إذا تكلّم الإخوان عن المغتربين .. فانتظروا الساعة ! وإذا مدحهم العريان .. فانتظروا الساعة !
أتابع
وتابعت المجهودات التي يقوم بها الأخ الفاضل الدكتور عصام عبد الصمد رئيس
اتحاد المصريين في أوروبا، ولا ننسى أنّ له أفضال كثيرة استفاد منها
المصريين في الخارج أيا كان موقعهم في العالم وليس في أوروبا فقط. لن أعدد
هنا الأعمال والمجهودات التي قام بها، ولكنني أذكّر فقط بأنه لولا القضية
التي رفعها في مصر ضد قرار منع مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات
البرلمانية والرئاسية والتي حكم فيها لصالح المصريين في الخارج، لما كان
ممكنا للمصريين في الخارج أن يشاركوا في التصويت في الانتخابات المذكورة،
وهذه وحدها نقطة تحسب له ولاتحاد المصريين في أوروبا. ومن يرغب في معرفة ما
قام به اتحاد المصريين في أوروبا لصالح المصريين في الخارج بصفة عامة،
فعليه أن يتابع موقع الإتحاد.
وقد اهتممت بمتابعة زيارة وفد اتحاد
المصريين في أوروبا لمصر والمقابلات التي قام بها مع المسئولين المصريين
وقضيت يومين كاملين وأنا أتابع التصريحات والتعليقات التي نشرتها الصحافة
عن هذه المقابلات حتّى أتمكن من تكوين انطباع عن هذه الزيارة وما تمّ فيها.
ولكني
قررت التوقف عن هذه المتابعة بعدما رأيت بعض التعليقات من بعض المسئولين،
ورأيت أن يكون للمصريين في الخارج أيضا ردّا على هذه التعليقات والقرارات
والطلبات.
فبالرغم من أنّ المصريين في الخارج مازالوا
يعترضون على الطريقة التي شكلت بها لجنة الدستور في مصر، كما يعترضون على
الكثير من المواد التي سيشملها هذا الدستور، بل ويعترضون أصلا على عدم وجود
صوت لهم في هذه اللجنة باستثناء الصوت اليتيم الذي قيل أنّه يمثّل
المصريين في الخارج بينما هو في واقع الأمر يمثّل الإخوان المسلمين أكثر
مما يمثل المصريين في الخارج.
وسيقول قائل كما تعودنا دائما:
أليس الإخوان المسلمين مصريين أيضا؟ وأقول نعم هم مصريين ولكنّهم يمثلون
تنظيما تتعارض مصالحه مع أكثر المصريين سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين،
وعلى من يمثل المصريين في الخارج أن يكون منهم ومعبّرا عنهم وأن يكون
انتماءه لهم وليس لأي جماعة أخرى ولا حزب آخر. فمشاكل المصريين في الخارج
واحدة يعاني منها المسلم والمسيحي والوثني، ويحمل عبئها الرجال والنساء
والأطفال، دون تفرقة بين أي منهم. ولو أصدرت إحدى الدول قرارا بترحيل
المصريين المقيمين فيها، فسنجدهم جميعا في مطار تلك الدولة واقفين في طابور
شركة الطيران، ويقف المسلم وزوجته وأبنائه وخلفه المسيحي وزوجته وأبنائه
ويساعدون بعضهم البعض في وضع الحقائب على الميزان، ويسأل كل منهم الآخر عما
إذا كان لديه نقص في الوزن حتّى يضيف إلى حقائبه حقيبة من حقائب الوزن
الزائد.
وعندما يقول وزير القوى العاملة و الهجرة خالد الأزهري "أن
الوقت أصبح مناسبا لتعمل تجمعات المصريين في الخارج كجماعات ضغط "لوبيهات"
لممارسة الدبلوماسية الشعبية لمساندة قضايانا خاصة مع وجود أكثر من 8
ملايين مصري بالخارج". فهو لم يأت بجديد، الجديد هو أن يصدر هذا
الكلام منه بعد أن بحّ صوت المصريين في الخارج من الحديث في هذا الموضوع!
