أكد اقتصاديون أن الكويت أنجزت مراحل متقدمة لمعالجة الضغوط على ميزان المدفوعات بتقليص أعداد العمالة الوافدة وتعويضها بعمالة محلية للحد من نزيف التحويلات المالية للخارج.
وتسارعت مساعي الحكومة لتوطين العمالة المحلية في الوظائف الحكومية، مؤخرا، بغرض دعم الإصلاح الاقتصادي وخفض الأعباء المالية المترتبة بالاعتماد على الوافدين.
ويرى الخبير أحمد النعيمي، أن تحويلات الوافدين للخارج تمثل نزيفا للأموال وضغطا على ميزان المدفوعات في الكويت ودول الخليج عموما، خاصة مع انخفاض أسعار النفط.
وأوضح أن الكويت بدأت في معالجة الأمر، ومجلس الأمة يضغط على الحكومة من أجل خفض أعداد الوافدين والاعتماد أكثر على المواطنين.
وقال إن “إجراءات التوطين من شأنها تحقيق خفض في التحويلات الأجنبية على المدى الطويل بعد الاستغناء التدريجي عن العمالة الوافدة، وبالتالي تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات”.
ويبلغ إجمالي تحويلات الوافدين في الكويت 15.3 مليار دولار سنويا نسبة 13.8 بالمئة من الناتج المحلي بالأسعار الجارية.
وبدأت الكويت منذ سبتمبر الماضي إجراءات حكومية متتالية، لـ“تكويت الوظائف” من أجل تنفيذ خطة لتخفيض العمالة الوافدة تدريجيا بالقطاع العام واستبدالها بأخرى كويتية خلال مدة 5 سنوات.
وفرضت تلك الإجراءات، التي تتسارع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، ضغوطا متزايدة على العمالة الوافدة في البلاد تدفعها للتفكيرة بالرحيل.
وتبلغ نسبة توطين الوظائف في القطاع العام الكويتي نحو 68 بالمئة، مقابل 32 بالمئة من العمالة الوافدة والتي يقدّر تعدادها بنحو 85 ألف موظف، وفق بيانات مجلس الخدمة المدنية الكويتي المنشورة في ديسمبر الماضي.
وتبلغ تكلفة توطين الوظائف بشكل كامل وفي جميع القطاعات حوالي مليار دينار (3.3 مليارات دولار) سنويا، لتعويض الفارق بين الرواتب إذ يرتفع أجر الكويتيين عن الوافدين في نفس الوظائف، وفقا لتقديرات حكومية.
وعلى خطى دول خليجية أخرى، تسير الكويت في حملة لتقليل عدد الوافدين، وأقرّت في الشهر الماضي، قرارا بزيادة الرسوم الصحية على المرضى المقيمين والمسجلين في نظام الضمان الصحي.
كما أعلنت وزارة الداخلية بعد ذلك عن منح مهلة تنتهي في الـ22 من هذا الشهر لمخالفي الإقامة في البلاد والبالغ عددهم 154 ألف وافد، لإصلاح أوضاعهم دون المساءلة عن غرامات التأخير المترتبة عليهم.
وينص قانون الإقامة الكويتي، على غرامة مالية قدرها 10 دنانير (33 دولارا) عن كل يوم بعد المدة المسموح بها للزائر، فيما ينص على غرامة دينارين (6.6 دولارات) عن كل يوم لمن لديه إقامة.
ويقول الباحث الاقتصادي الكويتي محمد رمضان إن مخاطر التوطين تكمن في تعطل بعض المشروعات التي تنفذها الجهات الحكومية، فضلا عن أن الوافد يقوم بالأعمال التي يرفض المواطنون القيام بها.
وتسببت أزمة النفط في تقليص مشاريع حكومية للقطاع الخاص، الذي عجز عن دفع رواتب موظفيه، كما حصل مع شركات في السعودية، قبل أن يتم الإعلان عن حل أزماتها.
وأوضح أن سياسة “التكويت” في السابق خفضت أعداد الوافدين شكليّا في الحكومة، مقابل زيادتهم بالقطاع الخاص بشكل كبير، ما قد يفسر انخفاض نسبة الكويتيين في التركيبة السكانية إلى 30 بالمئة خلال السنوات السابقة.
وأشار الخبير إلى أن التكلفة الحقيقية لتعميم “التكويت” يمكن خفضها من خلال تقنين وضع البطالة المقنّعة داخل الجهاز الإداري للدولة.
وقال إن “هناك خفضا وهميا لأعداد الوافدين بالقطاع العام، إذ تستعين الحكومة لتنفيذ عقود الخدمات بالقطاع الخاص، والذي بدوره يعيّن الوافدين لأداء الأعمال”.
وأكدت الحكومة في سبتمبر الماضي أن الإصلاحات تمكّنت من ترشيق الموازنة التي ظهرت نتائجها في السنة المالية التي انتهت في 31 مارس الماضي، حيث وفّرت 3.32 مليار دولار، مشيرة إلى متانة الاحتياطات المالية والأصول التي تملكها الدولة.
وتهدف الاستراتيجية الكويتية المعروفة بوثيقة الإصلاح الاقتصادي إلى تعديل أوتار الموازنة العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملّك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل.
وأظهر مسح أعدّته الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية، استقرار معدل البطالة في الكويت البالغ تعداد سكانها 4 ملايين نسمة، عند 2.2 بالمئة خلال العام المالي 2016-2017، دون تغيير عن العام السابق له.
وأورد المسح، أن نسبة البطالة بين المواطنين سجلت 6.4 بالمئة، بينما سجلت 1.7 بالمئة للأجانب الذين يشكلون نحو 68.9 بالمئة من تركيبة السكان في الكويت.
وتعتمد الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 90 بالمئة من موازنتها العامة، وتضرّرت كثيرا كباقي دول الخليج بسبب هبوط أسعار الخام منذ منتصف 2014.