من مظاهر الاسراف-وليمة خليجيةاحتلت الكويت المرتبة الثالثة على مستوى دول مجلس التعاون في ارتفاع الأسعار،فالاسعار في الكويت قبل شهرين فقط ،كانت أعلى مما هي عليه في المملكة العربية السعودية بنسبة%18 ، و%6.2 عن سلطنة عمان، و%5 عن البحرين. وقدأحال مجلس الأمة الكويتي في جلسة 27مايو 2010م توصياته بشأن موضوع 'غلاء الأسعار' إلى اللجنة المالية ومنها توصية بزيادة دعم المواد الغذائية الى 200 مليون دينار سنويا.
وفي مقارنتها للاسعار استخدمت اكثر من جهة تشريعية وحكومية قوائم لبضائع تباع في اسواق المملكة العربية السعودية لقرب تلك الاسواق ولتشابه ظروف الاستيراد والانماط الاستهلاكية في كلا البلدين .وفي هذا السياق نتتبع فقرات تقرير أعده ' NCB Capital' الذراع الاستثماري للبنك الاهلي السعودي وتم نشره في 27 مايو، يرسم فيه صورة استشرافية لما تتوقعة الاسواق الخليجية من تدهور درامي في أمدادات الغذاء، وكيف تصرفت بعض دول الخليج لمواجهة هذه الازمة .
من خلال تحذيرات مثل 'دول مجلس التعاون مقبلة على ازمة غذائية' و 'نهاية عصر الغذاء الرخيص ' يذهب التقرير الى ان اسباب الازمة المقبلة تعود الى زيادة عدد السكن في العالم، وقلة الاراضي الزراعية وتقلص كمية المياه ، بالاضافة الى التغيرات البيئية التي يتعرض لها العالم ومالها من اثر مدمر على الاراضي الزراعية ، بالاضافة الى تحول منتجي الغذاء في الولايات المتحدة وأوربا واسيا الى زراعة محاصيل يتم استخدامها في الوقود الحيوي مما ادى مثلا الى ارتفاع اسعار الذرة التي تستخدم بكثرة لانتاج الايثانول Ethanol وشح توفرها كغذاء لشعوب كثيرة. حيث قدرت منظمة الاغذية والزراعة 'الفاو ' أن 75 % من الـ 40 مليون طن من الذرة التي زرعت في جميع أنحاء العالم في عام 2007 م قد ذهبت لمحطات انتاج الايثانول كوقود، كما يتوقع تقدير' الفاو ' ان يقل انتاج الغذاء في افريقيا بنسبة 20% في العقود الاربعة القادمة .
تعتمد دول مجلس التعاون على استيراد مانسبتة 92% لتوفير حاجتها من الغذاء ، بينما تستورد مانسبته 77% من حاجتها من منتجات الالبان . ويذهب التقرير الى ان غلاء الاسعار المتوقع سيتسبب في ازمات اقتصادية واجتماعية ليست حكومات دول مجلس التعاون مؤهلة للتعامل معها بقوانينها الاقتصادية الحالية بعد طول رخاء. ولعل من أوجه التشاؤم التي ذكرها التقرير تهميشه لبعض الجهود الخليجية التي يرى انها لن تكون كافية لمواجة أزمة غلاء الاسعار وأزمة شح الغذاء المقبلة،ومن تلك الجهود إقرار المملكة العربية السعودية الشقيقة لموازنة تبلغ 12 مليار دولار لقطاع الزراعة والمياه بزيادة تبلغ 31% عما كانت عليه عام 2009م . بالاضافة الى استثمار المملكة ودولة الامارات العربية المتحدة على وجه الخصوص في الاستثمار في الاراضي الصالحة للزراعة في تركيا و باكستان واندونيسيا والسودان وتنزانيا وكينيا واثيوبيا و بعض الدول الافريقية الاخرى، حيث يصل ما تستثمره الرياض وابوظبي حول العالم الى حوالي 6 مليون هكتار. كما يشير التقرير الى أن هناك جهود سعودية على مستويات حكومية وخاصة لشراء المزارع المنتجة للارز والشعير و الذرة في مصر واثيوبيا وجنوب افريقيا وكازاخستان،بل وحتى في استراليا والبرازيل،وللسعوديين في هذا المجال جهود كبيرة تشجع اصحاب الاراضي على تأجيرها لهم حيث انهم يستثمرون اموال طائلة في تطوير التكنلوجيا الزراعية ، وإدارة الري وتوفير بذور محسنة قادرة على النمو بكميات مياه قليلة .
وهنا نتساءل الى أي مدى ستسمح لنا هذه الدول 'باستعمار' اراضيها خصوصا انها تواجه نفس المشاكل البيئية والسكانية التي تعاني منها بقية دول العالم ؟ ولماذا لم تكن الكويت وبقية دول الخليج العربي الاخرى من الدول الاستعمارية في مجال الغذاء حتى الان ؟