وزير الإعلام  ورئيس شركة المشروعات السياحية الأسبق يكشف عن التعقيدات والأسباب التي أدت لعرقلة الملف السياحي في الكويت

* السنعوسي : يخيل إليهم أن الترويح والسياحة هى العرى وشرب الخمر
* في عهدي ناديت بإستغلال جزيرة "كبر" سياحياً 
 
* التيار الديني له نفوذ قوية لوقف القطاع السياحي
*حصلت على حكم قضائي بإزالة المكان الترفيهي " شوبيز "
 
في محاولة للبحث عن الأسباب الحقيقية وراء الفقر السياحي الذي تعاني منه الكويت، رغم توفر كل الامكانيات البيئية والموارد المالية، قالوزير الإعلام ورئيس شركة المشروعات السياحية الأسبق محمد السنعوسي كلاما جريئاً واتهم صراحة الإخوان والسلفيين وبعض المستفيدين بعرقة هذا الملف، والوقوف ضد أي حلحلة للسياحة في الكويت، بحجة المحافظة على القيم والعادات والاخلاق وكأن السياحة بالنسبة لهم خمر وعرى وهذه حجج واهية تنم عن عقليات متحجرة وأخرى مستفيدة تبحث عن مصلحتها فقط. السنعوسي الذي آمن بالاستثمار في السياحة منذ وقت مبكر، ذهب للاستثمار في شوبيز فهاجموه على حد قوله، ثم ترك لهم الواجهة البحرية وذهب لمنطقة الشمال حيث متنزه سليل الجهراء الذي يفخر به ويراه الآن أهم مشروع سياحي في الكويت. في هذه الدردشة يستعرض السنعوسي مآسي السياحة في الكويت منذ 30 سنة، ويطرح بعض الحلول التي يراها مهمة وضرورة إذا نحن أردنا ان تكون الكويت بلدا سياحيا، وإن كان يستبعد ذلك لأسباب يذكرها في هذا السياق فإلى التفاصيل..
من خلال خبرتك في قطاع السياحة، ما سبب تعقيدات هذا الملف طوال هذه السنوات الطويلة برغم توفر البيئة السياحية والدراسات وأيضا الأموال؟
عندما توليت رئاسة شركة المشروعات السياحية طرحت أفكاراً كثيرة لتنشيط السياحة الكويتية، ولكن بعد التجارب والدراسات، وبعد معرفتي عن المجتمع الكويتي، وبعد الأفكار المتطرفة والمتفائلة، أرجو واتمنى ألا يثار هذا السؤال الوهمي عن موضوع الكويت سياحية لأن الكويت لن تكون سياحية والأسباب عديدة، أكثرها سذاجة بعض أصحاب النفوذ أو مصالح في الضغوط الاجتماعية، بحجة الدين والتحفظ الاجتماعي وبحجج كثيرة أعتبرها واهية يمكن ترشيدها أو توجيهها بشكل أفضل، لكن مع الأسف هذا التيار له صوت عال ولديه نفوذ.
ثانيا بيئة الكويت ومناخها لا يساعد ولا يساهم ولا ينافس الآخرين حتى في دول الخليج، نحن كما هي عاداتنا في كثير من الأمور والمشاريع لا يمكن أن نبدع من أجل أفكار من هذا النوع، لذلك فنتوقف عن الحديث عن السياحة ولنتكلم عن جانب مهم في حياة الإنسان وممكن يروح للكويت من دون تعمد الحديث عن السياحة في الكويت ولماذا الكويت ليست بلد سياحي، وهو الترويح أو بمعنى آخر السياحة الداخلية، سياحة الوافد والمواطن ودول الجوار. الترويح باختصار مفيد جدا للإنسان لتخفيف ضغوط الحياة، سواء كان ترويحاً فردياً أو جماعياً أو عائلياً، وهذا ما خطط في بدايات الحديث عن السياحة بأوامر المغفور له امير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله.
من هنا بدأ التفكير بإنشاء شركة المشروعات السياحية عام 1976م؟
نعم.. ولكن توالى على هذه الشركة أشخاص اجتهدوا وبتردد وخوف ولا يملكون المؤهلات للإبداع والأفكار الجريئة على مدار المشروعات السياحية لم يتمكنوا من وضع أفكار جريئة ومفيدة في مجال الترويح ولن يستطيعوا، لان الأمر يحتاج إلى جرأة أولا، ثم دعم من السلطة على أعلى مستوى، وأفكار تطرح من قبل الوزراء ورئيس الوزراء والنواب والمجلس البلدي.
وعند طرح أي مستثمر لفكرة ما فسوف يصطدم بحائط من الكونكريت لسببين: أحيانا وليس دائما قوانين وأنظمة تعيق، ثانيا: الحقد والحسد، وثالثا: اجتهاد ساذج من أشخاص سيحكمون على المشروع أو على المستثمر، ولدينا نماذج عديدة في أعضاء المجلس البلدي وأفرع البلدية في المحافظات التي تعرقل وهذا هو هدفها، ويؤخروا وهذا الهدف الأكبر، وترتشي وكأنها عادة. نحن غير مؤهلين للأسف.
