أشادت شخصيات نيابية وقانونية وسياسية بقانون الاتجار بالبشر الجديد الذي قدمته الحكومة مؤخرا الى مجلس الأمة، آملين أن يرى القانون النور في أسرع وقت ممكن مما يكفل حقوق العمالة الوافدة في الكويت ويمنع جريمة الاتجار بالبشر ويقضي على تجار الاقامات، مشيرين الى أن مشروع القانون يساعد على الحفاظ على حقوق الانسان وتحسين صورة الكويت محليا واقليميا وعالميا، متخوفين من أن يبقى القانون كغيره من القوانين «حبيس الأدراج» جاء ذلك خلال الندوة التي أقامها المركز الكويتي لحقوق الجاليات تحت عنوان «الاتجار بالبشر وخطة التنمية» مساء أمس الأول في مقر المركز في جنوب السرة بمشاركة كل من عضوي مجلس الأمة النائب د.وليد الطبطبائي والنائب علي الدقباسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار وأستاذ القانون الاجرائي بكلية الحقوق د.عبيد الوسمي والمستشار ناصر المصري. النائب د.وليد الطبطبائي أشاد بوجود هيئة كويتية مستقلة تعني بحقوق الجاليات «المهدرة» مؤكدا أن وجود مثل هذه النماذج التي تدافع عن حقوق الوافدين «المهضومة» وتطالب بإنصافهم من محامين كويتيين ونشطاء وحقوقيين يعد ظاهرة انسانية حضارية تعكس صورة ايجابية للمجتمع الكويتي في أنصاف العديد من الفئات «المظلومة» من الجاليات الوافدة والتي لا تلقى أي مساندة حكومية في كثير من الحالات.
قرار تعسفي
وأبدى الطبطبائي أسفه للقرار «التعسفي» الذي اتخذته وزارة الداخلية بشأن ترحيل الوافدين المصريين المؤيدين للدكتور البرادعي، واصفا القرار بـ «المتسرع» واللاعقلاني، مضيفا: «قطعت أرزاق 17 وافدا في غضون 24 ساعة دون سابق انذار وكان على الحكومة الاكتفاء بلفت انتباههم وأخذ تعهدات منهم على عدم تكرار مثل هذه الأنشطة السياسية دون التسرع في اتخاذ قرارات تؤدي الى زيادة التوتر وتشويه صورة الكويت» مضيفا أن ليست هذه هي الصورة الحضارية التي نريدها للكويت وأن هذا القرار ليس حضاريا ولا يصب في مصلحة البلاد بل أعطى الفرصة لمن يقول ان الكويت لا تحترم حقوق الانسان خاصة العمالة الوافدة قائلا: «نريد كويتا تحترم حقوق الانسان وتراعي الجاليات والعمالة باختلاف أنواعها دون تعسف حكومي وظلم عدة جهات لهذه الفئات المظلومة».
وحول مشكلة العمالة المنزلية أكد النائب الطبطبائي خلو قوانين البلاد من بنود تكفل حقوق العمالة المنزلية، مشيرا الى وجود ما يقارب 700 ألف من العمالة المنزلية في الكويت مضيفا: «ولا يوجد قانون ينظم ويكفل حقوق هذه الفئة الضعيفة من تحديد ساعات عمل وظروف العمل واعطائهم مرتباتهم وصرف جميع حقوقهم ومعاقبة كل من يسيئ إليهم».
وأشار الى أن لجنة حقوق الانسان البرلمانية تبحث حاليا قانون العمالة المنزلية المقدم من النائب صالح عاشور، مؤكدا على صحة تقرير الكونغرس الأميركي عن الاتجار بالبشر وكشفه عن وجود انتهاكات «صارخة» للعمالة المنزلية في الكويت منذ ثلاث سنوات ما ساهم في وضعها ضمن الدول المتأخرة في مجال حقوق الانسان.
