أسامة جلال:
• عملي كصحفي أهلني للنشاط الاجتماعي.. ومجدي مهنا ووائل الإبراشي وعادل حمودة ومحمود سعد تلاميذي
• قدمنا نموذجاً يلتزم بالمقاييس العالمية وسط شيوع ثقافة التعامل الوقتي وغير المنهجي مع الشؤون الصحية
• نلتزم بمبدأ الشفافية.. وهو لا يعني العري فهذا لا يتفق مع الشرع والأخلاق
• كل شريحة نخاطبها بلغتها.. وما أقدمه للعامة لا أقدمه لأصحاب لغة الأرقام
• لم نكن نتوقع هذا النجاح للمستشفى.. وما قمنا به مجرد البداية
• أرقام فواتير بعض الأطفال المرضى تصل لمليون جنيه ولن نتخلى عنهم لارتفاع المصاريف
• الفقير يتعامل كمليونير في «57357» والجميع سواسية بحق
• نسبة نجاح العلاج وصلت إلى 85 في المئة ولا يمكن التأكد إلا بعد مرور خمس سنوات على اختفاء المرض
• يؤلمنا تأجيل علاج بعض المرضى بسبب الازدحام.. ونعمل حاليا على زيادة الطاقة الاستيعابية
• خطة عملنا لا تقف عند مستشفى.. ولكن لدينا طموحا لأكاديمية علمية ودار ضيافة وأفرعاً كثيرة
• لم يتقدم ثري واحد لتحمل كافة التكاليف.. ولكن هناك مساهمات مؤثرة ونرفض أن يؤول المشروع لأحد
• الكويتيون تفاعلوا معنا ولهم مساعدات قيمة في دعم الفكرة والمشروع مستمر
• الوافدون في الكويت لهم دور كبير.. والجالية المصرية ستشتري جهازا مهما للفحص والأشعة
مشروع مستشفى أمراض سرطان الاطفال «57357» في مصر والذي يقدم خدماته لجميع مواطني العالم العربي من المشاريع العربية الفريدة والذي يحظى بحب واحترام كل مواطن عربي.. بل والاكثر من ذلك ان هذا المشروع يجد الاحترام والتقدير له ولكل من يعمل فيه بعدما حقق نجاحات ملموسة على ارض الواقع اعادت لنا الثقة في الفكر العربي.. واعادت الى الاذهان تلك الانجازات العربية في عصور سابقة كانت هي اللبنة الاولى لتطور العلم وكانت هي النبراس لطريق التقدم البشري وخصوصا في مجال الطب.
الحديث عن مشروع بحجم مستشفى أمراض سرطان الاطفال لا يختصر او يختزل في كلمات نكتبها ترسم معالمه من خلال دمعة طفل صغير تحولت لبسمة تعلو الشفاه ومن خلال لهفة اب مكلوم تحولت لاطمئنان، ومن خلال صيحة أم علت فدوت في ارجاء العالم لتتحول الى ضحكة ملأت أرجاء المعمورة. لا نريد هنا ان نختزل النجاحات العربية في مستشفى امراض السرطان «57357» ولكننا نريد ان نلقي عليها شعاعا من ضوء لنعرف كيف كانت، والى اين تسير وما هو الطموح.. في السطور التالية نلتقي المدير التنفيذي للمستشفى الاستاذ الصحفي محمود التهامي والذي تفرغ للعمل الاجتماعي الخيري من خلال عمله في هذا الصرح الطبي الفريد.. وان عمل الصحافة من اهتماماته واهدافه نقل الحقيقة للمجتمع فاننا نرى ان من اهم اهداف العمل الصحفي ايضا إلقاء الضوء على الانجازات التي تستحق ان تجد من يساندها من اجل الصالح العام.
