أكدت وكالة «فيتش»، تصنيفها الائتمانئ السيادي للكويت لعام 2017 عند «AA» مع نظرة مستقبلية مستقرة، مبينة أن التصنيف يعكس أوضاعها المالية والخارجية القوية.
وفي حين أوضحت الوكالة في تقريرها أن سعر التعادل البالغ 50 دولاراً يعد واحداً من أدنى مستويات التعادل المالي بين البلدان المصدرة للنفط، لفتت إلى أن الاعتماد الزائد لاقتصاد الكويت على النفط، والمخاطر السياسية، وضعف الحوكمة، ومناخ الأعمال، عوامل تحد من نقاط القوة الائتمانية للبلاد.
وذكرت «فيتش» أن الرعاية الاجتماعية السخية، والدور الكبير الذي يضطلع به القطاع العام في الاقتصاد المحلي، يمثلان تحديات متزايدة للمالية العامة للبلاد، مع حقيقة النمو القوي لعدد سكان البلاد.
وكشفت أن أصول الهيئة العامة للاستثمار، تجاوزت 514 مليار دولار بما يمثل 453 في المئة من الناتج المحلي بحلول نهاية 2016، منوهة بأن حصة صندوق احتياطي الأجيال القادمة تبلغ 400 مليار دولار، وهي في نمو متواصل، نتيجة نقل 10 في المئة من الإيرادات الحكومية في كل عام.
وأوضحت الوكالة أن الاحتياطي العام الذي يشمل الفوائض الحكومية المسجلة في السنوات الماضية، واصل الانخفاض للعام الثالث على التوالي إلى 116 مليار دولار، نتيجة استخدام الحكومة جزءا من هذه الفوائض في تمويل الإنفاق.
وأشارت «فيتش» إلى أنه في حال استمر العجز المالي عند المستوى المتوقع للسنة المالية المنتهية في مارس 2018 (السنة المالية 17 /18)، واستمر نقل الإيرادات الحكومية إلى صندوق الأجيال المقبلة، فإن صندوق الاحتياطي العام سيبقى المصدر الوحيد للتمويل والإنفاق، ما سيؤدي إلى استنفاده خلال 10 سنوات.
وتوقّعت الوكالة أن يكون تمويل عجز السنة المالية 2017/18 عن طرق أدوات دين مماثلة، رغم أن ذلك مرتبط باعتماد قانون الدين الجديد، والذي يقضي برفع سقف الدين العام إلى 20 مليار دينار، مبينة أنه إذا تم ذلك فإن دين الكويت العام سيسجل مستوى جديداً في السنة المالية 19/20، عندما يعادل 48 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأفادت أن الموازنة العامة في السنة المالية 2016-2017 حققت فائضاً بنحو 0.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك بحساب دخل الاستثمارات الحكومية واستبعاد مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة.
وفي حين قدّرت «فيتش» قيمة العجز للسنة المالية 2016-2017 بنحو 5.9 مليار دينار، توقّعت وفي ظل افتراض سعر خام برنت عند 52.5 دولار للبرميل في العامين 2017 و2018، أن تسجل الموازنة العامة فائضاً محدوداً بنحو 88 مليون دينار في 2017-2018.
وبينما قدرت الحكومة عجز السنة المالية 2017/18 بنحو 7.8 مليار دينار، توقعت «فيتش» أن تسجل الموازنة العامة عجزاً بنحو 6.4 مليار دينار، وذلك على نفس سعر النفط الافتراضي (45 دولارا للبرميل)، مؤكدة أن سياسة الكويت تقضي بعدم اللجوء إلى صندوق الأجيال القادمة لتمويل العجز.
واعتبرت الوكالة تقدم الحكومة في تنفيذ برنامجها المتعلق باستدامة المالية العامة والإصلاحات الاقتصادية بطيئا، عازية ذلك إلى عدة أسباب منها معارضة أعضاء مجلس الأمة بعد انتخابات 2016، مبينة أنها تعمل على اتخاذ تدابير للحد من الإنفاق، بما في ذلك القضاء على ظاهرة تغييب الموظفين العاملين في القطاع العام، وتشديد قواعد المكافآت، ووقف صرف بدلات جديدة والحد من السلطة المالية للميزانية التقديرية.
وقالت إن الحكومة تستمر في تحقيق بعض النجاح في التدابير التي لا تتطلب تشريعات جديدة كبيرة مثل إعداد الموازنة العامة «التأشيرية» لعدة سنوات، ووضع سقف للانفاق العام، وتشديد قواعد التوظيف والمكافآت في الخدمة المدنية.
وأفادت الوكالة أن تقدم الحكومة سيكون «بطيئا» في اتخاذ تدابير أكثر شمولاً مثل قانون الأجور والمرتبات في القطاع العام، وقانون للتخصيص، وضريبة القيمة المضافة، وقوانين ضريبة الإنتاج، عازية ذلك إلى معارضة سياسية قوية في مجلس الأمة.
وتوقعت «فيتش» انكماش ناتج الكويت المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.5 في المئة في 2017 مقارنة بنمو بنحو 3.5 في المئة في 2016 مدفوعا بتخفيض الإنتاج النفطي للكويت بما يتماشى مع اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
ورجحت الوكالة أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية نمواً بنحو 3 في المئة خلال السنوات (2017-2019) مدفوعاً بارتفاع الإنفاق الحكومي وبشكل خاص الإنفاق الاستثماري.
وأشارت إلى أن التضخم كان محدوداً رغم زيادة أسعار المشتقات النفطية كما أن الرقم المسجل للأراضي الممنوحة للمواطنين ضمن برنامج الإسكان الحكومي في عام 2016 سيدعم نشاط البناء السكني في السنوات المقبلة في حين تتمتع البنوك الكويتية برسملة وسيولة وربحية كافية.
ولفتت «فيتش» إلى العديد من العوامل التي تؤثر سلباً على التصنيف الائتماني مثل تآكل متانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط، وعدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.
وفي المقابل أشارت إلى العديد من العوامل التي تؤثر ايجاياً على التصنيف الائتماني بشكل فردي أو جماعي مثل التحسن في نقاط الضعف الهيكلية مثل خفض الاعتماد على النفط، وتعزيز مؤشرات الحوكمة وبيئة الأعمال وإطار عمل السياسة الاقتصادية.
وأوضحت الوكالة أن الكويت ظلت محايدة في الأزمة الخليجية بين قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات، بل إنها حملت على عاتقها دور الوسيط لرأب الصدع، معتبرة أن «السياسة الخارجية الكويتية تحظى بالاحترام داخل مجلس التعاون الخليجي، ولا نرى إلا القليل من المخاطرة بفرض عقوبات عليها بسبب استمرار علاقاتها مع قطر أو إيران».