وقال الطبطبائي: «ولذلك قدمت لجنة حقوق الانسان في البرلمان قانون العمالة المنزلية آنذاك ولكن لكثرة حل المجالس لم ير هذا القانون النور وأدرج مع اخوته في أدراج المجلس»، مشيرا الى أن كثرة حل مجلس الأمة عرقلت السير قدما في تحقيق انجاز ملموس في مجال حقوق الانسان في الكويت، متعجبا من تبني الحكومة الآن لمشروع حكومي لتجريم الاتجار بالبشر وهي التي لم تحرك ساكنا للقضاء على تجار الاقامات والقضاء على الشركات الوهمية ورجال الأعمال «المستغلين» لمثل هذه الفئات كما طالب بإنشاء هيئة رسمية تعنى بحقوق الانسان تكون الذراع الرسمية للدولة، مشيرا الى أن جمعيات النفع العام لحقوق الانسان ليست لديها صلاحيات ولا تهتم الحكومة لالتماساتها وملاحظتها واشار الى سعة القانون في عدم الالتفات الى تقارير لجان ومؤسسات حقوق الانسان المدنية وشموله على بنود لا تكترث بمثل هذه الملاحظات.
وقال الطبطبائي: «لا نأمل في أن نتخذ أسلوب التلويح بالاستجوابات وأسلوب التهديد والوعيد فهذا غير محبذ خاصة في هذه الفترة» مؤكدا على نجاحه في بعض الأوقات، مضيفا: «ان لم نلوح باستجواب وزير الداخلية حول قضية ضبط واستبعاد 6 آلاف من ضحايا أصحاب الشركات الوهمية لما ألغي هذا القرار الجائر وتم اعطاؤه فرصة لتحسين أوضاعهم والبحث عن كفيل جديد»، مشيرا الى أن تطبيق مثل هذا القرار كان سيسبب «مجزرة» و«سبة» للكويت في مجال حقوق الانسان، مختتما: «كوني رئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية أضم صوتي الى صوتكم بضرورة وضع قانون لتجريم الاتجار بالبشر ووضع قانون للعمالة المنزلية ونطالب بإنشاء هيئة رسمية لحقوق الانسان تعالج الثغرات في حقوق الانسان».
قضية البدون
بدوره أكد النائب على الدقباسي على وجود جريمة الاتجار بالبشر في دولة الكويت، مشيرا الى أن بعض الوافدين هم أنفسهم من يقومون باستغلال غيرهم من الوافدين والعمل على هضم حقوقهم مشددا على طبيعة وجود مثل هذه المشكلات في ظل بلد تشغل العمالة الوافدة منه أكثر من ضعف عدد المواطنين.
وشدد الدقباسي على أن السبب في استمرار مشكلات العمالة الوافدة وغيرها من المشكلات يرجع الى عجز الحكومة عن ادارة الكثير من الملفات، مبينا أن الكثير من القوانين التي تحد من الظاهر السلبية في قضايا عدة هي قوانين «نيابية» خرجت من مجلس الأمة ولم تقدمها الحكومة لاسيما في قضايا حقوق الانسان والعمالة الوافدة، متسائلا عن عدم تبني الحكومة لقوانين تكفل حقوق الانسان وترفع الظلم عن المظلومين والمضطهدين.
وقال: «لولا تسليط الصحف اليومية الضوء على قضية تأخير الأجور للعاملين في القطاع الأهلي لما اتخذت الحكومة الاجراءات للحد من هذه التجاوزات»، مؤكدا على تخاذل الحكومة أمام اقرار قوانين تكفل حقوق العمالة الوافدة وتطبيق الاجراءات القانونية على كل من يسيء لسمعة الكويت، داعيا الى ضرورة تطبيق القانون وتحقيق العدل والمساواة لجميع فئات المجتمع وعلى رأسهم فئة «البدون» التي يتاجر بها البعض ولا يسعى الى تحقيق العدل لهم وضمان حقوقهم، مختتما: «المشكلة لا تكمن في وجود ظواهر سلبية بل المشكلة في استمرار وجود هذه الظواهر وسط عجز حكومي عن ادارة البلاد».
تواطؤ حكومي
من جهته نوه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار عن وجود «تواطؤ حكومي» حيال ملف العمالة الوافدة، مستنكرا من توجه الحكومة في ابعاد ما وصفهم بـ «الضحايا» دون معاقبة تجار الاقامات وأصحاب الشركات الوهمية متسائلا: «كيف يعقل عدم معاقبة الحكومة لشركة واحدة من هذه الشركات التي استغلت ما يقارب الـ 6 آلاف وافد وكيف لها تجاهل الآلاف من تجار الاقامات الذين يتاجرون بالبشر وتراقبهم الحكومة دون أن تحرك ساكنا».
وأضاف النجار: «ليس هناك عاقل ينفي وجود انتهاكات لحقوق العمالة الوافدة والاتجار بالبشر على أرض الكويت وقد ناقشت هذه القضايا منذ أكثر من 5 سنوات.