الاستاذ التهامي يتحدث في هذا الحوار على جوانب مضيئة في تاريخ مستشفى «57357».. كما يتحدث عن عقبات ومشكلات.. يتحدث عن طموح وانجاز.. يتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل لتاريخ نفخر به.. وانجاز نتمنى ان يستمر في عطائه وان يساعد الجميع.. كما نقر من خلال حوارنا مع الاستاذ التهامي اننا نحرض كل صاحب ذرة رحمة في قلبه وعطاء في طبعه ان يدعم هذا الانجاز بما يستطيع من اجل ان نتكامل ونتحاب فيما بيننا فنخلق هذا المجتمع المتآخي العظيم الذي نحلم به في عالمنا العربي والاسلامي.
• في البداية سألت الاستاذ التهامي عن سبب تواجده بيننا هنا في الكويت؟
- فاجاب.. أتواجد هنا مع مدير المستشفى الدكتور شريف ابو النجا بدعوة من وزارة الاوقاف للحضور والمشاركة في المؤتمر الذي تقيمه الوزارة والخاص بالوقف.. وللحقيقة هذا المؤتمر مهم جدا في اثراء العمل الخيري.. ومن خلاله نقدم عرضا لتجربة المستشفى في التسويق للعمل الخيري كثمرة من ثمرات النشاط المجتمعي في مصر.
• البعض يتذكر اسم محمود التهامي ولكنه يعرف ان التهامي صحفي وكاتب فهلا عرفت القراء أكثر بشخصكم الكريم؟
- أعمل كصحفي منذ اوائل الستينيات من القرن الماضي وشغلت منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس الادارة لمؤسسة روز اليوسف للطباعة والنشر منذ عام 83 وحتى عام 1998 ومن الزملاء الصحافيين الذين عملوا تحت ادارتي الراحل مجدي مهنا وعادل حمودة ووائل الابراشي ومحمود سعد وكرم جبر وغيرهم كثر والان انا متفرغ للكتابة والعمل الاجتماعي من خلال مجلس ادارة جمعية اصدقاء معهد الاورام التي تبنت فيما بعد مشروع مستشفى «57357» منذ كانت فكرة وحتى تم انشاء المستشفى وقامت على الترويج له والعمل بشكل مؤسسي.
• ولماذا التحول للعمل بالقضايا الاجتماعية؟
- العمل الاجتماعي والخيري من اهتماماتي الاساسية منذ سنوات طويلة واعتبر الاهتمام بالعمل الاجتماعي المباشر هو ترويج للعمل المهني الناجح، وهناك جزآن مهمان هما ادارة العلاقات المجتمعية وادارة المنشأة من خلال علم الادارة والذي مارسته في ادارة روز اليوسف، وبذلك توافرت لدي الخبرة في الادارة والخبرة في ادارة العلاقات.. وهذا ما أهلني بشكل طبيعي لاصبح مديرا تنفيذيا لمؤسسة «57357».
نجاح
• هل كنت تتوقع هذا النجاح الذي حققه مستشفى «57357»؟
- الفكرة كانت مهتمة اساسا بالتخطيط العلمي لانتاج نموذج تتوافر فيه المواصفات العالمية المتعارف عليها في انشاء مستشفى اورام اطفال.. وهذا جاء بعد فترة طويلة من شيوع ثقافة التعامل الوقتي والسريع وغير المنهجي مع الشؤون الصحية.. اي ان الفكرة كانت عمل نموذج نلتزم فيه بالمواصفات القياسية العالمية.
لذلك كانت هناك مرحلتان لانشاء المشروع الاولى: بين المؤسسين والثانية: طرحه على العامة، ومن حسن الحظ ان المجموعة الاولى المؤسسة التي لم تتجاوز عشرة اشخاص وضعت الملايين الاولى للمشروع وبفكر مختلف وهو توجيه الانفاق الاولي للدراسات ولم يكن هناك من يفكر هذا في عالمنا العربي، لذلك عندما انتهت الدراسات وخرج المشروع الى العامة كان هناك اهتمام ولفت الانتباه وتم التسويق للمشروع مع الالتزام بمبدأ الشفافية والمراحل.
