ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن دول الربيع العربى فى حاجة إلى المجتمع الدولى لأن يقدم إليها مساعدة مالية تتراوح بين 30 و40 مليار دولار سنويًا، وعلى مدار ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى مساعدة هذه الدول فى بناء المؤسسات وتحرير التجارة، باعتبارهم فى أمس الحاجة ذلك.

وقالت الصحيفة واسعة الانتشار فى تقرير لها نشرته مؤخرًا إن هذه وصفة من كبار الاقتصاديين فى البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير والبنك الدولى لمنطقة الشرق الأوسط.

ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن الاضطرابات التى نتجت عن الثورات فى مصر وتونس وليبيا والحرب الأهلية الدائرة فى سوريا دمرت اقتصاداتها، كما فاقمت الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية التى أطاحت بالأنظمة السابقة.

ويشير التقرير إلى ارتفاع معدل البطالة فى مصر مما كان عليه فى عام 2010 على سبيل المثال، بينما ظل دعم الوقود على حاله فى ظل تدهور الخدمات الحكومية بالدولة التى شهدت ثورة فى بداية 2011، وبلغ العجز المالى 14? من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى الأخير 2012-2013.

كان بنك "إتش إس بى سي" قد ذكر الأسبوع الماضى أن ثورات الربيع العربى ستفقد دول الشرق الأوسط نحو 800 مليار دولار من الناتج الاقتصادى بنهاية العام المقبل، إذ تواجه تلك الدول صعوبة فى استعادة الاستقرار.

وأظهرت الدراسة التى أجراها البنك البريطانى قبل أيام أنه بنهاية 2014 سيكون الناتج المحلى الإجمالى للدول السبع الأكثر تأثرًا "مصر وتونس وليبيا وسوريا والأردن ولبنان والبحرين" أقل بنسبة 35% مما كان سيسجله لو لم تحدث تلك الثورات فى 2011.

وقال البنك: "التدهور الشديد فى الميزانية وتراجع فاعلية الحكومة والأمن وسيادة القانون كل ذلك سيضغط بشدة على جهود صانعى السياسات فى هذه الدول حتى فيما يتعلق بإعادة التوظيف إلى مستويات ما قبل الثورة".

وتوقع البنك البريطانى تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 4% هذا العام ثم ارتفاعه قليلاً إلى 2.‏4% فى العام المقبل مقارنة مع 5.‏4% فى العام الماضى و9.‏4% فى 2011.

وتنطوى هذه التوقعات على تفاوت كبير بين دول الخليج الغنية بالنفط التى ازدهرت بوجه عام وبين الدول المتعثرة فى شمال أفريقيا.

ويرى الخبراء الاقتصاديون فى المؤسسات الدولية أن الحل يمكن فى تقديم مزيد من المال والمساعدة الفنية، فبلدان الربيع العربى تلقت مساعدات من دول الخليج بقيمة نحو 28 مليار دولار، ولكن هذه الأموال عملت على سد الفجوة التمويلية أكثر من إحداث إصلاح السياسات على المدى الطويل.

وقال الخبراء إنه يتعين على المجتمع الدولى أن يضخ ما بين 30 و40 مليار دولار من المساعدات المالية المرتبطة بإصلاحات طويلة الأجل كل سنة على مدار ثلاثة أعوام، وتقديم المساعدة التقنية للتأكد من أن المال يذهب إلى الأماكن الصحيحة، بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة الحرة لتحفيز التجارة والاستثمار ودعم السياسات لتحسين كفاءة الحكومة والقضاء على المحسوبية.

وكان صندوق النقد الدولى قد توقع الأسبوع الماضى أن تحقق بلدان التحول العربى "مصر، الأردن، ليبيا، المغرب وتونس" معدل نمو متوسط "باستثناء ليبيا" 3% فى عام 2013 من 2.5% فى عام 2012، مع حدوث ارتفاع هامشى يعكس الانتعاش الوليد فى قطاعى السياحة والصادرات، وانتعاش الزراعة ما بعد الجفاف فى المغرب.

وأوضح الصندوق، أن هذا النمو المعتدل لا يولد فرص العمل اللازمة للحد من ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، والذى زاد بأكثر من مليون شخص فى تلك الدول منذ أوائل عام 2010.

وذكر صندوق النقد الدولى، فى تقرير حديث حصلت الأناضول على نسخة منه، أن العجز فى ميزانية دول التحول العربى لا يزال مرتفعًا، حيث بلغ حوالى 9% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2012 "باستثناء ليبيا" نظرًا لضعف تحصيل الإيرادات وضبط أوضاع المالية العامة التى جاءت أقل من المتوقع.