رحب خبراء بإعلان الحكومة اعتماد سياسة اقتصادية توسعية تعتمد على ضخ المزيد من الأموال بالسوق، وعدم الاتجاه للسياسات التقشفية فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تعانى منها مصر حاليا.

وتعتمد الحكومة خلال الفترة المقبلة على ضخ المزيد من الأموال بالسوق من خلال دفع مستحقات قطاع المقاولات، وزيادة الرواتب بصرف العلاوة الاجتماعية بواقع 10%، بدءا من راتب أغسطس الجارى، بالإضافة لزيادة معاشات الضمان الاجتماعى، وهو ما يسهم بدوره فى رفع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة معدلات الاستهلاك، بما يرفع معدلات النمو.

وقال الدكتور أحمد جلال وزير المالية، إن الحكومة مهتمة حاليا بما يمكن أن تفعله لتنشيط الاقتصاد، وكيفية سد فجوة الادخار، للوصول إلى معدلات نمو تستوعب الداخلين الجدد فى سوق العمل بجانب جزء من البطالة المتراكمة، لافتا إلى أن معدلات الادخار المحلية تدور حول 15% من الدخل القومى، فى حين نحتاج لزيادتها إلى نحو 25 أو 27% لتحقيق نمو مرتفع.

من جانبها أيدت الدكتور إجلال راتب مستشار معهد التخطيط القومى، الاتجاه الحكومى، لافتة إلى أن المشكلة الرئيسية فى مصر وهى عدم الاستقرار فقد تم حلها بنسبة 80%، وبمجرد الانتهاء من هذه المشكلة خلال أسبوع لابد أن تبدأ الحكومة خطتها التوسعية على وجه السرعة.

وقالت راتب إن الإجراءات المعلنة كافية على المدى القصير لتنشيط الاقتصاد وإنعاش السوق، مشيرة إلى أن إعلان الحكومة زيادة رواتب الجنود، وزيادة معاش الضمان الاجتماعى، بالإضافة إلى صرف العلاوة الاجتماعية مع رواتب الشهر الجارى سيسهم بنسبة كبيرة فى إنعاش الاقتصاد.

وكانت الحكومة قد أعلنت على لسان وزير ماليتها فى وقت سابق عن صرف علاوة اجتماعية بنسبة 10% مع رواتب شهر أغسطس تستحق بأثر رجعى عن الشهر الماضى بقيمة 2.5 مليار جنيه، ودون حد أقصى، كما أصدر عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت قرارا أمس بزيادة رواتب الجنود وضباط صف القوات المسلحة.

وأشارت مستشار معهد التخطيط إلى أن ضخ استثمارات عربية فى مصر لقيام مشاريع كثيفة التشغيل للعمالة على المدى المتوسط والطويل، فى حين أكدت كفاية الإجراءات الحكومية على المدى القصير لإنعاش الاقتصاد، معربة عن تفاؤلها الكبير للمرحلة المقبلة وتأثيراتها على الاقتصاد المصرى.

الدكتورة يمن الحماقى أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة عين شمس، قالت أن الوضع الاقتصادى لا يزال يسير نحو الأسوأ، خاصة وأن مشكلتى الأمن وعدم الاستقرار لا تزالا هما المشكلتان الرئيسيتان اللتان أثرتا سلبا على الاقتصاد خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى التغيير الوزارة المتكرر ومحاولات الأخونة التى مارسها النظام السابق، وهو ما أدى لاستمرار تدهور الوضع الحالى، حيث بلغ معدل النمو 2.5% من الناتج المحلى الإجمالى وهو منخفض للغاية، ومعدل بطالة متفاقم بلغ 13.3%.

وتوقعت الحماقى أن يتحسن الوضع الاقتصادى مستقبلا فى حالة الخروج من الأزمة الحالية وحدوث الاستقرار الأمنى والسياسى، مطالبة بضرورة وجود خطط بديلة لمواجهة الأثر السلبى من خلال مشاركة القطاع الخاص، لما لديه من مرونة على مواجهة أى متغيرات.

وشددت الحماقى على أن قدوم المساعدات العربية لمصر ليس هو الفيصل فى هذه المرحلة، وإنما إدارة الأزمة الاقتصادية، مطالبة بضرورة حدوث ثورة إنتاجية لتوسيع النشاط الاقتصادى وإيجاد فرص عمل جديدة.

جدير بالذكر أن الدكتور أحمد جلال وزير المالية أعلن أن خطة الحكومة الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة تعتمد على اتباع سياسات اقتصادية توسعية مستبعدا الاتجاه للتقشف، سعيا لتنشيط الاقتصاد.

وأشار جلال إلى أن هناك رؤية اقتصادية تعمل على وضعها الحكومة حاليا تركز على ركيزتين أساسيتين الأولى الانضباط المالى والثانية تنشيط الاقتصاد، مع مراعاة العدالة الاجتماعية كعنصر حاكم عند وضع السياسات والبرامج لتحقيق هاتين الركيزتين.

وقال وزير المالية إنه على صعيد تحقيق الانضباط المالى فإن الحكومة حريصة على عدم زيادة العبء الضريبى على المواطنين وعلى الحفاظ على الدعم السلعى، وبالنسبة لتنشيط الاقتصاد نركز على زيادة الطلب الكلى بالتركيز على زيادة الاستثمارات وليس الاستهلاك، بما يسهم فى تحسين الوضع الاقتصادى على المدى الطويل، لافتا إلى أن الحكومة مهتمة ليس فقط بجذب الاستثمارات، ولكن أيضا بنوعيتها وتوزيعها الجغرافى ومدى توليدها لفرص العمل حيث نفضل كثيفة العمالة.

وأضاف جلال أن من ضمن الإجراءات التى تنفذها الحكومة لتنشيط الاقتصاد المسارعة بسداد متأخرات شركات المقاولات لدى الجهات الحكومية، لدور قطاع المقاولات فى تحريك الاقتصاد، وزيادة معدلات نموه.

وقال جلال، إن الحكومة لن تتجه لاتخاذ إجراءات تقشفية ولن تقترب من برامج دعم السلع التموينية، مع استمرار تنفيذ برامج ترشيد دعم الطاقة غير المبرر وغير العادل، والذى لا يحقق الأهداف التنموية، وذلك من خلال التركيز على خفض حجم التسرب والتهريب لهذه المواد، لافتا إلى أن خطط الحكومة فى هذا الجانب بدأت بالفعل منذ فترة بسيطة من خلال إصدار كروت ذكية لتوزيع السولار والبنزين للحد من التهريب، كما تعد الحكومة برنامجا للدعم النقدى للفقراء للتأكد من عدم تأثرهم بأى إجراءات إصلاحية تتخذ فى ملف دعم الطاقة.