اكد خبيران ان التذبذب الحالي الذي تشهده اسعار النفط يعود الى عوامل متضاربة تؤثر في السوق النفطية بعضها يدفع للارتفاع مثل المضاربة واستمرار النمو في الصين، وبعضها يدفع للانخفاض مثل استمرار ازمة اليونان وتزايد احتمالات انتقالها الى دول اخرى.
وقالا لوكالة الانباء الكويتية (كونا) امس ان هذه العوامل تسبب تذبذبا مؤقتا في اسعار النفط لكن احتمالات الارتفاع على المدى البعيد كبيرة للغاية، مستبعدين ان يستمر هذا التذبذب ابعد من موسم الصيف الحالي.
وخلال الاسبوعين الماضيين شهدت اسعار سلة اوبك تذبذبا كبيرا حيث تراجعت من مستوى 25ر73 دولار للبرميل في يوم 17 مايو بشكل متذبذب الى ان وصلت الى مستوى 84ر66 دولار في 25 مايو الماضي، ثم عاودت الصعود مرة اخرى وبشكل متذبذب ايضا الى ان وصلت 86ر72 دولار للبرميل في 3 يونيو الحالي.
وقال الخبير النفطي خالد بودي لـ«كونا» ان ازمة اليونان اثرت كثيرا في الاسعار والاخطر هو احتمالات امتدادها الى دول اخرى في اوروبا، مبينا ان هناك شعورا بعدم التفاؤل تجاه اقتصاديات اوروبا، لكن هذه الاوضاع تحتاج الى شهرين على الاقل حتى تستقر.
واشار بودي الى ان هناك مؤشرات ايجابية من اقتصاديات كبرى خصوصا الاقتصاد الاميركي مما يشير الى احتمالات استمرار الانتعاش العالمي، وهذا في حد ذاته سيرفع الطلب على النفط مما يؤثر ايجابيا في الاسعار. واضاف انه ليس هناك خوف على اسعار النفط على المدى البعيد لان كل التوقعات تشير الى ان الطلب عليه سيشهد ارتفاعا كبيرا يقدر بـ 50 في المئة من وضعه الحالي في عام 2030 أي انه سيصل الى ما بين 120 و 125 مليون برميل في ذلك العام، وهذا من شأنه ان يدفع بالاسعار الى الارتفاع.
ارتفاع الأسعار
واضاف ان ارتفاع الاسعار على المدى البعيد سيكون له سبب آخر ايضا هو التضخم الذي يشهده العالم مبينا ان سعر 75 دولارا للبرميل قد يكون مناسبا اليوم، لكنه بعد عشر سنوات لن يكون مناسبا نظرا الى التضخم الاخذ في الارتفاع وقد يكون السعر المناسب ساعتها هو 120 دولارا للبرميل وذلك في حال ظلت باقي العوامل كما هي.
واشار الى ان كل الحقائق تؤكد ان النفط سيستمر مصدرا رئيسيا للطاقة خلال الفترة المقبلة.
وحول ارتفاع المخزون في الدول الكبرى قال ان هذا العامل يمكن ان يؤثر مرحليا او بشكل مؤقت على الاسعار لكن تأثيره لن يدوم طويلا لان المخزون بطبيعته لا يستمر لأكثر من 3 او 6 اشهر.
عوامل متضاربة
من ناحيته اكد الخبير النفطي الدكتور طلال البذالي ان اسعار النفط في الوقت الحالي تتأثر بعوامل متضاربة، فعلى سبيل المثال كان متوقعا ان ترتفع يوم الجمعة الماضي بسبب التوترات في المنطقة خصوصا بين تركيا واسرائيل، لكنها خالفت الظنون وانخفضت بمقدار 3 دولارات بسبب ازمة اليونان.
واشار البذالي الى ان المتعاملين في السوق يبدو انهم لم يعيروا اهمية كبيرة لازمة تركيا واسرائيل باعتبار انها ازمة دبلوماسية يمكن حلها بينما ازمة ديون اليونان هي مشكلة كبرى، خصوصا انها امتدت الى دول اخرى مثل هنغاريا وهو ما سيعني انها قد تؤثر كثيرا في اسعار النفط.
واوضح ان الاسعار خلال الفترة المقبلة ستكون رهينة لما سيتخذ من اجراءات بشأن التسرب النفطي في خليج المكسيك وما سيترتب على هذه القرارات من تداعيات على عمليات الحفر في الاماكن العميقة.
وقال ان الكونغرس الاميركي «اذا اتخذ قرارا بمنع استخراج النفط من الاعماق البعيدة فان ذلك سيدفع اسعار النفط للارتفاع بشكل كبير لان اكثر من نصف النفط المستخرج عالميا حاليا هو من البحار، مبينا ان النفط الموجود في اعماق قريبة تم استنفاد اغلبه واوشك على النضوب بينما النفط المتبقي هو نفط الاعماق البعيدة».
واضاف «اما اذا استمر الاستخراج من هذه الاعماق على حاله دون تغيير فالمرجح ان تتأثر الاسعار بشكل اكبر بالتطورات الاقتصادية في اوروبا».
وحول موقف اوبك من هذا التذبذب قال البذالي ان (اوبك) قادرة على التدخل في حال انخفاض اسعار النفط لان تخفيض الانتاج امر ممكن وفي مقدورها لكن في المقابل فان قدرتها على التدخل في حال ارتفع النفط بشكل كبير اصبحت محدودة للغاية.
وذكر ان دول اوبك لم تعد قادرة على زيادة الانتاج بكميات كبيرة والدولة الوحيدة القادرة على زيادة الانتاج بشكل كبير هي السعودية وبمقدار 3 ملايين برميل يوميا، مشيرا الى انه في حال حدوث ازمة في أي مكان يكون تأثيرها اكبر من 3 ملايين برميل يوميا فان دول اوبك لن تتمكن من التدخل او تعويض هذا الانخفاض. يذكر ان دول اوبك تعلن دائما ان السعر العادل للنفط الذي يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء هو ما بين 70 و 80 دولارا للبرميل.