• ماذا تعني بالمراحل؟
- اي ان المشروع مقسم لمراحل في تنفيذه.. وبعد الانتهاء من مرحلة الدراسات عرض على الناس فتبرعوا لمرحلة التصميم ثم وضع الاساسيات ثم المبنى ثم التشطيبات ثم التجهيز واخيرا تم تشغيله في 7/7/2007.
المنهج العلمي
• إلى ماذا يعود نجاح المشروع؟
- المنهج العلمي هو الاساس في التعامل ويدل على ان الجمهور يتفاعل مع الشفافية.
• ماذا تقصد بالشفافية؟
- هناك مفهوم غير دقيق للشفافية.. فالشفافية لا تعني ان يسير المرء عاريا وهذا لا يتفق والاخلاق والشرع والشفافية لا تعني كشف مالا يجوز كشفه.. لكن في الشفافية يجب ان نقدم للناس ما يهمهم وما يستطيعون فهمه.. وهناك في الموازنات ما يستطيع البعض ان يفهمه وهناك مالا يستطيع فهمه إلا ان المتخصصين يجب ان يخاطبوا لحل شريحة بلغتها.. ونحن لدينا رقابة داخلية وجهات اخرى خارجية تراقب ما نقوم به وهي تابعة لجهات رسمية.. وما اقصده بالنسبة للشفافية ان توجه المعلومات لمن يدركها.
• هل نستطيع القول إن المشروع أتم نجاحه؟
- النجاح كان بفضل الله اولا والانسان يبذل ما لديه والتوفيق من عنده تعالى.. والحقيقة، لم يكن احد يتوقع كل هذا النجاح وانه سيتم وينتهي هذه النهاية الجيدة او لا نقول النهاية بل البداية الجيدة عندما بدأ تشغيله بهذه الصورة.. لانه نموذج جديد يقدم خدمة متميزة وعلى اعلى مستوى بالمجان وللجميع من العرب والمسلمين دون تفرقة وهو شيء لم يعتد مجتمعنا عليه.. علما بان المستشفى يدار ادارة اقتصادية لا توجد علاقة بين الادارة والتمويل.. فالمريض يدخل المستشفى ويعالج وتخرج له فاتورة ولكنه لا يدفعها.. وهذه الفواتير تكون لها اهداف منها احكام الرقابة.. وللعلم ايضا اداريا المستشفى مستقل.. ولكنها تابعة للمؤسسة.. والاصول هي ملك للمؤسسة والتي من اهم ما تقوم به هو مراقبة العمل في اكثر من مشروع منها المستشفى، بالاضافة الى وحدات اخرى والتي منها اكاديمية للبحث العلمي نسعى لانشائها بالاضافة لدار ضيافة لضيافة اسر المرضى وهناك انشطة اجتماعية اخرى.. وهذا غير فرع طنطا للمستشفى الذي نعمل عليه حاليا والملحق للمستشفى الرئيس وهو مبنى جديد مجاور للمستشفى الحالي حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية للمستشفى الحالي 185 سريرا ويضم المبنى الملحق الجديد 125 سريرا.. علما بان الطاقة الاستيعابية للمستشفى لا تعني الاسرة فقط وانما هناك العيادات الخارجية التي تباشر يوميا علاج 500 مريض حيث ان الاسرة لا يستخدمها الا المرضى الذين يحتاجون للعلاج داخل المستشفى واجراء عمليات جراحية وفحوصات مختلفة وعناية مركزة.. علما بان علاج الطفل المريض قد يستغرق 3 سنوات.
• كم تبلغ نسبة نجاح علاج الاطفال المرض في مستشفى «57357»؟
- الاطباء يقولون ان لدينا حالات شفاء كثيرة تصل الى 85 في المئة ولكن لكي نتأكد من الشفاء التام لابد من مرور ما بين 3 الى 5 سنوات لنتأكد تماما حيث ان مرض السرطان من الامراض المترددة التي تعود مرة اخرى.