فما الذي دعاه الآن للحديث في الموضوع؟ ألم يعترض الإخوان ومجلس الطرابيش
المصري الذي يسيطرون عليه، على تمثيل المصريين في الخارج في البرلمان
المصري؟ ألم يعترضوا على إعطاء حقّ التصويت للمصريين في الخارج لانتخاب
الطرابيش ورئيس دولتهم؟ لماذا احتاج الأمر لقضية وحكم من المحكمة الإدارية
بالسماح للمصريين في الخارج بالمشاركة في التصويت – وليس الإنتخابات –
فالمشاركة في الإنتخابات تعني حق الترشيح وحق الإنتخاب معا، وليس واحدا
منهما فقط؟
هل أصبح المصريين في الخارج مهمين الآن ومطلوب
منهم تكوين لوبيهات – وبالمناسبة أقول لسيادة الوزير أنّ "لوبيهات" تعني
باللغة العربية جماعات ترويج ويسميها البعض جماعات ضغط وهذه تسمية غير
صحيحة. ولكن هناك قاعدة تقول أن فاقد الشيئ لا يعطيه! فكيف يمكن للمصريين
في الخارج أن يكونوا جماعات ترويج أو جماعات ضغط على حكومات الدول التي
يعيشون فيها بينما هم عاجزون عن الضغط للحصول على حقوقهم في بلدهم الأم؟
أليس هذا تهريجا، بل صفاقة وبجاحة، يا سيادة الوزير؟
بأي حق
أطلب من حكومة الدولة التي أعيش فيها أن تساعد مصر ومصر ترفض أن تعطيني حقا
من حقوقي الدستورية؟ عندما يسألني أي شخص: بأي صفة تتكلم؟ ماذا يكون جوابي
عليه؟ أنني أردد كلام الإخوان؟ وكيف أفعل ذلك وأنا لست منهم ولن أكون؟ بل
كيف أعطي لنفسي الحق بالدفاع عن مصلحة جماعة تسعى لتفتيت الدولة المصرية من
خلال أعمالها وأفعالها وتصرفاتها وأقوال أعضائها الذين أصيبوا بإسهال
كلامي حاد ولا يتركون يوما يمر دون أن يخرجوا علينا بتصريح يحرق الدم؟
ويضيف الوزير قائلا: "أنه
يدعو وفد اتحاد المصريين في أوروبا لتحديد رؤيتهم حول خوض ممثلين عن
المصريين في الخارج الانتخابات البرلمانية ليكون لهم ممثلين في المجالس
النيابية، مؤكدا أنه سيناقش هذا الأمر مع الجهات المختصة حتى وان تأخر
تنفيذه عمليا ليستفيد منه أبناء الجيلين الثاني والثالث". لا أعرف
ماذا كان ردّ إخوتنا في اتحاد المصريين في أوروبا عليه؟ ولكنني أعرف أن هذا
كلام فارغ المحتوى لا يعني شيئا ولا يقدّم ولا يؤخّر! فالمصريين في الخارج
أعلنوا منذ شهور طويلة عن رغبتهم في تعديل الدستور وإضافة مواد تخص
المصريين في الخارج منها ما يتعلق بالجنسية المزدوجة ومنها ما يتعلق بحق
الترشيح والانتخاب على جميع المستويات، واكتفى مجلس الطرابيش ولجنة
الطراطير المشهورة باسم لجنة الدستور، بأن يستمعوا لوجهة نظر المصريين في
الخارج ولم يعلنوا شيئا عن رأي اللجنة في ذلك! ولم نسمع حتّى الآن عن دور
للمصريين في الخارج في هذه اللجنة باستثناء العضو الذي يمثل الإخوان في
الخارج.
أما بخصوص الجيل الثاني والثالث، فهذا كلام لايمكن
أن يؤخذ في الإعتبار ولا يمكن أن نأخذه على محمل الجد، فالجيل الثاني
والثالث رأى كيف يعامل أبواه في مصر وفي السفارات المصرية ولم يعد يهتم
بمصر ولا يفكّر في الارتباط بها هذا الإرتباط الذي يريده آباءه، وهم
معذورين بالطبع، فهم أبناء الدول التي يعيشون فيها ويحملون جنسيتها
ويتكلمون لغتها ويفكرون بفكرها، ولن يقبل أي منهم أن يذهب لمصر ويعامل بنفس
الطريقة التي يعامل بها المسئولين بقية الشعب المصري. نحن نتكلم عن عقليات
مختلفة عن عقلياتنا، فإبني لا يفكّر مثلي ولا تعنيه مصر من الأساس إلا
بقدر علاقته ببقية أفراد العائلة، ولا يعنيه إن كان في مصر مجلس طرابيش أو
طراطير بل ولا يعنيه أن يكون فيها طرابيش أصلا. وهذه هي النتيجة الحتمية
للإهمال الجسيم الذي توالت عليه الحكومات المصرية في الـ 50 سنة الماضية
ولم يتغيّر فيه شيئ حتّى الآن.
