حكايتي مع رضا ...
 
رضا .. فتاة ... بنت بلد ... في لحظات تلتف بملاية لف ... كما يُقال عن لباس النساء في المناطق الشعبية

بنت شبرا ..
 
وما أدراكم ما شبرا ...
الناس تعرف بعض ... الجيران لبعضهم ... تجد كل ما تريد بشكل ميسر ... الأكل ... اللبس ... المواصلات
 كل شيء مُتاح تجده ...
 
كُنت أراقبها من بعيد ...
وأنا طفل لم يبلغ الثالثة عشر من عمره ...
 أرقبها لقوة شخصيتها ...
 ست بعشرة رجال كما يُقال ... كانت تهتم بي ... عندما تريد الذهاب لأي مكان ... تناديني وتقول ...
 
تعالي معي علشان يكون معايا راجل!
 وأنا كنت أراها بعشرة رجال كما أسلفت ...
 
رضا كانت تكبرني بسنوات كثيرة ... أعتقد 9 سنوات أو أكثر ...
 رضا ...
 تذهب بي إلى الحسين وتتركني لأصلي هناك ... وتذهب هي لخضر العطار تشتري البهارات وتعود لتجدني في نفس المكان الذي تركتني فيه في فترة قياسية ... كنت أصلي بسرعة لكي لا أضيع في زحام الناس ..
 
كانت لا تبحث عني كثيراً ... لأنني كنت أجدها بسرعة ...
 وكأنني كنت بحاجة لها لكي أعود أكثر من حاجتها هي للبحث عني ... هكذا كنت أظن!
 
رضا ...
 في يوم من الأيام .. سمعت أن رجل من الحارة يريد أن يتزوجها .. وهو الفتوة ... لا يمكن لأحد أن يعارضه...
 تزوجا ...
 وكل يوم يضربها ...
 وأنا أسمع أنه يضربها ولا أعرف كيف أتصرف ...
 كان يضربها ويضرب أمها ... كان ليس رجل!
 في يوم من الأيام سألتها ...
 لماذا تتركيه يضربك؟
 قالت ... زوجي يضربني ... ويصالحني .. أفضل من العيش بلا زوج!
 وقالت إنها لا تكرهه...
 
في يوم من الأيام ...
 سمعت أن الشرطة تضرب زوجها في الشارع في ساعة متأخرة من الليل ... وسمعت صراخ رضا ...
 ليس كصراخها كل يوم عندما يضربها زوجها ..
 إنما صرخات خشية فقد زوجها من قوة الضرب ...
 
ذهبت لمكان الموقعة ...
 وإذا بالشرطة ... يضربونه بقوة ... وهي تحاول أستخلاصه منهم دون جدوى ...
 وتلقي بنفسها عليه ... ويضربونه ...ويبعدونها ...
 
رضا تصرخ بمرارة ... وأنا مُلتف بحزني ... لا أدري .. هل أفرح لأن زوجها يُضرب لأول مرة ولأنه كان يضربها؟
 أم أحزن لأنها حزينة لضرب زوجها من قِبل الشرطة؟
 
أختلطت مشاعر الرضا والرفض ..
 
أخذوا زوجها في سيارة الشرطة وهي تحاول الإمساك بأي شيء ... من السيارة لكي تركب معه!
 وأنا مذهول ...
 لا أدري ... هل أساعد رضا لكي تركب مع زوجها ... أم أحاول أن أثنيها عن الوصول إليه ...
وتتركه لترتاح من ضربه اليومي؟
 
أصبحت في حيرة وقتها ...
 المهم ...
 
أنني غادرت رضا ... وعدت أبحث عنها بعد 15 عام تقريباً ... حاملاً معي هدية لها ... حاولت الوصول لها لكي أعطيها الهدية ..
 لم أعثر عليها ...
 ولم أستدل على المكان ... ولم أحمل معي لكي أبحث عنها ... إلا ذكرياتي ... وبعض من عبق المكان ...
 ومشاعر أردت أن أصرح لها بها ... وهي ...
 أنتِ يا رضا ... بنت بلد مُحترمة ... وعظيمة ... وتستحقين وسام على صدرك لأنك ... زوجة تعاملت يوماً ما مع أفضل المتاح ... رغم مرارته ولكن بشيء من الإخلاص ... والتقدير ... والحب!
 
سلامي إليكي يا رضا ... وهديتك مازالت موجودة!

.