استمرار
• هل يعتبر مشروع المستشفى انتهى الان بعد افتتاحه وتشغيله؟
- من الخطأ ان نقول ذلك لان مشروع انشاء المستشفى انتهى فعلا لكن استمرار تشغيله امر مختلف ولا نستطيع القول انه اكتمل وسيستمر تشغيله الا عندما تتكون لدينا استثمارات على شكل وقف، وودائع تغطي عوائدها مصاريف التشغيل.. وبما ان الشكل النهائي للمصروفات لم يستقر بعد فانه بالتالي الشكل النهائي للمبلغ المطلوب لم يستقر كذلك.. فنحن لدينا توسع افقي لتلبية الحاجة حيث ان المستشفى الان يعمل بكامل طاقته ولكننا لا نستطيع استيعاب كافة المرضى فأصبح التوسع ملحا وضروريا.. فسمعة المستشفى الان والدعاية له خلق وعيا اضافيا في اكتشاف المرض واصبح الاطباء اكثر انتباها وزاد الاقبال بشكل كبير جدا على العلاج في «57357» .. فأصبحنا نعطي مواعيد متأخرة للمرضى وهذا الامر ولا شك نسعى للقضاء عليه.
• ما هو المبلغ المطلوب لسد كافة احتياجات المستشفى وتشغيله بالشكل المرضي لكم؟
- لا يمكن لاحد ان يحدد فضل الله.. ونحن نأمل من كل من يستطيع ان يضيف للعمل الخيري ان يضيف ولا استطيع القول اننا نحتاج عشرة او عشرين لانه كلما كثرت الاموال كثرت المشاريع التي تستخدم في هذا العمل.
• لماذا لا تقومون بانشاء مشاريع اقتصادية يعود ربحها للمستشفى ويسد بند المصاريف بالكامل؟
- هناك شروط للتعامل مع التبرعات.. وعليها رقابة شديدة من وزارة التضامن الاجتماعي والجمعية العمومية للمؤسسة، ولا توضع الا في الودائع البنكية ذات النسب المحددة.. ونحن حتى الان نتلقى الاموال السائلة فقط او المعدات ونحتاج لادارة الاصول الاخرى وهذا لم نصل اليه بعد.. اي ان المؤسسة في طور دخول مرحلة الوقف.
طنطا
• متى ينتهي العمل في ملحق طنطا وملحق المستشفى الرئيسي؟
- طنطا في نهاية العام ان شاء الله وملحق المستشفى هو في مرحلة الرسومات الان وتجهيز الارض وسيأخذ حوالي 18 شهرا.. وقد يبادر السؤال لماذا 18 شهرا فقط ويتم الانتهاء من هذا الملحق، والسبب بسيط وهو اننا اصبح لدينا المعرفة والخبرة الكافية.. كما اننا نقوم حاليا ومن قبل اشهر باعداد القوة البشرية التي ستعمل في طنطا والملحق الجديد، ويعملون الان داخل المستشفى الام لاكتساب الخبرة.. وفي رأيي ان جزءا من عبقرية هذا المشروع هو الاهتمام بالقوى البشرية من حيث الكفاءة والمستوى.
• بما أننا نتحدث عن القوى البشرية.. ما تعليقك على الانتقادات التي وجهت لكم لارتفاع اجور العاملين في المستشفى.. رغم اعتراضي على هذه الانتقادات حيث ان الراتب الجيد يعني عنصرا بشريا جيدا؟
- الاجور لدينا يتم تحديدها وفق ساعات العمل الفعلية وهذا النموذج يعتمد على التفرغ الكامل . فانا اشترط فيمن يعمل لدي الا يعمل في شيء آخر على الاطلاق.. ان هذا سيجعله يعطي اكثر لدي وبكفاءة واخلاص.. والمنظومة العلاجية جزء منها الطبيب لانها مهنة وليست حرفة.. الطبيب لدي متفرغ تماما ويعمل من الثامنة وحتى الرابعة عصرا ويتلقى المحاضرات بشكل يومي ويدرس حتى الاستشاري وكبار الأطباء ويذهبون لمؤتمرات في الخارج وهذا كله يأتي بثماره ويجعلهم في تطور مستمر.