نفس الكلام تقريبا كرّره وزير
الخارجية في لقائه مع وفد اتحاد المصريين في أوروبا، وحتّى لا يكون هناك
تكرار في الكلام، فأكتفي بالجزء التالي: "كما
شجع وزير الخارجية وفد الاتحاد على الدفع نحو زيادة إقبال المواطنين في
الخارج على سفاراتنا وقتصلياتنا في الدول الأوروبية والتعامل معها، خاصة
وأن وزارة الخارجية قامت بتطوير كبير في الخدمات التي يتم تقديمُها
للمواطنين والرعاية التي يجرى توفيرها لهم". وهنا أقول له: كذبت يا
سيادة الوزير، فالمصريين في الخارج مازالوا يعانون الأمرين في تعاملاتهم مع
القنصليات المصرية، وما زال المصريين في بعض الدول العربية يخضعون لأسوأ
أنواع المعاملات، ويعاقبون أشدّ العقوبات على أبسط الأخطاء، وما زالت بعض
الحكومات العربية تتعامل مع المصريين فيها بروح الانتقام والتشفي رغم أن
المصريين في الخارج ليسوا مسئولين عن الأخطاء التي ترتكبها حكوماتهم في
معاملاتها مع تلك الحكومات. وطالما هناك مصري يدخل السجن بدون وجه حقّ أو
تطبق عليه عقوبات يعود تاريخها للعصر الحجري وعصر ما قبل الديناصور، فلا
قيمة لكلامك هذا ولا يمكن لنا أن نقبله.
وفيما عدا ذلك، لا
يهمني كثيرا باقي كلام الوزير لأنه تكرار للمكرّر وإسهاب في المسهب. ولذلك
أنتقل لشخص آخر تكلّم ويتكلّم كثيرا ولا أهتم بكلامه كما هو الحال مع أعضاء
الجماعة المحظورة، ولكنّ كلامه هذه المرة كان موجها للمصريين في الخارج
تحديدا، ولذا لزم الردّ.
فقد التقى وفد الاتحاد أيضا بالعريان، وعلمنا أنّ العريان قد أكّد على: "أن
الحزب – أي حزب الإخوان - يسعى لتوفير الحقوق للمصريين بالخارج لأنهم جزء
من هذا الوطن ولهم حقوق وعليهم واجبات، وطالب العريان من المصريين بالخارج
المساهمة فى بناء الوطن والاستثمار فيه حتى يشجعوا المستثمرين الأجانب على
الاستثمار فى مصر. كما ناشد العريان المصريين بالخارج أن ينقلوا صورة
حقيقية عن الفكر العربى والإسلامى قائلا: إننا ضد التعصب والتطرف ونحمل
السلام للجميع كما أننا الآن نسعى لتحقيق أهداف الثورة وهى العيش والحرية
والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وأن يكون هذا شعار كل مصري
بالخارج. كما طالب العريان المصريين بالخارج التصدى لمن يقفون ضد التحول
الديمقراطى ويسعون إلى إفشاله وتشويه صورة مصر بعد الثورة".
