ما ان انتشر خبر تراجع وزارة الداخلية عن قرار سحب السيارات على مخالفات الوقوف الممنوع والتحدث بالهاتف أثناء القيادة وعدم ربط الحزام، والاكتفاء بالمخالفات المقررة سابقا، حتى عاد قائدو السيارات، من مواطنين ومقيمين إلى عادتهم القديمة، فوقفت السيارات في الأماكن الممنوعة، وفكّ السائقون حزام الأمان واستخدموا الهاتف أثناء القيادة.
فبعد 24 ساعة فقط على تطبيق الوزارة قرار سحب السيارة لمدة شهرين بسبب مخالفات عدم ربط حزام الأمان والتحدث بالهاتف أثناء القيادة، والذي أسفر عن حجز مئات السيارات، أوقفت الوزارة تطبيق القرار، استجابة للنداءات الشعبية والبرلمانية، التي رفعت الصوت عالياً رفضاً لهذه العقوبة المشددة، فأصدر وكيل الوزارة الفريق محمود الدوسري قراراً بوقف العمل بسحب السيارات، والاكتفاء بالمخالفات المعتادة التي لا تتجاوز 10 دنانير، مع التوجيه بتحويل كل مخالفات السيارات المحجوزة اول من أمس إلى عادية والإفراج عنها فوراً.
ورأت مصادر أمنية ان «تطبيق القرار في يومه الأول، كشف عن تدني نسبة الوعي المروري لدى مستخدمي الطريق وقائدي المركبات بشكل كبير جداً، أظهره العدد الهائل للمخالفات التي تم تسجيلها»، مبينة ان «وزارة الداخلية تشدد دائماً على أنها لا تهدف في قراراتها لتحقيق الضبط المروري إلى الغرامة بقدر السعي لتأمين سلامة مستخدمي الطريق».
ولاحظت المصادر ان «الاعتراض الكبير على سحب السيارة، وإن كان تبريره ان العقوبة قاسية، إلا انه من غير المبرر أيضاً ارتكاب المخالفة نفسها مهما كانت الأسباب، ومهما كانت العقوبة مخفّفة، وبالتالي فإن الأساس هو الالتزام بالقوانين والقرارات المرورية من دون الالتفات إلى قيمة المخالفة، والخوف منها إذا كانت مغلّظة والإقدام عليها في حال تخفيفها».
وعن ظروف صدور قرار الوقف، قالت مصادر امنية لـ«الراي» انها «ناتجة عن الضغط الشعبي وردود الفعل التي رأت في القرار اجحافا بالعقوبة وتغليظا دون داع امام مخالفتين لا تمثلان خطرا واضحا وبينا على سلامة مستخدمي الطريق، كالمخالفات الأخرى مثل قطع الاشارة الضوئية او السرعة او الاستهتار والرعونة، وبالتالي فإن عقوبة حجز المركبات لمدة شهرين لهاتين المخالفتين تعتبر شديدة جداً».
وقالت المصادر إن «الرأي الشعبي استند إلى ان سحب المركبة يعني عقابا جماعيا للأسرة الكويتية، دون ان يقتصر العقاب على المخالف نفسه، ناهيك عن كون حجز المركبة فوريا، مما يعني معاقبة المواطن واسرته واطفاله مع السائق، إضافة إلى سبب جوهري وهو ان عملية حجز المركبات من الممكن ان تؤدي الى إيذاء المركبات خلال عملية السحب والنقل، وهي املاك خاصة للمواطنين وكلفتهم مبالغ وأقساطا مترتبة على الاسرة».
واشارت إلى ان «المعارضين استشهدوا بجميع دول العالم، ولاسيما في أوروبا، وهي تطبيق العقوبة بالغرامة على من يقوم بهاتين المخالفتين وهي دفع غرامة مالية وتتضاعف ماليا عند التأخر عن دفعها ولا يصل الامر لحجز المركبات».
وبينت المصادر «ان هناك رفضا قانونيا للقرار من القانونيين والمحامين، ولجأ بعضهم للقضاء بهذا الشأن لوقف القرار، مستندين إلى ان تغيير قانون المرور يحتاج الى تشريع من مجلس الامة، ووزارة الداخلية ليست ذات صلاحية بتطبيق العقوبات كما فعلت حين اصدرت القرار الوزاري الخاص بعقوبة حجز المركبات لشهرين لمخالفات الهاتف النقال وحزام الامان».
وذكرت ان «فرض الرسوم او اجراء تعديلات على مواد قانون المرور يحتاج الى تشريعات وموافقات من مجلس الامة، الا ان وزارة الداخلية انفردت بالامر وباشرت زيادة مواد العقوبات من 16 مادة إلى اكثر من 50 مادة عبر تعديلات بقرارات وزارية».