والحقيقة أن الهجوم من وجهة نظر خاصة بالمهاجمين وله أبعاد أخرى وليس قائما على معيار محدد يمكن المقياس عليه.. والبعض يهاجمنا للاعلانات التي تنشر عن المستشفى وغيرها من المشاريع الخيرية، وخصوصاً في شهر رمضان المبارك ولكن هذا طبيعي لأن هذا الشهر تكثر فيه أعمال الخير.
البعض يهاجمنا بما يعرف في الاعلام بالنقد الانطباعي ومن خلال وجهة نظر خاصة كما قلت ومنهم من ينتقدنا لأنه لا يريد أن يرى طفلا يبكي على الشاشة أو ينتقد حديث طفل تم شفاؤه، بينما هذا مستحسن للآخرين ويجعلهم متفاعلين، الرسائل الاعلامية مختلفة ومتنوعة وترضي شرائح مختلفة وموجهة لهم كما بالنسبة للوسائط الاعلامية من فيلم أو CD أو رسالة اذاعية أو غيرها، فالحديث مع العامة يختلف عن النخبة وعن الاقتصاديين الذين يتحدثون بلغة الأرقام.
دعم سياسي
• ماذا عن الدعم السياسي.. فنحن نعلم أن السيدة سوزان مبارك تشرف على هذا العمل وهناك شخصيات كبيرة كذلك؟
- لاشك أن رعاية السيدة سوزان مبارك لهذا المشروع لعبت دوراً كبيرا ومثل دعما كبيرا له، علماً بأنها لا تضح تحت رعايتها الا المشروعات التي تنطبق عليها معايير مطلوبة وان تلتزم بالشفافية، لكن بالنسبة للدعم السياسي فنحن ليس لنا علاقة بالسياسة، وانما هي جزء من منظومة العمل الاجتماعي.
ومن خصائص هذا المشروع انه يمثل مدى نضج العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، وحينما يكون لديك مشروع هادف وبرنامج فلاشك أنك تجد كل الدعم. ومشروع مستشفى (57357) جعل الناس تؤمن بأن مصر من الممكن أن تظهر فيها أشياء ناجحة ومتفوقة وللحقيقة المستشفى قلب الموازين وخلق شيئا ناجحا.
• العلاج في المستشفى بالمجان؟
- نعم.. ولكل الشرائح.. ونحن نؤمن بأنه «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون»، لذلك لابد أن يكون الانفاق على المرضى على أحسن وجه.. لذلك التعامل مع جميع المرضى سواسية وبالمجان للجميع، وليس لأن المريض فقير لا يجد الاحترام له في الخدمة، فلو كان يملك كل شيء أو لا يملك أي شيء فهو يدخل للمستشفى ويتعامل كأنه مليونير.
فاتورة علاج
• كم تبلغ فاتورة علاج المريض في مستشفاكم؟
- فواتير العلاج حسب حاجة المريض فهناك مريض يتكلف علاجه 70 ألفاً وآخر 700 ألف وممكن مليونا.. وللحقيقة كانت هناك لدى البعض اقتراحات بأن لا نعالج من يتكلف كثيراً لنعالج بدلا منه اعدادا أكبر، ولكن نحن رأينا مختلف فطالما دخل الطفل المريض المستشفى، لا يمكن أن نتركه يموت بل لابد وأن نقدم له كل ما لدينا ونمشي معه لآخر الطريق، ولا يصح أن نستصدر حكما بالاعدام عليه لأنه سيتكلف كثيرا.. فمن يتاجر مع الله لا يخشى أبداً املاق.
