عاد إلى البلاد مساء أمس من شرم الشيخ سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والوفد المرافق بعد افتتاحه «قمة العزم» بكلمة جامعة طافت على كامل المشهد السياسي «في وطننا العربي الذي يزداد سوءاً وتعقيداً»، واضعاً مواجهة التحديات في إطار «جهد جماعي ووحدة صف صلبة وعمل عربي مشترك وترفُّع عن الخلاف والاختلاف، في إطار عمل عربي مشترك يحفظ أمننا الإقليمي ويلبي طموحات شعوبنا».
في المشهد اليمني أكد سموه أن الكويت أعلنت دعمها ووقوفها التام مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية وبقية الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي في حقها في الدفاع عن نفسها، مؤكداً أن «التطورات في اليمن واستيلاء الميليشيات الحوثية على الشرعية مثلت مبعث قلق وتهديد لأمننا»، مناشداً دول العالم «مد يد العون والمساعدة الى الشعب اليمني الشقيق ليتجاوز هذه الظروف التي نأمل أن تنتهي سريعاً».
وفيما شدد سموه على أن الصراع في سورية «لن ينتهي إلا بحل سياسي يكفل لسورية سيادتها ووحدتها ويعيد الاستقرار الى ربوعها ويحقق مطالب شعبها المشروعة»، دعا سموه الى «المشاركة الفاعلة والسخية» في المؤتمر الدولي الثالث للمانحين الذي تستضيفه الكويت نهاية الشهر الجاري.
وإذ أوضح سموه أن القضية الفلسطينية تبقى أولوية لنا نسعى لحلها بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، أكد الثقة «بقدرة الأشقاء في العراق على تجاوز الظروف الصعبة التي يمرون بها»، داعياً ايران الى التجاوب مع الجهود الدولية المبذولة حول برنامجها النووي بما يبدد شكوك المجتمع الدولي.
وحذر سموه من أن الارهاب يأتي كأبرز التحديات «التي نواجهها ويواجهها معنا العالم أجمع»، منادياً الى مواجهة الظاهرة بجهود شاملة وفكر استراتيجي يدرك أن المواجهة فكراً وعقيدة بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان وجوانب لأبعاد سلوك المواجهة، لنتمكن من تحصين شعوبنا ودولنا من أفكار تلك الجماعات الضالة وفكرها المدمر.
وحول تطورات الوضع في ليبيا، أعرب سموه عن القلق ازاء هذه التطورات وتداعياتها على دول المنطقة، مؤكداً ضرورة تضافر الجهود لإيجاد حل لهذا الصراع يحقن الدماء ويعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
إلى ذلك، قال رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم إن كلمة سمو أمير البلاد أمام القمة العربية «كانت بمثابة بيان عربي شامل وواضح ازاء أهم التحديات التي تواجه العالم العربي».
واضاف الغانم، الذي يترأس حاليا الوفد البرلماني الكويتي في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي بهانوي في تصريح لوكالة الانباء الكويتية «استمعنا بإمعان لكلمة سموه فكانت أشبه ببيان عربي غطى كافة الملفات الملحة والمزمنة التي يعاني منها العالم العربي وعلى درجة كبيرة من الوضوح والدقة».
واضاف الغانم «كانت مواقف سموه ومرئياته على قدر من العمق والمباشرة ازاء اهم القضايا، ومنها التغيرات التي شهدها العالم العربي منذ اربع سنوات وملف الارهاب وتطورات الأوضاع المتسارعة في اليمن والقضية الفلسطينية والأوضاع في العراق وليبيا والبرنامج النووي الايراني، واخيراً الوضع في سورية حيث دعا سموه دول العالم كافة الى المشاركة الفاعلة والسخية في مؤتمر المانحين الثالث الخاص بسورية والذي تستضيفه الكويت بعد ايام».
وأكد الغانم ان كلمة سموه بما تضمنته من قراءة عميقة وحكمة وبعد نظر «كانت ايضاً اشبه بخارطة طريق لدول المنطقة للتصدي لكافة التحديات التي تواجهها وللخروج من المأزق العربي الراهن».
من جهته، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ان «هناك اطرافاً خارجية تحاول استغلال ظروف الامة العربية للتدخل في شؤونها».
