وذكرت أن الازمة في طريقها الى الانفراج لاسيما بعد تشجيع الدجاج الوطني وادراجه في بطاقة التموين. «الأنباء» وقفت عند هذه القضية الشائكة، واستشفت آراء التجارة والتعاونيين ومديري فروع التموين وبعض المواطنين وبعض الشركات الموردة للدجاج، فإلى التفاصيل:

رئيس جمعية صباح السالم التعاونية وعضو لجنة الاسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية، عبدالرحمن شجاع العتيبي حذر من اندلاع أزمة كبيرة خلال الايام المقبلة، وذلك بعد أن تفرج وزارة البلدية عن كميات الدجاج المحجوزة في الميناء، والتي قد تتبخر خلال يومين وتنفد من السوق، نظرا لان المستهلكين يشعرون بهذه الازمة والتي هي مؤقتة ومن ثم فانهم سيقومون بتخزين أكبر كميات ممكنة من الدجاج الذي سيتوافر قريبا، مشيرا الى أن الازمة الحقيقية ستظهر ملامحها في الافق بعد أن تنفذ الكميات من السوق ويحدث هناك شح كبير، وتعود الشركات لطلب كميات أخرى من المزارع في البرازيل، ويفرج عنها من جديد من قبل البلدية في مدة ليست أقل من 20 يوما.

وعزا العتيبي تأخر البلدية في الافراج عن كميات الدجاج الى وجود نقص في المختبرات الصحية لفحص المنتجات الغذائية، داعيا الى انشاء المزيد من هذه المختبرات وتوسيع الطاقة الاستيعابية للمختبرات الموجودة لتلبية حاجة السوق، والسماح للكميات الكبيرة بالوصول الى منافذ التسوق من الجمعيات التعاونية وفروع التموين وأسواق المواد الغذائية.

وذكر العتيبي أن الشركات لا تستجيب لطلبات الجمعية، وتتذرع بحجة أن وزارة البلدية تتأخر في فحص الدجاج واللحوم، بل ان هذه الشركات تصيد في الماء العكر، وتستغل ظروف ربكة البلدية في أزمة الدجاج واللحوم الفاسدة، وفرضها في الوقت الحالي رقابة مشددة، وحجزها لكميات من شحنات الدجاج في الميناء، وذلك لتقوي موقفها في طلب رفع سعر منتجاتها من الدجاج في الجمعيات التعاونية، حيث تواردت الينا طلبات زيادة أسعار من قبل الشركات الموردة، الا أننا نقابلها بموقف واحد وهو الرفض ونطلب منها أن تذهب الى لجنة الاسعار في اتحاد الجمعيات التعاونية، ورغم ذلك، فانها حتى اليوم لم تتوجه الى لجنة الاسعار لطلب زيادة سعر الدجاج، وذلك لانها على يقين أن اللجنة لن توافق على طلبها، نظرا لعدم وجود مبررات حقيقية في بلد المنشأ.

وأضاف ان ادارة التموين في وزارة التجارة وعلى رأسها مدير التموين محمد منصور المطيري لم تقصر في هذا الجانب حيث انها أدرجت أنواعا كثيرة من الدجاج وبالاوزان المطلوبة، اضافة الى ادخال السلع الاساسية في التموين، مما ساعد في انخفاض أسعار هذه السلع، ولكن هذه المشكلة والازمة خارجة عن ارادة التجارة لانها تعاني من شح الدجاج بسبب التاجر نفسه، كما أنها لم تتوان في تطبيق الشرط الجزائي على أصحاب الشركات الموردة للدجاج، الا أن التاجر يتذرع بأن المتسبب في المشكلة هو وزارة البلدية وليس هو حيث كانت تأخذ عينات فقط من الشحنات وتقوم بفحصها في غضون أيام، أما الآن فان الاجراءات تتطلب نحو 20 يوما، وقال: ان تشدد البلدية حاليا في تطبيق القانون بعد أن كان التفتيش عشوائيا، يعتبر أمرا طيبا، ولكن لماذا لا تقوي امكانياتها وامكانيات فرقها الفنية، والدليل أنها لم تقم بفتح دوام اضافي خلال العيد، بل توقفت، وهذا خطأ مع وجود أزمة في البلاد. داعيا أيضا الى أن تكون هناك مختبرات خاصة بوزارة التجارة وادارة التموين، ومختبرات خاصة للجمعيات التعاونية والاسواق الاخرى لسد حاجة السوق والحد من اندلاع أزمات غذائية في المستقبل.