• ألم يتقدم اليكم أحد هؤلاء من رجال الأعمال الكبار في الوطن العربي والعالم الاسلامي ليعرض تحمل كل ما تحتاجونه من أموال؟
- لم يحدث ذلك ولكن هناك مساهمات جيدة وكبيرة كما حدث من عائلة الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله وغيرهم لا يحبون أن تذكر أسماؤهم. ونحن في إدارة هذه المؤسسة نحرص على ألا يؤول المشروع لأحد حتى يظل ملكاً عاماً وللجميع المواطن المصري والعربي والمسلم.
• ماذا عن تفاعل الكويتيين؟
- للحقيقة الأخوة الكويتيون وحتى أبناء الجاليات العربية والمسلمة الموجودة في الكويت يتفاعلون معنا ولهم مساعدات قيمة في دعم الفكرة وللمشروع باستمرار، وحتى على المستوى الرسمي نجد السفارة الكويتية في مصر تقدم الدعم المستمر ويزورنا ضيوف كبار من الكويت والكل يقدم ما يستطيع، أيضاً الجالية المصرية في الكويت لها دور كبير وفتحوا حسابا لشراء جهاز مهم يحتاجه المستشفى والحساب الآن ينمو بشكل كبير واقترب من أن يصل للرقم المطلوب لشراء الجهاز.
مشاريع داخل المعهد
مشروع تطوير عيادة الأطفال في المعهد، تم الحصول على إذن من عميد المعهد في هذا الوقت د. رضا حمزة الذي اعطاهم الدور الثاني بأكمله بعد أن كانت عيادة الأطفال لا تتعدى مساحتها بضعة امتار مربعة قليلة للغاية بها سرير واحد وبالكاد يقف فيها طبيب، وتم عمل دراسة جدوى للعيادة حيث قدروا تكلفتها قبل العمل وبدأ كل منهم في الحصول على التبرعات اللازمة لعمل العيادة من السيراميك وسنترال داخلي لتلفزيونات الأطفال واذاعة داخلية وكمبيوتر لتسجيل أسماء المرضى.
وأهم شيء اهتموا به كان هو العاملون في هذه العيادة حيث خصصوا مرتبات توفر لهم حياة كريمة من أجل أن يقوموا بخدمة الأطفال على خير ما يكون.. حيث وجدوا أن الفني الذي يقوم بتشغيل جهاز يتكلف مليون جنيه يتقاضى سبعين جنيهاً في الشهر!! مما نتج عنه بالطبع عدم الاهتمام والاستهتار في صيانة الجهاز والاهتمام به لأنه كانسان لا يحصل على حقه الطبيعي للعيش بصورة كريمة.
وتغيرت الصورة تماماً فبعد ان كانت العيادة تغلق أبوابها في الواحدة ظهراً أصبحت مفتوحة طوال اليوم.. والصيدلية التي كانت دائماً مغلقة وخاوية من الأدوية الضرورية اصبحت مفتوحة على مدار الساعة، وتمد المرضى بكل ما يحتاجون اليه من دواء، اذا كانت الأدوية الناقصة يتم تعويضها بتبرعات عينية من الأدوية.
والــــنتيجــــة؟
اصبح هناك مكان يحترم ادمية الطفل ولا يعاقبه على مرضه، يقف على راحته مجموعة من المتخصصين والعاملين لاهم لهم سوى خدمة هؤلاء المرضى المساكين.
وانتقلوا بعدها الى المشروع الاهم والاخطر وهو مشروع الصيدلة الاكلينيكية الذي قام الدكتور شريف بنقل طرق تحضير الدواء مع الاجهزة المعاونة على ذلك، والمشروع ببساطة هو تحضير الدواء الذي يتطلب دقة عالية جدا على يد اطباء صيادلة باستخدام تقنيات حديثة من خلال معامل بها اجهزة قادرة على ضبط الجرعات وحفظها في اماكن لا تفسد الدواء حيث انه كان في الماضي من يعطي الدواء مجموعة من الممرضات لسن على درجة عالية من التعليم مما كان يفسد جزءا كبيرا من الدواء، بالاضافة الى اعطاء الاولاد جرعات خاطئة فكان بعضهم يموت جراء ذلك.
