طالبت الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان وزارة الصحة بإعادة النظر في قرار رفع رسوم الخدمات الصحية على الوافدين، بعدما رصدت حالات إنسانية أقعدها عدم القدرة على دفع التكاليف وفق الرسوم الجديدة عن متابعة العلاج.

وفيما طالبت الجمعية الوزارة برفع يدها عن جيوب الوافدين، وصفت يوم الأول من أكتوبر الذي بدأ فيه سريان قرار زيادة الرسوم الصحية على الوافدين بأنه يوم الفاجعة. واعتبرت، في تقرير لها خصت به «الراي» ورصدت فيه حالات إنسانية من الوافدين تعرضت لكوارث بسبب عدم مقدرتها على دفع الرسوم الصحية، أن «وطن النهار قد أظلم في عيون الوافدين».

وقال التقرير «زيادة الرسوم الصحية على المُهاجرين أدت لانخفاض حالات المُراجعة بنسبة 30 في المئة، كما أفادت وزارة الصحة، وتبدو أسباب الانخفاض واضحة وهى عدم قُدرة المرضى على مُتابعة حالتهم لأسباب مالية، ومهما كان لهذا الانخفاض من ايجابيات تعتقد وزارة الصحة أنها قامت بتحقيقها، فإن قانون نيوتن للحركة ينص على أن لكل فعل رد فعل، وقد تناقلت وسائل تواصل اجتماعي عن وفاة أحد الوافدين الذي أُصيب بجلطة في القلب وخرج من المستشفى على مسؤوليته، ليعود إليه في اليوم التالي وقد فارق الحياة، ولم تتمكن الجمعية من الوصول إلى هذه الحالة ولكن المنطق يقول إن الزيادة تعني اهمال الوافدين لصحتهم، ما يُنذر بكارثة صحية ومآسٍ إنسانية قد تشهدها بلد الإنسانية».

وأضاف التقرير «قامت وزارة الصحة بعد تنفيذ القرار باستثناء عدد من الحالات من الزيادة، إضافة إلى العمالة المنزلية، وقالت بأنه يتم حاليًا دراسة إلغاء بعض الشرائح المستفيدة من التأمين الصحي وإدراج فئات وأمراض أخرى، وترى الجمعية أن هذه الخطوات اللاحقة لإصدار القرار تحسب على الوزارة ولا يُحسب لها، فما يبدو أن هذه القرارات الرجعية لقرار الزيادة تُثبت أن زيادة الرسوم لم تكن بعد دراسة مُستفيضة، بحسب ما أعلنته الوزارة».

وزاد «على صعيد استثناء العمالة المنزلية، ثمة عُمّال يتبعون شركات الأمن والنظافة، تقل رواتبهم عن 100 دينار، تصل في أحيان كثيرة إلى 60 دينارا، وترى الجمعية أن هؤلاء ليس بمقدورهم أن يحصلوا على الخدمات الطبية في حال تعرّضوا لأي شيء، ومن المُستبعد جدا أن يرتادوا المراكز الطبية لأكثر من عملية الفحص أو التشخيص، ناهيك عن العُمّال أصحاب الأجور المتدنية أو أولئك الذين تذهب رواتبهم كأقساط للمدارس ودفع إيجار المنازل غالية الكُلفة».

وأردف «تأمل الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان أن يتم إلغاء هذا القرار، فليس من العدالة أن يدفع الوافدون تأمينا صحيا ثم رسوما للخدمات الصحية، فهذا الأمر يُعد بمثابة عقوبة ثنائية تستهدف المُهاجرين الذين يأتون إلى الكويت بنظام الكفيل وعبر استقدام رسمي، وليس من تلقاء أنفسهم».

واستعرض التقرير بعض الحالات من الوافدين الذين قالوا انهم وقعوا ضحية لأخطاء طبية وتسببت تلك الأخطاء في استمرارية مراجعتهم للمستشفى، مما سيشكل عبئا كبيرا عليهم في ظل الرسوم الجديدة رغم كونهم ضحايا لأخطاء طبية، مردفاً بالقول «تتحمل الأسرة الحوادث الطبية الواردة في كل مستشفيات العالم وليست حصرا على الكويت، إلا أن الكويت تميّزت عن بقية دول العالم بزيادة مهولة لأسعار الخدمات الطبية الخاصة بالوافدين الذين يدفعون أصلًا تأمينا طبيا كل عام ومن المفترض أن يكون هذا التأمين شاملًا، لكن الشمولية هُنا تم التلاعب بها، وأصبح التأمين الصحي مُجرّد إجراء روتيني لا يُسمن ولا يُغني من جوع».

كما سلط الضوء أيضاً على حالات منها ضيق ذات اليد من مراجعة المستشفيات للحصول على العلاج المطلوب، قائلاً «أحد الذين تقدّموا بشكاوى إلى الجمعية قال إنه توجّه إلى المستوصف، وبعد أن قام بقطع طابع فئة دينارين تم تحويله إلى المستشفى من أجل إجراء عملية (ناصور)، على ضوء ذلك توجّه إلى المستشفى وقام بقطع طابع فئة عشرة دنانير فطلب منه الطبيب إجراء أشعة رنين، لكنه فوجئ بأن ثمن الأشعة 120 دينارا، ما اضطرّه للعودة إلى المنزل والتوقّف عن مُتابعة حالته».

وأضاف «كما رصدت حالة مُقيم يُعاني من ألم في العمود الفقري حيث توجّه إلى المستشفى لتوقيع الكشف الطبي فطُلب منه طابع فئة عشرة دنانير ثم تقرّر دخوله لإجراء عملية جراحية، ذهب من أجل إجرائها ولكن طُلب منه طابع فئة 50 دينارا كتأمين وعشرة دنانير عن كل يوم إقامة في المستشفى بالجناح العمومي ودينارين للأشعة ودينارين لتحليل البول، يقول: لن أتمكن من دفع كل هذه المصاريف كونها فوق طاقتي، فأنا عامل وراتبي الشهري 200 دينار وأعيل أُسرة، وأطفالي في المدارس».

واختتم التقرير بالقول «الجوانب الأساسية للحق في الصحة تتمثل في توافر مرافق وسلع وخدمات الصحة العامة والرعاية الصحية الفعّالة بمقادير كافية، إضافة إلى أنه يجب أن تُتاح إمكانية الوصول ماديا وماليا إلى المرافق والسلع والخدمات على أساس عدم التمييز، كما يجب أن تحترِم المرافق والسلع والخدمات والأخلاقيات الطبية، ناهيك أنه يجب اتاحة إمكانية الوصول إلى الخدمات والمرافق والسلع الصحية للجميع دون تمييز لأي سبب من الأسباب، والأهم من ذلك أنه ينبغي أن يكون للمنتفعين بالخدمات والمرافق والسلع الصحية رأي في تصميم وتنفيذ السياسات الصحية التي تؤثر عليهم، كما ينبغي اعتبار الجهات التي تقع على كاهلها الواجبات في هذا الصدد مسؤولة عن الوفاء بالالتزامات المُتعلقة بحقوق الإنسان في مجال الصحة العامة».