برغم تعاقب الوزراء والحكومات طوال هذه السنين؟
الوزير لن يستطيع فعل شيء! هؤلاء أقوى من أي وزير، إلا الوزير الذي يملك في يده الخيزرانة! وأنا نوهت بالأعلى لقوة التيار الديني المناهض لفكرة السياحة من حيث المبدأ، والتحجج بالشرع، ثم المستفيدين ثم الفساد، ومن يجتهد فاجتهاده قاصر وليس لديه رؤية، إذن لنبدأ بمؤسسات الدولة بالذات البلدية بأن تكون نشطة ومشجعة ولا تعرقل لأسباب واهية.
وماذا فعلت أنت عندما توليت رئاسة المشروعات السياحية وحتى وأنت وزيرا للإعلام؟
فعلت الكثير.. أنا ناديت باستغلال جزيرة كبّر سياحيا منذ قبل الغزو ومن خلال شركة المشروعات السياحية، ولم يرد أحد ولم يهتم أحد خوفا من شرب البيرة والوين في هذه الجزيرة! هكذا تخيل الإنسان إن الترويح أو السياحة هي كازينو وخمر ونساء.. هكذا يتصورون للأسف.
وأنا عندما استلمت شركة المشروعات السياحية كانت الدولة تؤّمن لهم الخسائر السنوية بقيمة 3 ملايين دينار، ومن أول سنة أوقفت هذه الخسائر وفي السنة الثانية أصبحت أنا أعطي الدولة وأوفر هامش ربح معتبر، وكان عدد الموظفين بالشركة 1700 موظف فاكتفيت بـ 700 موظف فقط! وعندما أريد أن أنفذ أي رخصة أو تشريع أو أي شيء لا أسأل أحد بل أحمل حقيبتي وأحارب وأقوم بنفسي بزيارة مؤسسات الدولة المعنية، وتعلمت أنك إذا أردت أن تخدم البلد المتطرفة في بعض الأفكار فلابد أن تذهب بنفسك وتضرب رأس هذا المسؤول الذي لا يفهم ولا تعتمد على المراسلين والدورة المستندية العقيمة.
وعندما تتولى مسؤولية المشروعات السياحية لا تتصور أنك تحمل على كتفك سيف ونجوم، ولكن عليك أن تؤمن بأنك شاويش بثلاث خيوط على ذراعك وهذا أهم عنصر، اما أصحاب السيوف والنجوم فهم في أبراج عاجية، ويكفي أقولك أن كل المشروعات الجميلة على الواجهة البحرية مثل منتزه الخيران وغيره نفذت وتم افتتاحها خلال ترؤسي الشركة، وكنت أدعو صاحب السمو الأمير الشيخ جابر، والشيخ سعد رحمهما الله، وكنت أعمل مهرجان في الافتتاح بهدف الترويج للكويت.
وعلى سبيل المثال في مهرجان التلفزيون الثالث الذي حضره 1200 فنان وفنانة من جميع أنحاء الوطن العربي وبعض الاجانب، سوق الذهب لمدة أسبوع بالباصات يذهبون للسوق وكلهم يسألون عن الذهب والصيغة، ومحلات الماركات العالمية. وحدث نشاط رهيب في ذلك الوقت، لكن مجرد الاعتراض والرفض من قبل أعضاء مجلس الأمة فهو ادعاءات كاذبة تحرم الكويت من هذا النشاط السياحي والفني الرائع.
هل تمت استشارتك عند انشاء قطاع السياحة عام 2002م الذي انتقلت تبعيته أخيرا من وزارة التجارة إلى الإعلام؟
قطاع السياحة هذا كذبة كبيرة.. حضرت اجتماعاً واحداً ووجدت خبراء صرف عليهم مبالغ كبيرة، والنقاشات كانت تدور حول تجميل الأرصفة وبعض الأفكار التي اصابتني بالغثيان والصداع، أعرف أن سياحة الكويت الآن هي سوق المباركية وسوق الجمعة وهذه هي المقومات الموجودة، لكن لابد من استغلال البحر بكل انواع الرياضات والمتنزهات، ويجب أن تكون لدى الدولة رؤية في الأساس وإرادة لتنفيذ هذه الرؤية والخطط.
هل الحكومة مؤمنة بثقافة صناعة السياحة؟
الحكومة مؤمنة بكل شيء، لكن ليس لديها إرادة لحلحة قطاع السياحة والشروع في مشاريع عملاقة، ولا يوجد من يتابع أو يهتم بكثير من الأمور. وانا كنت عضواً في لجنة منذ 30 سنة بهدف تطوير جزيرة فيلكا واقترحت كيف تكون فيلكا بعد أن نوصلها بالجسر ونجعل في هذه الجزيرة جامعة ومدارس ومعسكرات لتدريب عناصر الجيش والحرس الوطني وحتى لا يكون المجند أسير الضابط ويعمل لديه في البيت ويقضي حاجاته كما تسمونه في مصر عسكري مراسلة وأيضا نفتح آفاق للفنادق والنوادي والمنتجعات، لكن الإخوان والسلفيين والمشككين كانت لديهم آراء أخرى، مع العلم أن السياحة في فيلكا ليست مجرد خمر وديسكو كما يتصورون!