وكانت نتيجة عمل هذه الصيدلية الاكلينيكية تطورا مذهلا في شكل وجرعات الدواء بان بدأت نسب الشفاء تعلو بشكل غير عادي، بالاضافة الى تكوين فريق عمل طبي من الصيادلة على درجة كفاءة عالية في تحضير الادوية المعالجة لمرض السرطان والتي استفاد منها المعهد بشكل كامل في العلاج للاطفال والكبار.
ثم انتقلوا الى المشروع الاكبر وهو مشروع كفالة السرير، وهذا المشروع يقوم على قيام المتبرع بالتكفل بنفقات اقامة اي طفل مريض يرقد على السرير وقد بدأ هذا المشروع بالفعل بعدد 8 اسرة الى ان وصل الى 1200 سرير، وقد انعكست هذه الفكرة على نسبة شفاء الاطفال التي بدأت تعلو تطبيقا لمبادئ التكافل التي اقرتها كل الاديان.
وهناك ايضا الكثير من المشروعات الاخرى نذكر منها: معمل الجينات، معمل التبرع بالصفائح الدموية، دار الضيافة، التبرع بالدم، ونحن هنا نذكر هذه المشاريع لكي نقول ان الخير لابد ان يدار بفكر مستنير حتى نصل به الى الهدف السامي الذي خلقه الله وهو ان يعيش العالم في سلام وصحة جيدة، ولكي ننجح في الاختبار الصعب الذي وضعه الله لنا لكي يرى كيف نتصرف فيه، وهو ان نجود بالنعم التي اعطانا الله اياها على المحروم سواء كانت تلك النعم مادية او معنوية ونسأل الله التوفيق والرضا والنجاح.
خطوات تنفيذ الأهداف
1. قامت الجمعية بعمل مناقصة لدراسة الجدوى بين الشركات العالمية المتخصصة في مجال الرعاية الصحية وفازت بها شركة SLAM التي قامت بعمل دراسات لمدة 6 شهور درسوا فيها الآتي:
التركيبة السكانية للاطفال المرضى بالسرطان.
دراسة لتطور المرض وتوقعات انتشاره.
دراسة العرض والطلب والاحتياج لمثل هذا المستشفى.
التكلفة المحتملة لتشغيل مستشفى عالمي.
المواصفات المطلوبة لنوعية الاجهزة المستخدمة لتقديم العلاج على مستوى عالمي.
القدرات العلمية والمهنية للاطباء وجميع العاملين في المستشفى.
2. وبعد هذه الدراسات المكثفة قاموا باعطائنا دراسة جدوى متكاملة لبناء اول مستشفى عالمي في مصر والشرق الاوسط لعلاج سرطان الاطفال وكانت التكلفة المبدئية للمستشفى هي 70 مليون دولار للمرحلة الاولى.
في هذه المرحلة قامت الجمعية بالحصول على ارض المشروع وهي ارض المدبح القديم بالسيدة زينب بمساعدة د. فتحي سرور الذي نجح في اقناع محافظ القاهرة الدكتور عبدالرحيم شحاتة باعطائنا الارض لنقوم بعمل المشروع. وقامت بعد ذلك السيدة سوزان مبارك بوضح حجر الاساس للمشروع وكان ذلك دعما كبيرا للمشروع في بدايته.
-3 في اول عام 2000 تم عمل مناقصتين الاولى للشركات التي لها خبرة في ادارة المشروعات، وقد فازت بها شركة Skanska السويدية التي قامت بجميع اعمال المشروع حتى نهاية عام 2002 والمناقصة الثانية للشركات المعمارية التي لها خبرة في رسم وتخطيط المستشفيات التي تعالج مرضى السرطان.