ولدى سؤاله عن ماهية العلاقة بين أزمة شح الدجاج وأزمة اللحوم المجمدة، وان كان هناك تخوف من قبل بعض الشركات في أن تظهر لديها لحوم أو كميات دجاج فاسدة، ذكر العتيبي أن هناك علاقة فعلا، حيث ان البلدية شددت بسبب قضية اللحوم الفاسدة، ولكن لا أتوقع أن تكون هناك كميات دجاج فاسدة في الشحنات الموجودة، وقال: ان السبب الحقيقي لأزمة اللحوم الفاسدة يتمثل في أن وزارة البلدية كانت تأخذ عينات من الدجاج واللحوم وتفرج عن الكمية، وعندما تظهر النتيجة حتى إن كان هناك فساد في اللحم، فإن البلدية كانت تخاطب التاجر الذي يقول لها إن الكمية تم تصريفها في السوق ونفدت، أما الآن فإنهم لا يفرجون عن الكمية حتى تظهر نتيجة العينة.

أبو ليلى: الشركات تجبرنا على الأوزان

مدير فرع التموين في جمعية العدان والقصور التعاونية حمادة أبوليلى، قال إننا نعاني فعلا من أزمة دجاج ونقوم بمتابعة الكميات المطلوبة مع الشركات الموردة للدجاج، إلا أنهم يذكرون لنا أنه لا يوجد لديهم كميات كافية، ويتذرعون بأنهم ينتظرون افراج البلدية عن الكميات المحجوزة لديهم في الميناء. وأضاف انهم لا يلبون الطلبية بشكل كامل، حيث إننا نطلب 200 كرتون فلا يصلنا إلا كميات بسيطة جدا، لافتا إلى أن لدينا 14 شركة موردة للدجاج، مثل أبوعلي، وارة، العربية، المتحدة، ساديا، نايف، الهلال، دو، الفقيه، الذهبية، فرنسيكول، زينة، ولكن المتوافر لدي اليوم 3 شركات، ولا تورد إلا كميات بسيطة.

كما أن بعض تلك الشركات تريد أن تورد أوزانا تزيد على الـ 1000 غرام، وهو ما لا يرغبه الزبائن، فوزن 1200 يعتبر كبيرا بالنسبة للتموين، وهم يريدون إجبارنا على شراء هذا المنتج، ما يسبب لنا مشاكل مع الزبائن، مقرا بوجود أزمة، كما أن الزبون الذي لا يأخذ الدجاج هذا الشهر تذهب عليه الفرصة.

إبراهيم: الكميات التي تأتينا تتبخر

مدير فرع التموين في جمعية سلوى التعاونية، محمد إبراهيم، ذكر أن الفرع خال من أي نوع من الدجاج المجمد، وأن كميات بسيطة جدا منه تأتي من قبل الشركات الموردة وتتبخر في غضون دقائق، لافتا إلى أن شركة نايف للدواجن وفرت كمية قليلة من الكراتين، في حين وفرت شركة اليسرة للمواد الغذائية وهي الشركة الموردة لدجاج ساديا 46 كرتونا، رغم أنه اتصل بمندوب الشركة وطلب منه 300 كرتون، كما أن شركة المتحدة وردت 100 كرتون يوم الأحد الماضي، لكنها نفدت من الفرع خلال أقل من نصف ساعة.

وقال إبراهيم: انني اتصل يوميا أكثر من 5 مرات بالشركات التي تورد انواع الدجاج المدرجة في بطاقة التموين، ومنها شركة وارة، وعافية، والمتحدة، وساديا، والإسلامي، والهلال، وغيرها، إلا أنه لا مجيب لما نطلبه، وجميع الشركات تتذرع بعدم وجود كميات لديها في الشركة، واصفا هذا الوضع بالسيئ.

ابراهيم اضاف ايضا انه يعاني من مشكلة كبيرة من بعض الزبائن، حيث يأتون إلى الفرع يوميا أكثر من 5 مرات ليسألوا عن وصول كميات من الدجاج، وقال: أنا أتحسر لهم لأنهم يتكلفون المجيء والذهاب تكرارا دون فائدة تذكر، مشيرا إلى أن بعض الزبائن لا يتفهمون الأزمة الموجودة في السوق والتي ليس لفروع التموين دخل فيها.