وبالتالي
أقول: كيف يمكننا أن نصدّق هذا الكلام ونحن نرى كيف يتصرف الحزب وأعضائه
وكيف يسعى للهيمنة والسيطرة على كل شيئ في مصر وكيف تحوّل تدريجيا لحزب يحل
محل الحزب الوطني في السيطرة على البلد والسلطات والهيئات وكل شيئ؟ وكيف
ينتظر من المصريين في الخارج أن يساهموا في بناء دولة تشعرهم يوما بعد يوم
بأنهم غير مرغوب فيهم وأن بعدهم عنها غنيمة؟ لقد قلت أن فاقد الشيئ لا
يعطيه، والعريان لا يستطيع أن يضمن حقوقا للمصريين في الخارج، ولن يستطيع
لأنّه ليس صاحب السلطة ولا القرار. ثمّ كيف يقول العريان أنّهم ضد التعصّب
والتطرّف ونحن نرى ما يحدث يوميا ضدّ المسيحيين في مصر وطردهم من مساكنهم
وقراهم وأحيائهم التي سكنوها طوال عمرهم، بماذا يسمّي العريان هذا؟ ثم من
هم الذين يقفون ضد التحول الديموقراطي في مصر ويسعون لإفشاله؟ هل أصبحت
معارضة الإخوان والمتأسلمين وأحزابهم وجهلتهم معارضة للتحول الديموقراطي
وسعيا لإفشاله؟ أين هو هذا التحوّل الديموقراطي الذي تتحدّث عنه يا عريان؟
فعلا، يكاد المريب يقول خذوني. ولكن الأهم والأخطر هو: "كما طالب العريان المصريين بالخارج التصدى لمن يقفون ضد التحول الديمقراطى ويسعون إلى إفشاله وتشويه صورة مصر بعد الثورة"
؟؟؟؟ ماذا يريد هذا العريان تحديدا؟ هل يريد أن يقوم التنظيم السري
للإخوان بضرب المعارضين في أوروبا أو التخلّص منهم؟ أم يريد أن يسلّط عليهم
أتباع أبو حمزة المصري الذي كان ينوي تحويل بريطانيا وبعدها أوروبا إلى
دولة إسلامية بحدّ السيف، وذراع القراصنة الذي لديه؟ يا حضرة العريان،
أوروبا فيها حرّية رأي وليس فيها محظورات ولا ممنوعات ولا أحد هنا فوق
النقد مهما كانت صفته أو كان وضعه! فكيف تريد أن يتصدى بعضنا لبعضنا الآخر
إذا اختلفنا في الرأي؟ ياعريان: هنا يطبق دستور محترم وقوانين يحترمها
الجميع وليس لها علاقة بشرع الله ولا كتبه ورسله، ومن يحاول الخروج على هذا
الوضع، سنتصدّى نحن له بكل قوّة باستخدام القانون وحقّنا السياسي، كما أنّ
السياسات الأجنبية والبرامج السياسية الأجنبية تخضع لنظم يجب على الجميع
أن يحترموها وليس هنا عافية ولا تنظيمات سريّة ولا جماعات محظورة. فكن على
حذر، واعلم أن يد الإخوان أو أي تنظيم آخر لا يجب أن تصل إلى هنا، وإذا
وصلت، فعلى نفسها جنت براقش، بقوّة القانون والدستور، وبالفضائح الإعلامية
التي ينتظرها الجميع.
إنني أقول للعريان وحكومته، المصريون
في الخارج ليسوا أغبياء لهذا الحد، ولم يكونوا. المصريون في الخارج
والشرفاء منهم على وجه الخصوص، لا ولن ينخدعوا بهذه الأقوال والأكاذيب. نحن
لا نستمع للخطب والمواعظ، نحن نهتم بما يجري على الأرض، وما يطبّق عليها
من قوانين، وما هو موجود في مصر الآن، لا علاقة له بحرية ولا ديموقراطية
ولا مساواة ولا عدالة اجتماعية، إنّما هو استحواذ على السلطة، وفرض للأمر
الواقع، واللعب على الحبلين، ومحاولات سخيفة لدغدغة مشاعر المصريين في
الخارج، ولاشكّ أن فيهم من يعجبهم كلامك ويطربون له، ولكنّك تخطئ أكبر
الخطأ إذا ظننت أن المصريين في الخارج كلّهم كذلك.
وأحمد الله على أنّ أخونا الدكتور عصام كان واضحا في ردوده وتعليقاته، ويكفينا أنه قال: "
أنه
يجب على الحكومة المصرية أن تتعرف على كل الكيانات المصرية بالخارج من أجل
الأمن القومي المصري وبحث مدى قدرتهم على مد يد العون للحكومة دون أن
تتدخل في إدارتها أو تشكيلها أو اختيار ممثليها، مشيرا إلى أن الاتحاد عمل
على مدار 42 عاما كجماعة ضغط سياسي ودبلوماسية شعبية لخدمة قضايا مصرية
بعينها وأهمها مشاركة المصريين في الخارج في الانتخابات البرلمانية
والرئاسية وقضية الألغام والعديد من القضايا الأخرى، وأن الاتحاد لا يمثل
سوى أعضائه فقط، وأنه يرحب بأية تجمعات أخرى تقوم بتلك المهمات الاجتماعية
لكن دون معارضة لتوجهاتنا وآلياتنا طالما أن الجميع يهدف إلى المصلحة
العليا للوطن". وهذا كلام المصريين الذين يعرفون مالهم وما عليهم، ولا ينخدعون بأقوال مسئول هنا ووزير هناك.
***
ملحوظة: كتبت هذا الموضوع وكنت أفكّر في عنوان له، حتى وجدت تعليقا نشره أحد القراء فأعجبني التعليق، واستخدمته كعنوان للموضوع.