وقال السيسي في كلمته، بعد تسلمه رئاسة القمة العربية من سمو الأمير، انه «يتعين علينا وضع منهج معالجة للتحديات التي تواجه الامة العربية يتسم بالمصداقية واتخاذ الاجراءات العملية، بما يتسق مع هدفنا في المحافظة على الهوية العربية ومنع المساس بسيادة الدول العربية الشقيقة».
وقال السيسي «ان التحدي الذي تواجهه الأمة العربية هو الأخطر في تاريخها حيث يستهدف احداث الفرقة بين مواطنيها على اساس الدين او المذهب».
واشار الى أن «فشل مساعي الحوار في اليمن استدعى أن يكون هناك تحرك عربي حازم»، مشدداً على أن «ما آلت إليه الاوضاع في ليبيا لا يمكن السكوت عنه».
وتعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بأن «تستمر عاصفة الحزم حتى تتحقق جميع الاهداف وينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار»، مؤكداً أن «العدوان الحوثي» في اليمن يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة العربية.
ووصف خادم الحرمين التحركات الحوثية في اليمن بأنها «انقلاب على السلطة الشرعية واحتلال للعاصمة صنعاء».
ودعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمام القمة العربية الى استمرار التدخل العسكري حتى يعلن الحوثيون «استسلامهم» واعتبر هذا التدخل «تطبيقاً عملياً» للقوة العربية المشتركة.
وقال هادي «ادعو الى استمرارِ عملية عاصفة الحزم حتى تعلن هذهِ العصابة (الحوثيون) استسلامها وترحل من جميع المناطق التي احتلتها في مختلفِ المحافظات وتغادر مؤسسات الدولة ومعسكراتها وتسلم كافة الاسلحة الثقيلة والمتوسطة سواء التي نهبتها من معسكرات ومخازن الدولة أو التي سبق أن أمدتها بها إيران للحرب على الدولة والشعب اليمني، وحتى يسلم قادة هذه العصابة انفسهم للعدالة».
واعتبر ان هذا التدخل هو «تطبيق عملي» لاقتراح تشكيل قوة عربية مشتركة.
ووصف هادي الحوثيين بأنهم «دمية إيران»، وقال مخاطباً القمة العربية «أتيت إليكم اليوم من اليمن الجريح مشاركاً في القمة العربية. مسؤوليتكم اليوم تتجلى في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية مؤسسات الدولة من النهب وحماية المواطنين». وأفيد مساء، أن هادي عاد الى الرياض برفقة خادم الحرمين.
ودعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الى احترام شعب اليمن وسحب الميليشيات من مؤسسات الدولة واستكمال العملية السياسية والوقوف بجانب الشرعية للحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وتابع «لن تألو دولة قطر جهداً لتحقيق ذلك، وستبقى داعماً للحوار الوطني بين جميع الأطراف».
وتابع: «لا حل عسكرياً في ليبيا، ويجب الدفع بالحل السياسي من خلال احترام إرادة الشعب الليبي وتهيئة الظروف، بمشاركة جميع القوى السياسية، دون إقصاء أو تهميش بعيداً عن التدخلات الخارجية».
وشهدت القمة، على هامش اليوم الأول، لقاءات ثنائية وثلاثية عربية مهمة، من بينها «ثلاثي» بحضور قادة السعودية ومصر واليمن، لبحث الأوضاع في اليمن، في ضوء «عاصفة الحزم».
وثمنت أوساط ديبلوماسية عربية، مشاركة سفير قطر في القاهرة سيف المقدم البوعينين، ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، ضمن الوفد الرسمي المرافق لأميرقطر.
وذكرت المصادر لـ «الراي»، أنه ينظر سياسياً وديبلوماسياً لهذه المشاركة باعتبارها مؤشراً على انتهاء فترة استدعائه من قبل حكومته في التاسع عشر من فبراير الماضي، للتشاور، في ضوء خلافات بين القاهرة والدوحة.
وكشفت مصادر ديبلوماسية عربية لـ «الراي» عن أن المغرب سيكون «الدولة المضيفة» لأعمال القمة العربية في دورتها الـ 27، حيث من المنتظر أن يعلن ذلك في ختام أعمال قمة شرم الشيخ.