صرخوه: 6000 مساهم من سيكفيهم؟

مدير فرع التموين في جمعية الرميثية التعاونية، عبدالله إبراهيم صرخوه، ذكر أنهم بعد هذه الأزمة، يخاطبون الشركات التي لا تأتتي إلا بكميات بسيطة، وبالأوزان غير المرغوبة من قبل الزبائن، وقال: إن الموجود الآن وفرته لنا 3 شركات، وما بقي قد ينفد في حدود نصف ساعة. واضاف صرخوه أن الكثير من الزبائن يعانون من شح الدجاج، ويترددون كثيرا على الفرع، ولكن الموجود قد لا يلبي رغبتهم، كما أننا في بعض الأحيان نعاني من نفاد جميع الانواع، ونحن نعد الزبائن بناء على وعود الشركات والتي لا تفي إلا بكميات بسيطة جدا تنفد في دقائق، حيث إن الرميثية فيها نحو 6000 مساهم، وهناك طلب كبير. وبين أن المسؤول هو الشركات ووزارة التجارة والتي تعلم بوجود النقص ولم تتخذ الإجراءات والحلول البديلة.

أم مشعل: الأمن الغذائي مسؤولية الدولة

أم مشعل استنكرت هذا الشح والأزمة في الدجاج المجمد بفرع التموين، وأعربت عن استيائها بسبب ترددها خلال الأيام الأخيرة أكثر من 5 مرات إلى الفرع ولكن دون جدوى، لافتة إلى أنها لا تسمع إلا جملة واحدة من موظفي الفرع وهي «لا يوجد دجاج». وقالت أم مشعل: من الضروري محاسبة الشركات الموردة للدجاج من قبل وزارة التجارة، ومعاقبتها بما لديها من مواد في القانون، وذلك بناء على شروط جزائية موجودة في الوزارة، لافتة إلى أن الدجاج يعتبر أمرا أساسيا في الامن الغذائي، والذي يعتبر مسؤولية الدولة، وعليها أن تبحث عن القنوات البديلة لتوفير هذا المنتج، ومحاسبة الشركات التي تستغل هذه الظروف لرفع اسعار سلعها.

شركات الدجاج: البرازيل لا تذبح الطيور حالياً ولا تلبي طلبياتنا

اكد مسؤول في بعض الشركات الموردة للدجاج أن شركته لا تستطيع تلبية الطلبات المقدمة من قبل الجمعيات التعاونية وفروع التموين بصورة كاملة، نظرا لوجود خلل حقيقي فيما يخص هذا الشأن، وهو تأخر وزارة البلدية في الإفراج عن الكميات المحجوزة في الميناء، كما أن هناك سببا آخر، وهو أن مزارع البرازيل لا تلبي الطلبات المقدمة من الشركات الكويتية، حيث إن هذه المزارع لا تقوم خلال الفترة الحالية بذبح الدجاج، وإنما بالتربية، وقال: إن هناك أزمة حقيقية بالفعل، والسوق متعطش للدجاج.. ولكن الحل ليس بأيدينا.

وأوضح محمود مظهر معرباني من شركة دجاج الإسلامي في تصريح لـ «الأنباء»، أن طلبات التموين من الدجاج معروفة بالأحجام التي لا تزيد على 1000 غرام، وهي الأحجام غير المتوافرة في الوقت الحالي لدى الشركة، ولكن.. ماذا نفعل إذا كان هذا هو المتوافر لدينا؟ وكيف نقنع المستهلك الذي يرفض شراء دجاجة يزيد وزنها على الكيلو غرام؟

انفراج أزمة دجاج التموين قريباً

«التجارة»: 45 شحنة محجوزة في الميناء بانتظار إطلاق سراحها من «البلدية»

أكد مصدر مسؤول في وزارة التجارة أن خطة الوزارة في دعم المنتج الوطني ستحول دون تفاقم أزمة شح الدجاج المجمد في الجمعيات التعاونية، وذلك بعد أن أدرجت الوزارة بعض الشركات المحلية الخاصة بتربية الدواجن في بطاقة التموين، بل إن الأولوية تعطى للمنتج الوطني، وهذا ما ساعد على تشجيع هذه الشركات على زيادة إنتاجها لاسيما في ظل ما تعانيه البلاد من أزمة حقيقية في شح الدجاج، وبالتالي، فإنها رفعت قدرتها الإنتاجية خلال الآونة الأخيرة من 20 إلى 50% ما يعتبر مبادرة فعلية لانفراج هذه الأزمة حيث إنها ستستوعب على المدى المنظور كامل احتياج السوق. ولفت المصدر في تصريح خاص لـ «الأنباء» إلى أن هناك 46 شحنة دجاج محجوزة في الميناء للشركات الموردة للدجاج، حيث إن الإفراج عنها مرهون بالانتهاء من إجراءات وزارة البلدية التي جنحت إلى التشدد بعد اندلاع أزمة الدجاج واللحوم الفاسدة.