حسم الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الأمر المتعلق بجواز سفر أي لاعب يريد المشاركة ضمن بطولاته الرسمية نهائياً.
«يا أسود يا أبيض»، ولا مكان متاحاً للون «الرمادي» في «المستطيل الآسيوي».
«الجواز الأزرق» الكويتي هو الهوية الأصلية التي يسمح بها الاتحاد الآسيوي الى ختمه للمرور عبر بوابته المؤدية الى الملعب. أما غير ذلك فلن يكون لأي لاعب فرصة للمشاركة.
هذا القرار يعتبر بمثابة الاشارة الحمراء للاتحاد الكويتي الذي اعتاد منذ سنوات طويلة استخراج «الجواز الرمادي» الموقت للاعبين غير محددي الجنسية (البدون) الذين يعتبرون كويتيّي المولد والنشأة الى ان يصبحوا رجالاً مسؤولين، لا يختلفون عن أي لاعب كويتي آخر في اللهجة والعادات والتقاليد، وقد يرتبطون معه بالعائلة نفسها أو القبيلة ذاتها، لكن مجموعة من الأوراق الحكومية لا ذنب لهم فيها... فرّقتهم.
«الجواز الأزرق» لونه كلون فانيلة المنتخب الوطني، كلاهما مرتبط بالآخر لدى الاتحاد الآسيوي للعبة الذي وجد في اللون «الرمادي» تحايلاً على قانونه، لذا اتخذ القرار بإلزام كل لاعب بالانتماء القانوني الى منتخب بلاده من دون «لف ودوران».
«البدون» غذوا الملاعب الكويتية منذ نشأتها وحتى الان بالعديد من المواهب وفي الرياضات كافة، ساهموا في إحراز الالقاب الاقليمية والقارية والعالمية، كان أبرزهم على الاطلاق الدولي السابق في لعبة كرة القدم مؤيد الحداد القادم من نادي خيطان المغمور في بداية الثمانينات من القرن الماضي، الى أضواء القادسية والمنتخب.
الحداد شارك مع «الازرق» في العديد من الاستحقاقات الدولية، وقاده الى لقب «خليجي 8» فى البحرين، واختير أفضل لاعب في البطولة التي كانت تضم «عتاولة» المنتخبات الخليجية مثل السعوديين ماجد عبدالله ويوسف ثنيان، والاماراتيين عدنان الطلياني وفهد خميس، ونجوم «الازرق» وفي مقدمهم «الملك» فيصل الدخيل.
الحداد شارك بالجواز «الرمادي» ولم يبالِ باللون، كان انتماؤه كويتياً في كل شيء على الرغم من أن عددا من دول الخليج قدمت له كل الإغراءات لتمثيل شعارها بجواز أصلي الى جانب التأمين المادي، لكنه رفض وفضل «الرمادي» الذي يُفقده أبسط الحقوق الانسانية.
الحداد تابع مشواره الكروي الطويل حتى اعتزل كلاعب «بدون»، وقد التفتت اليه الحكومة قبل سنوات قليلة بعدما شاب وأكل عليه الدهر ومنحته الجنسية لاعتبارات أخرى ليس لـ«الساحرة المستديرة» أي علاقة بها.
واليوم تتكرر المأساة نفسها مع عدد من النجوم «البدون» الذين يملكون موهبة الحداد نفسها. هؤلاء يجدون أنفسهم الآن بعد قرار الاتحاد الآسيوي أسرى لهذا النظام، اذ لا يحق لهم تمثيل الكويت بالجواز «الرمادي» الذي كان القانون في السابق يسمح به، والحكومة ترفض بشكل قاطع منح الجواز «الازرق» المرتبط بالحصول على الجنسية الكويتية.
كلنا يتذكر فهد العنزي الذي عاش السيناريو نفسه الذي عاشه مؤيد الحداد، وقاد الكويت الى إحراز لقب «خليجي 20» في اليمن، وحصل على أفضل لاعب، وتلقى الوعود بالجملة لمنحه الجنسية من باب «الخدمات الجليلة»، لكن تلك الأحلام والوعود تبخرت مع مرور الوقت، ثم عادت الجنسية مرة أخرى وبقوة بعد الهدف الرائع الذي سجله في الدقيقة الاخيرة وفازت من خلاله الكويت على العراق في «خليجي 23» الاخيرة التي أقيمت في العاصمة السعودية الرياض.
وأيضاً وأيضاً عادت حليمة الى عادتها القديمة حتى فقد اللاعب كل الأمل في تمثيل بلاده بشكل قانوني، قبل ان تظهر موجة ضياع الجوازات منه ثم من زميله عبدالرحمن باني.
هل هي حقيقة أم رسالة يريد اللاعبان ايصالها الى الجهات المسؤولة عن وضعهما الكروي التعيس والذي زاده الاتحاد الآسيوي سوءاً بقراره الاخير؟
مدرب «الازرق» التونسي نبيل معلول أعلنها صراحة في المؤتمر الصحافي الاخير الذي أُقيم في مقر الاتحاد في العديلية عندما قال: «أريد فهد العنزي ونايف زويد وأحمد حزام للمرحلة المقبلة التي يستعد فيها الفريق لاستحقاقات مهمة».
معلول يعرف تماماً تأثير غياب هؤلاء ويدرك أيضا ان حضورهم معه سيؤثر ايجاباً في مسيرة المنتخب.
كانت رسالة معلول واضحة وهو لم يتدخل بتاتاً في أمور خاصة بقوانين البلد، لكنه حملنا الى النظر الى ما يقوم به عدد من الدول المحيطة والتي منحت الجنسية لعدد من اللاعبين الذين لا يرتبطون بها باللغة وربما بالدين، لكنها وجدت ان هؤلاء سيساهمون في تمثيلها أفضل تمثيل.
دولة خليجية اخرى منحت الجنسية للاعبي كرة قدم من أفريقيا، كما انها استفادت من التجنيس لرفع علمها في الاولمبياد عبر مسابقة ألعاب القوى، وهو الامر الذي حقق مصالحها ورفع من شأنها.
«الأزرق» سيلعب خلال الفترة المقبلة «بدون» نجومه، فهد العنزي وأحمد حزام ونايف زويد وعبدالرحمن باني، وربما غيرهم كثيرون في السنوات المقبلة. هؤلاء مصيرهم الدوري الكويتي أو الهروب الى دولة أخرى تمنحهم جوازها الشرعي.