حدثنا عن منتزه السليل كيف جاءت الفكرة ولماذا نفذت المشروع في الجهراء ولم تتوجه للواجهة البحرية التي تؤمن بها سياحيا؟
عندما تقدمت بهذا المشروع الضخم الكبير الذي أعتبره وسام على صدري، ذهبت إلى الجهراء من الناحية العاطفية ومحبتي للجهراء حيث ذكرياتي منذ أيام الوالد في هذه المدنية، ثانيا ان الاهتمام بالسياحة في المنطقة الشمالية نادر وكل التركيز على الواجهة البحرية، وفي البلدي وبعد سنوات من أجل الحصول على الترخيص سألوني هذا السؤال ولماذا لا أخذ على البحر، فقلت لهم أنا آتي بالبحر إلى الصحراء وعملت البحيرات وحمامات السباحة والتشجير على 450 ألف متر مربع بأفكار (سنعوسية) بحتة، وهذا المشروع يعد الاول في الكويت ولا ينافس. وقد عمل الأخ أحمد السعدون ومن معه المستحيل من أجل ألا أحصل على هذا المشروع، وبالمثل فعلوا في شوبيز لكن الله فوق كيد كل حاسد وحاقد.
هل أنت متفائل الآن بعد صدور قانون الـ POT والحديث الآن عن دعوة الشركات المحلية والعالمية للاستثمار في الجزر الكويتية؟
انا لست متفائل لأني انكويت كثيرا وأعرف بعض العقول الجامدة التي تجتهد بالخطأ ولا تسأل، لكن لا أعرف من طرح هذه الأفكار لكن يجب أن تكون الكويت مرنة في استغلال ارصفة العقارات والمحال التجارية والمقاهي من دون ادنى تزيين او استغلال لهذه المساحات بسبب تعنت البلدية واعضاؤها، وهذا يدلنا على افتقادهم للحس الجمالي وأن التلوث البصري أعماهم! وعلى كل حال أتصور أن قانون الـPOT الجديد أفضل بكثير من القانون القديم، لاسيما وأنه تعرض لمدة الاستثمار. اتمنى ان تحل المشكلات أما أنا فقد أصيت بالقرف من الدوران في دائرة مغلقة مفرغة.
في ظل هذا الواقع المتشعب كيف ترى البداية الجادة للشروع في نهضة سياحية في الكويت؟
عندما نؤمن أولا بأهمية السياحة وجدوى الاستثمار في قطاع السياحة ومردود هذا على الكويت والمواطنين، وعندما نؤسس هيئة مستقلة للسياحة تتبع مجلس الوزراء مباشرة وفق صلاحيات وخطة تشترك فيها كل وزارات الدولة والمؤسسات المعنية، وعندما يكون هناك قانون خاص بالسياحة يعالج كل الثغرات التي ندور في فلكها منذ سنين، ثم اهم خطوة وهي حسن اختيار الأشخاص، بمعنى من يتولى ماذا لابد من اختيار الأشخاص المناسبين لهذه المهمة بعيدا عن المحسوبية والترضيات.
الصراع حول شوبيز
رداً على سؤال حول مشروع شوبيز الترفيهي المجمد إلى الآن والذي كان هو أحد أبطاله، حيث استغله السنعوسي من الحكومة بنظام (pot) وصرف عليه الملايين على حد قوله - ثم اكتشف أن هناك صراعاً حول هذا المشروع، حول تفاصيل هذا الملف يقول السنعوسي: أعداء النجاح كثيرون، شوبيز كان مشروعي الأول ومصدر رزقي، وعندما فكرت من ناحية وطنية واقتصادية رأيت أنه لابد ان يكون في هذا المكان مشروع جميل ومتطور ويحاكي الزمن ويوفر كل سبل الترفيه للكبير والصغير، ودفعت الملايين من أجل تنفيذ المشروع، وبينما لا يزال عقدي مستمر وباقي فيه ثلاث سنوات، جاء زوار الليل والفجر وأصحاب النفوذ ليتفقوا على أن هذا الموقع نستحقه نحن، وقالوا في أنفسهم فلنتآمر على السنعوسي! وفي صمت مجلس الوزراء تمت المهمة القذرة على يد الوزير بدر الحميضي (الله لا يسامحه) والكلام للسنعوسي، لتتم المؤامرة الكبرى ويأتي حكم القضاء بإزالة شوبيز من أجل المصلحة العامة، بعد ذلك طُرحت المناقصة بنفس الأوراق والتصميمات التي نفذتها أنا من قبل كدليل على الغباء، ليرسو شوبيز بعد التحري على... لن أقول أسماء ولكن الله كبير وسيرون ماذا فعلوا!