وسط ماشهدته أسعار السكن الاستثماري من ارتفاعات «جنونية» في الأسعار خلال الفترة الماضية، إلا انها مع موعد قريب مع ارتفاعات أخرى، مع خروج «العزّاب» من أماكن السكن الخاص، وسط الحملة التي تقودها الحكومة حالياً لهذا الغرض.
يتساءل عبد الصمد ورفاق مسكنه من «العزّاب»، مع انطلاق الحملة إلى أين نذهب وما هو البديل؟ أهو السكن الاستثماري الذي تعتبر أسعاره «نار» ومساحاته ضيقة؟!
عبدالصمد يشتكي حاله فيقول «نحن 9 أفراد نسكن ملحقاً لا تتعدى مساحته 25 متراً، وندفع إيجاراً شهرياً يتناسب مع الدخل الذي نحصل عليه، ولايكاد يصل المبلغ المستحق على الشخص الواحد 20 ديناراً». لكن مع الحملة الحكومية للقضاء على ظاهرة العزاب بالسكن الخاص والتي تحظى باهتمام بالغ من قبل القيادات السياسية والمسؤولين، لن تصبح الخيارات أمام هؤلاء العزاب واسعة، بل ستضيق بشكل كبير، وسط غياب لحل مسبق من قبل الحكومة يتناسب معهم.
الحلول أمام العزاب بدأت فعلياً بالسعي وراء سكن جماعي في البنايات الاستثمارية في مناطق عدة بحسب رصد «الراي» إذ تبين ان هناك عقودا وقعت لعدد من العزاب في محافظات وأماكن مكتظة بالسكن العائلي في كل من الفروانية وحولي.
ويلعب حارس العمارة دور الوسيط الذي يخفي على مالك البناية أن من يقطن الشقق عائلات بينما في الوقت ذاته قد تم تأجيرها إلى مجموعة العزاب، أو في حالات أخرى يعلم مالك البناية أن من يسكنها عزاب وبالتالي يتم رفع القيمة الايجارية بأكثر من المعلن بواقع 10 في المئة زيادة وعلى العزاب الرضوخ أو البحث عن مكان آخر.
ويقول أبو سالم وهو مدير مكتب مالك 10 عقارات في الفروانية وحولي «لدينا طلبات كثيرة من عزاب للسكن في الفروانية بواقع 4 عزاب في كل شقة غرفة وصالة، وانه في حالات كثيرة تم تأجيرهم بشروط ومن أبرزها عدم فعل ضوضاء في البناية أو حدوث أي مشاكل».
وعن الاسعار التي يتم عرضها على العزاب في الوقت الراهن، قال انها على النحو التالي: غرفة وصالة تصل إلى 220 دينارا في الفروانية، وغرفتان وصالة 340 دينارا، أما في حولي غرفة وصالة 230 وغرفتان وصالة 370 دينارا بزيادة تقدر 10 في المئة عما يتم تأجيره للسكن العائلي.
بينما يؤكد الخبراء العقاريون ان المساحات الجديدة والمعروضة حاليا في الفروانية وحولي والمنقف والمهبولة قادرة على تسكين الكم الكبير من التخارجات العزابية من السكن الخاص إلى السكن الاستثماري، وان عدد البنايات الاستثمارية الجديدة وقيد الانشاء في 5 مناطق وهي حولي والفروانية والمنقف والمهبولة تصل إلى 90 بناية بواقع 3240 شقة استثمارية غرفة وصالة تنتظر السكن العزابي.
الكثير من الأهالي في المناطق السكنية، التي يغلب عليها سكن العوائل سواء في السكن الخاص أو الاستثماري، يعتبر أن وجود العزاب في أماكن السكن الخاص سبب لمضايقة للمواطنين، ولكن ما هو «الحل» حتى يتم القضاء على هذه الآفة التي ترهق تفكير المسؤولين؟
عضو المجلس البلدي الدكتور حسن كمال أكد أنه لا مفر من إخلاء مناطق السكن الخاص من العزاب، ولكن مع ضرورة وجود بديل والعمل عليه بأقصى سرعة، وهو إنشاء مدينة للعمال العزاب، والأهم من ذلك توفير وسيلة النقل الجماعي لهم حتى يتمكنوا من الذهاب إلى أعمالهم دون عناء.
