"سكر هانم " ثلاثة ساعات متواصلة من الضحك والكوميديا الراقية بتوقيع الإبيارى وأشرف ذكى.. قدم الثنائى أشرف ذكى وأحمد الإبيارى رؤية جديدة ومغايرة تماما لفيلم "سكر هانم" الذى قام ببطولته الفنانون كمال الشناوى وسامية جمال وعمر الحريرى وكريمان وعبد الفتاح القصرى وحسن فايق من خلال عرض مسرحى يحمل نفس العنوان "سكر هانم" على مسرح الريحانى.
فقد أعاد أحمد الإبيارى الشخصيات التى حذفها والده أبو السعود الإبيارى المؤلف الأساسى للحكاية وأضاف عليها رؤيته المعاصرة والجديدة على النص المكتوب، وهو فى الوقت ذاته لم يلغ الفيلم وقصته المعروفة ولكنه جعل المشاهد يعيش حالة مختلفة مع "سكر هانم" المسرحية، واستطاع أشرف ذكى أن يقدم رؤية إخراجية مختلفة تعتمد على المشاهد السريعة المتلاحقة مابين مشاهد فتافيت السكر فى أمريكا ومشاهد شقة نبيل وشقة فريد ونجح فى صناعة ثلاث ساعات من الكوميديا الجادة الراقية بعيدا عن الابتذال.
تبدأ المسرحية بمشهد لفتافيت السكر تعلن فى مؤتمر صحفى عند عودتها لمصر بعد وفاة زوجها رجل الأعمال خالد المشمشى ورفضها الزواج من الثرى الأمريكى مستر سعد فتحى وتصريحها بعدم حبها للبترول سبب ثروة زوجها ومهاجمتها لسياسة الحروب، وتعلن أنه بمجرد عودتها لمصرسوف تتوجه لإبن أخيها فريد. وتتوالى الأحداث التى لا تختلف عن الفيلم كثيرا والإضافة المميزة هو مشهد سكر واعترافه لناهد بحبه لها فمساحة تلك القصة الإنسانية كانت جديدة على المشاهدين وهى غير موجودة بالفيلم .
ابتعد أحمد رزق فى أدائه لشخصية " فتافيت السكر" عن أداء الراحل عبد المنعم إبراهيم وقدم الشخصية بخفة ظل مميزة وبنكهة أحمد رزق الميزة فى إلقاء الإفّيهات التى تتناسب مع طبيعة الشخصية، واستخدم كل أدواته كممثل ونفس الأمر فعله أحمد صلاح السعدنى فى تجسيده لشخصية نبيل التى لعبها الفنان كمال الشناوى فى الفيلم، فقد كان أحمد مرحا جدا ولديه حضور كبير على المسرح وممسكا بأدواته كممثل محترف.
أما الفنان طلعت زكريا فقد قدم شخصية المعلم "شاهين الزلط" بأداء كوميدى ابتعد فيه هو الآخر عن أداء العبقرى الراحل عبد الفتاح القصرى بقليل وكان هو نفسه يلقى نفس الكلام الذى كان يردده القصرى مثل "يا صفايح الزبدة السايحة" و" أنت ست.. دانت أنتِ ست أشهر.. يا أرض احفظى ما عليكى" ولكنه كان يقولها بطريقته ويداعب المشاهدين قائلا : "هو قالها كده" إشارة للراحل القصرى وهذا ذكاء من طلعت لأنه يكسب ودّ المشاهدين ويدفعهم للضحك دون مقارنة.
روجينا فى دور ليلى ومروة عبد المنعم فى دور "سلوى" قدما أداء مميزا وابتعدا أيضا عن فخ التقليد أو التأثر بأداء سامية جمال وكريمان، وتميزت روجينا بجانب خفة الظل والتمثيل الهادئ بحرفية تقديم الاستعراضات ونجحت مروة عبد المنعم برسم " كاركاتير" الفتاة المتسرعة دوما التى تتحدث بشكل سريع جدا مما أضاف بعدا مميزا لشخصيتها.
أما إدوارد فقد اعتمد على لعب الشخصية بطريقة إدوارد المميزة وقدم شخصية "فريد" الشاب العديم الخبرة الذى "يضرب لخمة" أمام الستات وخاصة الفتاة التى يحبها بأداء مختلف عما قدمه عمر الحريرى وتمتع بحضور فى التمثيل والغناء والاستعراض.
ورغم أنها تعد المرة الأولى التى تقف فيها النجمة الكبيرة لبنى عبد العزيز على خشبة المسرح إلا أنها نجحت فى تجسيد دور "فتافيت السكر هانم" وكان أداؤها رزينا بعيدا عن الانفعال الزائد وقدمت مع الفنان عمر الحريرى ثنائيا جيدا وأمتعا المشاهدين بأدائهما المميز.
أما طارق الإبيارى وإنجى وجدان وأحمد الحبشى فقد كان لكل منهما حضور مميز وسط عمالقة المسرح، وبرز أحمد الحبشى فى دور الخادم نعناع التى لعبها الممثل محمد شوقى وإنجى وجدان فى دور ناهد مديرة أعمال فتافيت السكر، وكان لطارق الإبيارى حضور خاص ولعب على إفيهات بيع لاعبى كرة القدم وأجاد فى توظيفها ببراعة.
أما حركة الممثلين فقد نجح أشرف ذكى العائد للإخراج بعد فترة أن يجعلها حركة متدفقة ومتناغمة تتسم بالحيوية التى تتناسب مع جو المسرحية المرح أحيانا وحتى اللحظات الإنسانية الحزينة ولحظات الحب نجح فى تشكيل حركة الممثلين فيها بما يتناسب مع جو المشهد ويتضح من أداء الممثلين أنه بذل مجهودا كبيرا فى خروجه بهذا الشكل المتميز.
وبجانب أداء الممثلين المميز هناك الأغانى التى كتبها إسلام خليل والألحان التى لحنها حسن إش إش والتوزيع الموسيقى لمحمود صادق وجميعها أضافت بعدا جديدا لرؤية المخرج وكان توظيف نفس التيمات الموسيقية فى الفيلم فى بعض المشاهد والمواقف موفقا جدا وكان أيضا لديكور حسين العزبى دورا مهما فى صناعة حالة مبهجة بما استخدمه من ألوان " البينك والأصفر والأحمر والبرتقالى" لتناسب الحالة الكوميدية التى تغلب على العمل ونفس الأمر فعلته نجوى عبد المجيد فى الملابس وخاصة ملابس "فتافيت السكر" المزيفة وكان أيضا للاستعراضات التى صممها مجدى الزقازيقى دورا فى نسج حالة من البهجة والمرح والكوميديا.
فى النهاية قدم المنتج أحمد الإبيارى والمخرج أشرف ذكى ثلاث ساعات من الضحك المتواصل من خلال كوميديا راقية بعيدة عن الابتذال الذى كان يغلب دائما عروض القطاع الخاص وبذلك فهما يقدما درسا فى الإنتاج والإخراج لمسرح الدولة.