كلما اشتدت الأزمات الخارجية في محيط الكويت ارتفعت أسعار «السوق السوداء» لتجار الإقامات، إذ تشتد حاجة العمالة للعيش في الكويت لاعتبارات اقتصادية واجتماعية وأمنية، إضافة لكون أرض الكويت مغرية للعديد من الجنسيات التي ترى فيها أرض الأحلام.
والعمالة تتدافع للإقامة في الكويت ليس من أجل سياحتها أو مناخها، وإنما لارتفاع قيمة دينارها وثباته مع العملات الصعبة عالميا، وهناك من يدفع للإقامة نحو 10 آلاف دينار، وهم يملكون رؤوس أموال كبيرة، ولكنهم يأتون للكويت مرتين في السنة حتى لا تسقط إقامتهم بقوة القانون، الذي لا يجيز خروج الوافد لأكثر من 6 أشهر متواصلة من غير موافقة الإدارة العامة لشؤون الإقامة.
رجل أعمال يحمل الجنسية العراقية، ومقيم في الاردن، لا يرغب في ذكر اسمه يقول: «لديّ إقامة في الكويت منذ 5 سنوات ولكن لا أحضر لها الا قبل انتهاء الفترة المسموح بها، وعدم عملي بالكويت بسبب الروتين والبيروقراطية».
وأضاف: «على سبيل المثال لديّ اقامة في دبي، وكذلك الأردن، وأملك رأسمال يتجاوز 10 ملايين دولار، ولكن وجودي بالكويت لأنها الأكثر أمناً في المنطقة، وملاذاً في حالة تزعزع الأوضاع في الدول التي أستوطن فيها».
سوق سوداء
وعن وجود «سوق سوداء»، أكد أنها منتشرة بالكويت، ولكنه شخصيا وضع الإقامة عن طريق صديق، ووضع له راتب ألف دينار شهرياً تم إيداعه في حساب الشركة ثم يسحب، معترفا أنه «احتال على القانون مجبراً ولا يقصد بذلك مخالفة القانون».
وتشير مصادر متابعة إلى أن هناك سوقاً سوداء للإقامات في الكويت كبيرة جداً، وتحمل في ثناياها ملايين الدنانير، أي أن هناك شركات تحقق أرباحاً سنوية لا تقل عن 100 ألف دينار وهي في الحقيقة مكاتب وهمية.
الاطمئنان الأمني
وفي الجانب الأمني، فالعمالة الهامشية منتشرة في كل محافظات الكويت، والبعض منها يعمل في الأطراف المترامية وفي المزارع ووسط الصحراء، وهي العمالة البسيطة التي تحمل مسمى، على حسب الهيئة العامة للقوى العاملة، «عاملاً خفيفاً»، فتجد لهم تجمعات، ولديهم مقاولون وسماسرة، متى ما دعت الحاجة لهم يتم جمعهم لتقسيم الأرزاق اليومية حسب المتفق عليه.
وهؤلاء لا يعيشون قلقاً بأن يتم سلب حقوقهم، فالمخافر كفيلة باستقبال البلاغات والتحقيق فيها وعودة الحقوق لأصحابها، ولا يتم محاسبتهم لأنهم مخالفون لشروط الإقامة، وحتى القوى العاملة تستقبل الشكاوى من العاملين، ويتم التحقيق فيها وإحالتها الى المحكمة في حال تقديم شكوى للعامل على أي شركة لم تدفع له الأجرة، حتى وإن كان لا يحمل الإقامة على نفس الشركة، والعمالة تدرك أيضا أن الاعتداء عليهم من أي مواطن أو شخص، مهما كان منصبه، لا يحميه من القانون والقضاء، وأن هناك عمالة قدمت شكاوى، وتم النظر فيها بالمحاكم الكويتية وتعويض أصحابها ماليا، وإدانة مواطنين، وبعضهم حكم عليه بالسجن.
الجانب الإنساني
وأما في الجانب الإنساني، فالعمالة البسيطة على سبيل المثال لا تعاني من مشكلة قوت يومها، فالمجتمع الكويتي يقدم الخيرات في كل مكان، وهذه القيم منتشرة في الكويت، إضافة إلى أن الاعتبارات الإنسانية في كثير من الأوقات تطغى على العلاقة بين أرباب العمل والعمالة، والخدمات الصحية التي يحظون بها لها أبعاد إنسانية بغض النظر عن توجه الحكومة في رفع الأسعار.
ويرى متابعون أن العمال يدفعون أموالا، وهم يعلمون أن الأرضية التي يحظون بها غير متوافرة في كثير من البلدان، وهم في النهاية يستغلون الفرصة لدى الأنفس الضعيفة ولدى تجار لا يفرقون بين الحلال والحرام، الذين يستحوذون على جزء من أرزاقهم!