ويضيف كمال «ان هذا الملف يحتاج إلى تضافر جميع الجهود فيما بين القطاع الحكومي والخاص، ولابد أن يكون تحرك الحكومة في إنشاء المدينة التي ستجمع العزاب بأقصى سرعة قبل ان تتفاقم المشكلة وتنتقل من السكن الخاص إلى العقار الاستثماري».
حلول الأزمة
واعتبر أن حلول الأزمة «معلومة لدى الجميع»، إذ انه يتبقى الإسراع في التطبيق والسعي وراء توفير جميع مستلزمات العزاب في المدينة السكنية التي تجمعهم حتى تكون المعالجة مكتملة الأطراف، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الإسراع في تنفيذ «المترو» سيكون عاملا إيجابيا ومساعدا في تنفيذ المدينة العزابية التي ستعالج المشكلات في المناطق السكنية.
وبين كمال ان أي تحرك دون ذلك سيكون نقل المشكلة من مكان إلى مكان آخر، «فعلى الجميع أن يقوم بتوفير البديل المناسب قبل التفكير في حل المشكلة بدون حل منطقي».
من جانب آخر، قال ابو غانم وهو أحد التجار الذين يديرون أماكن ومساحات مؤجرة لعزاب «نلتزم بالقانون وعلينا تنفيذه بإخلاء المساحات التي يقطنها العزاب، ولكن لابد من توفير مساحات بديلة لهم»، متسائلا «فئة العزاب كبيرة جدا في السكن الخاص فأين ينتقلون بعد الإخلاء؟».
وأشار ابو سليمان إلى أن الحل الأسرع في القضاء على المشكلة برمتها يأتي من خلال المدينة العزابية ومرافقها والنقل الجماعي، لافتا إلى أن العزاب لديهم رغبة في أن يكون لهم مكان بديل حتى ولو أي مكان شرط ان يكون وسيلة المواصلات متوفرة وباسعار تناسبهم. وأكد ان الرادع سواء غرامات للمخالفين أصحاب البنايات او المستأجرين هو حل وقتي للإخلاء، حيث ان هناك حالات فعلا بدأت بإنذار المستأجرين بضرورة الإخلاء، لافتا في الوقت نفسه أن الجميع لديه رغبة في الالتزام بالقانون، ولكن يحتاجون وقتا لمعالجة الأزمة دون ضرر لأي طرف سواء المالك أو المستأجر.
في المقابل لم يخلُ حديث يجمع عزابا أو عمالا يسكنون في السكن الخاص من هذا الموضوع الذي يعتبر مؤرقاً فكريا لهم، ولسان حالهم ماذا نفعل إذا طالب الملاك بالإخلاء، والاسعار التأجيرية في العقار السكني عالية، ولم نتمكن من مجاراتها كون أن رواتبنا قليلة وأغلبنا يعمل «باليومية».
الزيادة 100 في المئة
ويقول مجدي وهو أحد العزاب الذي يقطن في منطقة خيطان، سنتوجه للعقار الاستثماري رغم أن الأسعار غالية جداً، فماذا نفعل، مكتفيا بالقول «نحترم القانون»، في الوقت نفسه أشار إلى أنه سمع بمدينة تجمع العزاب قريبا، لكن أكد انه سيصرف أموالا قد تكون أكثر من مرتبه في السكن بالعقار الاستثماري قبل ان ترى هذه المدينة النور! ويشير محمود وهو أحد العزاب «لم نتلق حتى الآن إخطارا من مالك السكن حتى نقوم بالإخلاء، ولكن علينا التفكير جديا في هذا الأمر قبل ان نأتي يوما ونسكن على ارصفة الشوارع»، لافتا إلى أنه لا بديل لدينا ولكن سننفذ القانون أيا كانت مخاطره علينا، وسنتوجه إلى الفروانية.
ويشير عبد الله انه تحصل الاسبوع الماضي على سكن له في المنقف بقيمة ايجارية في الشهر 200 دينار له ولعدد 3 أشخاص آخرين بينما كان يدفع في السكن الذي كان يسكنه في مناطق السكن الخاص 100 دينار. الجدير بالذكر ان البلدية أعلنت أخيرا على لسان أحد مسؤوليها ان الانتهاء من مشكلة العزاب ستكون عن طريق انشاء مدن خاصة لهم، في حين ان أول مدينة لهم ستطرح للقطاع الخاص بعد شهرين وستكون في الجهراء.