من جهة الرأي الآخر المساند للقرار والذي لم يؤخذ به، فهم يرون «اننا في بلد قانون وبالتالي تطبيق القانون بحزم ووفق الدستور، مطلب رئيسي ولا سيما في المخالفات المرورية وتغليظها لمواجهة حرب الشوارع، ونزيف الارواح الذي يتم حاليا ووقف الاستهتار المروري»، مؤكدين ان «التراجع عن القرار سيزيد من تكريس مفهوم الضغوط لعرقلة القانون، وهو الذي يتنافى مع تطبيق القانون، ناهيك عن الحديث عن احصاءات رسمية تتحدث عن تقلص أعداد الحوادث وبالتالي انخفاض عدد الوفيات والمخالفات والمبالغ المالية المدفوعة للمخالفات وكل هذه الامور ثمرة الاجراءات الجديدة المطبقة والتي يجب ان تستمر».
وما بين هذا الرأي وذاك، انتصر معارضو القرار، وتم وقفه رسميا من قبل وكيل وزارة الداخلية الفريق محمود الدوسري على ان يصدر قرار وزاري لاحقا من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية لالغاء القرار السابق حول العقوبة.
وعن اهم الاجراءات المتبعة بعد وقف القرار، قالت المصادر «تم اصدار تعليمات للدوريات بالاكتفاء بتحرير المخالفات المباشرة لهاتين المخالفتين دون الحاجة لحجز المركبة وان يستمر عمل كاميرات المراقبة بتسجيل المخالفات غير المباشرة».
وعن المركبات المحجوزة، قالت إن «على اصحابها مراجعة ادارات المخالفات ودفع المخالفة واعطائهم شهادة افراج مرورية تخولهم للاتجاه لمراكز حجز المركبات لتسلم مركباتهم بعد دفع ارضية الحجز».
وعن البديل، قالت المصادر: «البديل لمواجهة هذه المخالفات اقرار مشروع زيادة المخالفات المقدم لمجلس الامة وان يكون هناك تقييم فعلي لقانون المرور يتواكب مع العالم».
آراء نيابية
الهاشم: غرامة مالية 3 مرات ثم السحب
اعتبرت النائب صفاء الهاشم قرار الوزارة بحجز المركبات سيئا على المواطنين وغير مدروس ومثير للشفقة، موجهة تحدياً الى وزير الداخلية أن يثبت بدراسة تحليلية أن هذا هو الحل.
وقالت الهاشم «سأتقدم باقتراح برغبة بمخالفة المكالمة وحزام الأمان والاشارة الحمراء على أن تبدأ تدريجياً بـ50 دينارا وتتضاعف تدريجيا لمدة ثلاث مرات ثم تسحب رخصة القيادة لمدة سنة». وخاطبت الوزير الجراح، حول مقترحها بالقول «إشرايك؟ نبي الهمّة في التطبيق بس».
الحويلة: السحب بعد المخالفة الرابعة
تقدم النائب الدكتور محمد الحويلة فاقتراح برغبة، نص على ألا يتم سحب السيارة لمخالفة ربط الحزام واستعمال الهاتف، إلا بعد 4 مخالفات، يتم بعدها سحب السيارة لمدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على شهر، ويتم احتساب المخالفات بشكل تصاعدي تبدأ من 50 دينارا، ثم 100 ثم 150 ثم 200، والمخالفة الخامسة يتم على أساسها سحب السيارة.
كما تضمن اقتراحه ألا يتم دفع رسوم أرضية على السيارات المسحوبة، وتوضع في أماكن مخصصة ومظللة ومحمية، حتى لا تتعرض سيارات المواطنين للتلف والسرقة، كما يجب سحبها بعناية حتى لا يحدث خلل فني أو تكسير بالسيارة اثناء دفعها بالونش أو نقلها للحجز. مع توفير أجهزة دفع فوري مع قاعدة بيانات تحتوي على أرقام أصحاب رخص القيادة يتم من خلالها دفع المخالفة المرورية بشكل فوري.وقال الحويلة في معرض اقتراحه ان أهمية الالتزام بالضوابط واللوائح المتعلقة بقوانين المرور أمر مهم جداً لما لها من أهمية، خصوصاً أن نسبة الحوادث تشير إلى ارتفاع كبير في معدلات الوفيات، ولكن القرار الأخير بسحب السيارة يجب أن تتم إعادة النظر فيه من خلال تقييم المخالفات بوضع غرامات مالية معينة، او جزاءات أخرى بديلة.
عسكر: لا يصح إلا الصحيح
أشاد رئيس لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية النائب عسكر العنزي بنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح، ووكيل الوزارة‬ الفريق محمود الدوسري لسرعة تجاوبهما مع المطالَب النيابية والشعبية بوقف القرار المتعسف بسحب المركبات لمخالفتي حزام الأمان‬ واستخدام الهاتف، وإعادة المركبات المخالفة لأصحابها والاكتفاء بتحصيل الغرامات المالية. وقال «بالأخير لا يصح الا الصحيح».