توافدت على باحات المسجد الكبير جموع المتهجدين والقائمين لإحياء الليلة الثانية من ليالي العشر الأواخر من رمضان، في مشهد إيماني يتأهب له مسجد الدولة الكبير في كل عام، وقد جاءت الوفود مشتاقة للطاعة وإحياء هذه الليلة والعيش في هذا الجو الإيماني المهيب، والاستمتاع بما يتلى من آيات الذكر الحكيم على ألسنة ثلة من القراء الكويتيين المتميزين، بالاضافة الى التزود بالعلم النافع والموعظة الحسنة من دعاة ربانيين، ولوحظ تضاعف الأعداد بشكل كبير، مقارنة بالليلة الأولى، إذ بلغ عدد المصلين 60 ألفا حرصوا على الحضور مبكرا، لاغتنام النفحات الإيمانية التي أودعها الله عز وجل في هذه الليالي المباركة. وقد كبّر المصلون تكبيرة الإحرام إيذانا بالبدء في الصلاة خلف القارئ خالد الجهيم الذي أمتع الحضور بقراءته التي استهلها بالآية الـ 35 من سورة الكهف وحتى الآية الـ 74 من السورة نفسها في الركعتين الأولى والثانية، ومن الآية الـ 75 من سورة الكهف وحتى نهاية السورة في الركعتين الثالثة والرابعة، وكان لافتا للقلب قبل النظر ما اتسمت به التلاوة من خشوع.
أما الركعات من الخامسة وحتى الثامنة فقد حلّق القارئ المحبوب ذو الجماهيرية العريضة في العالم العربي والإسلامي مشاري العفاسي فيها بجموع المصلين في بستان سورة مريم عليها السلام من أولها وحتى الآية الـ 64 في الركعتين الأوليين، ومن الآية الـ 65 من سورة مريم الى الآية الـ 37 من سورة طه، ورفع بعد ذلك أكف الضراعة للباري عز وجل بأن يتقبل الصلاة والصيام والقيام، راجيا الرحمة والمغفرة لجموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وقد تعالت أصوات الأفئدة مؤمنة خلف العفاسي الذي ألهب القلوب في صورة إيمانية بديعة.
وبعد انتهاء الركعات الأربع الأولى جلس الجميع يتدارسون كتاب الله، متلمسين ان تحفهم الملائكة وتغشاهم الرحمة وتنزل عليهم السكينة، وهم يستمعون الى الداعية عبدالحميد البلالي في خاطرة إيمانية ركز فيها على جملة من القيم الإيمانية السامية التي يخرج بها المسلم الصائم من مدرسة رمضان، مؤكدا ان أهم ما يخرج به الصائم من هذه الشعيرة العظيمة هو تقوى الله عز وجل، تحقيقا لقول الله تعالى (لعلكم تتقون). وأضاف الداعية البلالي ان الصيام يوقظ الشعور الإنساني في النفس البشرية، ويذكر المسلم بنعم الله الكثيرة ومنها نعمة الشبع، إذ إنه يشعر بحال الفقراء المعدمين الذين يحرمون من الطعام أحيانا.
وحث البلالي جموع المصلين على اغتنام هذه الأيام المباركة والتماس ليلة القدر التي تعدل في عبادتها أكثر من 83 عاما، داعيا الله عز وجل ان يمتع بلاد المسلمين عامة والكويت خاصة بنعمة الأمن والإيمان.
العصفور: كراسي متحركة لكبار السن ومحاضرات للنساء والجاليات
توقع مدير ادارة مسجد الدولة الكبير احمد العصفور ان يصل عدد رواد المسجد في العشر الاواخر من هذا العام الى اكثر من 150 الف مصل، لاسيما في ليلة السابع والعشرين بعد ان بلغ 120 الفا في الليلة نفسها من العام الماضي، رغم ما كان سائدا وقتها من تخوف من مرض انفلونزا الخنازير، قائلا: تشير التوقعات هذا العام الى زيادة هذا العدد بشكل كبير قد يصل الى 150 الف مصل، لاسيما اننا امام مشايخ وقراء ووعاظ يحظون بشعبية كبيرة.
وقال العصفور ان المسجد يشهد هذا العام تغيرات كثيرة اولها التعاون مع القراء والوعاظ الشهيرين في الكويت لاحياء الليالي العشر امثال مشاري العفاسي وخالد السعيدي وفهد الكندري وخالد الجهيم وماجد العنزي وعبدالله الهزيم وقتيبة الزويد، كما سيشارك عدد من الوعاظ منهم الدعاة احمد القطان ونبيل العوضي وابراهيم الكفيف العجمي وعبدالحميد البلالي وخالد شجاع واحمد الفلاح وبدر الحجرف، وذلك تلبية لطلبات المصلين وللقاعدة الجماهيرية التي يتمتع بها هؤلاء الدعاة، وهو ما سيجعل المسجد الكبير قبلة للمصلين خلال الليالي العشر.
واكد العصفور على ان ادارة المسجد ابرمت جميع العقود الخاصة بإقامة الخيام خلال العشر الاواخر بأسلوب جديد يتم من خلاله ايصال التيار الكهربائي المباشر بدلا من الاعتماد على المولدات الكهربائية التي كانت تنشر الدخان الكثيف الذي قد يؤذي المصلين، بالاضافة الى تحقيق الناحية الامنية التي زادت الاطمئنان نتيجة لايقاف الاعتماد على مولدات الديزل، متقدما بالشكر لورثة مبارك الحساوي الذين تبرعوا بالخيام.
واضاف ان الادارة حرصت على توفير 50 باصا لنقل المصلين من مواقف السيارات البعيدة الى حرم المسجد تسهيلا للحركة والتنقل وتفاديا للاختناقات المرورية التي قد تحدث لو توافدت هذه الجموع منفردة، كما تم وضع مواقف سيارات للمعافين وتم توفير 50 كرسيا متحركا لمساعدة كبار السن للوصول الى المسجد بسهولة.
واشار العصفور الى ان هناك محاضرات للنساء تبدأ الساعة الحادية عشرة مساء في قاعة عبدالله النوري بالساحة الجنوبية للمسجد، وكذلك محاضرات وعظ للجاليات في قاعة عبدالله العلي المطوع بمشاركة دعاة من خارج الكويت، فهناك دعاة من بنغلاديش وباكستان والهند والفلبين وغيرها.