لايختلف أحد فى أن اخلاقياتنا كمصريين إختلفت كثيرا عقب قيام ثورة 25 يناير
, ولست أميل الى التصديق بأن الشعب المصرى ملاكا سقط من السماء لايخطىء
وأنه لامثيل له فى الكون , وأرى أن ما ظهر من سلوكيات سلبية على أرض الواقع
عقب ثورة يناير لم تكن وليدة اللحظة ولكنها كانت مدفونة بداخلهم لاتجرأ
على الخروج لأنه كان هناك من يحكم البلاد بيد من حديد , فكان الجميع يتحرك
ويتعامل فى محيط مجتمعه بكل حرص لأن هناك عقاب رادع , لايشغله سوى البحث عن
لقمة العيش فلا يهتم بالسياسة ورجالها ولا الاقتصاد وخبراءه ولاحتى رجال
الدين وخطبهم , ولكن تلك الحالة لم تستمر طويلا فكبت المشاعر والأحاسيس
والتعبير عن الرأى بحرية لسنوات عديدة خلق بداخلهم حالة من الإنفجار وكأنه
بركان ثائر أيقظته شرارة ثورة يناير فأنطلقت الحمم البركانيه من باطن الأرض
تحمل من الأسرار الدفينة الكثير , وأكثر دليل على ذلك هو ماشهدته ساحات
المحاكم من دعاوى قضائية معظمها دعوات سب وقذف وتلاسن بالالفاظ والخوض فى
الأعراض , وكان من ضمن تلك الدعاوى الدعوة المقامة من الفنانه الهام شاهين
ضد الشيخ عبدالله بدر لسبها وقذفها والخوض فى عرضها والتى اصدر الحكم فيها
عليه مؤخرا بالحبس سنة مع الشغل, ودعوة الفنانه هالة فاخر ضد الداعية
الإسلامي خالد عبدالله تتهمه فيها بالسب والقذف في أحد برامجه التلفزيونية،
حيث وصفها بأنها «ممثلة درجة ثالثة ومحدش رباها ولو كانت قالت هذا الكلام
في عهد مبارك كانت أخدت بالحزمة على دماغها»، ومازالت القضية في أروقة
المحكمة إلى الآن ولم يصدر فيها حكم.
ودعوة أخرى مقدمة من الدكتور نجيب
جبرائيل ببلاغ للنائب العام ضد أحمد أبو عبدالله الشهير بأبي إسلام صاحب
قناة الأمة الفضائية بعد سبه للمسيحيات واتهامهن بأنهن يذهبن إلى ميدان
التحرير بإرادتهن حتى يتم اغتصابهن، كما وصفهم بالعرايا والتى تم الإفراج
عنه فيها على ذمة القضية بكفالة مالية قدرها عشرون ألف جنيه.
وإستدعاء
النائب العام للدكتور محمود شعبان أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهربتهمة
التحريض على قتل أعضاء جبهة الإنقاذ الوطني، محمد البرادعي وحمدين صباحي،
وقد قررت النيابة الإفراج عنه بعد التحقيقات بكفالة مالية قدرها 5 آلاف
جنيه مصري.
ودعاوى أخرى مقدمة ضد شخصيات سياسية مثل الدعوة المقامة ضد
الفريق أحمد شفيق لسبه وقذفه عصام سلطان عضو مجلس الشعب المنحل ونائب رئيس
حزب الوسط والحكم بتغريمه 10 الاف جنيه , ودعاوى اخرى مقدمة من من المستشار
أحمد الزند، رئيس نادى القضاة ضد عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط .
والظاهرة
الأغرب أنه مع كل تلك الدعاوى القضائية والتى تم إصدار أحكام رادعة فيها
لم تتوقف ظاهرة التلاسن بالألفاظ البذيئة عبر القنوات الفضائية المختلفة من
خلال برامج التوك شو وعبر المداخلات الهاتفية بل أصبح من الطبيعى أن نرى
ضيفا فى أحد البرامج ثائرا متعصبا متشنجا يثرثر بألفاظ غير مفهومة يعقبها
خلع أسلاك المايك والقائها فى وجه الاعلامى الذى يستضيفه وتركه لأستوديو
التصوير وأخر يسب ويقذف الإعلامى عبر مكالمة هاتفيه أو العكس وأحيانا يكون
الإعتراض من الاعلاميين أنفسهم فيتركون برامجهم على الهواء بعد سب وقذف
متبادل بينه وبين مايستضيفونهم .
كل هذا يجعلنى اتسائل من أين أتوا بكل
هذه الجرأة حتى يتم السب والقذف بشكل علنى هكذا ؟؟ ولماذا تغيرت أخلاقياتنا
كمصريين الى هذه الدرجة ؟؟ هل هذا مايطلقون عليه إسم ديمقراطية ؟؟ هل هذه
البذائه اللفظية هى ماتسمى بحرية التعبير ؟؟ عفــــــــــــــوا أيها
السادة الاعلاميين والسياسيين والفنانيين والدعاة الاسلاميين دعونى أقول
لكم أنكم مازلتم لاتدركون معنى الحرية والتعبير عن الرأى , وأنكم مازلتم فى
( كى جى وان ) ديمقراطية وأمامكم سنوات عدة حتى تتعلمون كيفية إستخدامها ,
وأعلموا جيدا أن من ضعفت حجته علا صوته فكونوا على قدر المسؤلية التى
منحتكم إياها مصرنا الحبيبة فمصر فى حاجه الى العقل والحكمة أكثر من حاجتها
الى تلك الحوارات الفاشلة .