وقد فازت بها شركة جوناثان بايلي Jonathan Bailly التي قامت بدراسة كل شيء له علاقة بسرطان الاطفال لمدة 9 شهور قبل ان يقوموا برسم المستشفى على وضعه الحالي واستطاعوا من خلال دراساتهم المستفيضة علاج الكثير من المشاكل الفعلية في المباني والمستشفيات الموجودة في مصر، كما استطاعوا علاج الكثير من السلوكيات الخاطئة عن طريق مراعاة جميع المعايير العالمية في بناء المستشفيات.
جوناثان بايلي:
قامت الشركة بعمل دراسة مكثفة لمدة 9 شهور قبل رسم مبنى المستشفى وقامت برسم مبنى يخدم الوظيفة التي من اجلها بنيت المستشفى، و هي مدرسة في التصميم تقوم على علاج الكثير من السلوكيات الخاطئة للافراد داخل مبان مشابهة.
كما قامت الشركة باعطائنا سر الصنعة في بناء المستشفيات التي تعالج السرطان وفي نفس الوقت قامت بدراسة سلوكيات كل من له علاقة بالسرطان في مصر من اطباء ومرضى التمريض والمرضى الاطفال وذويهم وفي النهاية قدمت رسما لمبنى المستشفى الحالي، وقد حصل التصميم على جائزة احسن تصميم لمبنى مستشفى. في مجلة (...) التي تعد من اكبر ا لمجلات في التصميم المعماري في العالم.
وقد قام المصمم بتسمية تصميم المستشفى «سفينة الامل» واذا قمنا بالنظر الى شكل المبنى ستجده يشبه السفينة حيث جسم المستشفى الامامي يمثل العيادات الخارجية والمبنى الخلفي عبارة عن اسطوانات دائرية وهو يمثل العيادات الداخلية وسكن الاطفال ومن حوله الاشرعة الخارجية لمبنى المستشفى..
مبنى المستشفى
-1 مساحة الارض
التي بني عليها المستشفى هي 20 الف متر وهي عبارة عن مبنى ارتفاعه 7 ادوار على مساحة 10.000 متر وحوله 10.000 متر اخرى، تشكل المنظر الطبيعي المليء بالاشجار الذي سيصبح رئة المستشفى. كما تم استغلال اشعة الشمس بشكل فعال جدا.
-2 مدخل المستشفى
عبارة عن الكرة الزجاجية المكونة من زجاج ملون معشق عندما تضيء فيه العيادات الخارجية التي تستقبل حوالي 450 حالة الى 500 حالة يوميا ويعد هذا رقما كبيرا جدا في علاج مرض السرطان.
-3 المبنى الخلفي
وهو مصمم على شكل دوائر اسطوانية وهو يمثل المسكن الداخلي للاطفال المحجوزين بالداخل وهو يمثل 185 سريرا فقط في المرحلة الاولى ويزيد الى 350 سريرا في المرحلة الثانية ان شاء الله.
ومن التقنيات العالية المستخدمة ينتظر ان تكون دورة المريض على السرير عالية جدا، بمعنى ان الطفل الذي يجب احتجازه لمدة شهر في المستشفيات العادية يتم احتجازه لمدة 10 ايام في المستشفى فقط، ويعود ذلك الى تقنيات الرعاية الصحية العالية جدا التي تستخدم وايضا الى الاهتمام والرعاية الدائمين للطفل المريض.
وبذلك يعود لحياته الطبيعية باكبر سرعة ممكنة ويمارس العلاج من الخارج.
-4 المبنى الخارجي:
المصمم بالكامل من الزجاج ولكنه زجاج من نوع خاص جدا اسمه «لوتا لايك» وهو عبارة عن طبقتين بينهما زجاج للفوائد التالية:
- ادخال الضوء ومنع دخول الأشعة حتى لا يتأثر بها الأطفال.
- توفير الاضاءة نظرا لأن ضوء الشمس يدخل ويعطي الأطفال تفاؤلا.
- توفير في استهلاك التكييفات لأن أشعة الشمس لا تدخل.
- يمكن صيانة وتنظيف المبنى يومياً بسهولة.
- شكل مستقبلي جميل يضفي البهجة لكل من يراه.