صدرت قبل سنوات قليلة ماضية، قرارات وزارية تنظيمية لعمل قطاع المرور في وزارة الداخلية، وأثبت الواقع اليوم أن أحد هذه القرارات يصب في خانة الفوضى المؤلمة التي يتجرع الناس مواطنين ومقيمين مرارتها اليوم.
القرار ينص على أن تكون صلاحية رخصة القيادة مرتبطة بصلاحية الإقامة للوافد. ومع عدم إعلان وزارة الداخلية عن الأسباب الكامنة وراء هذا القرار غير المنطقي، تداول الناس في الدواوين قصصاً عدة، منها تنفيع الوكيل التجاري المستورد لبطاقات رخصة القيادة البلاستيكية والشركة المصنّعة لها، مع عدم علمي ما إذا كان لها ثمة وكيل تجاري أم أن الوزارة تشتريها بشكل مباشر من الشركة المصنّعة، كما أنني لا أعلم إن كانت تُصنع في الكويت أم يتم استيرادها من الخارج.
كما قال البعض إن الهدف من القرار منع الوافد من الاستفادة من «الليسن» في حال نقل إقامته على كفيل آخر أو غيّر مهنته في إذن العمل بما لا يتيح له استخراج رخصة قيادة حسب القرارات المختصة في هذا السياق.
وقال آخرون كذا وكذا وكذا...
ليس المهم عندي ما يقوله الناس، ولكن المهم الواقع المأسوي لهذا القرار المتسرع. النتيجة بعد سنوات أن المواطن أو المقيم يراجع إدارات المرور لاستخراج أو تجديد رخصة القيادة فيتفاجأ بالموظف يخبره بضرورة العودة في وقت آخر، لأن بطاقات رخص القيادة التي يتم طبع البيانات عليها غير متوافرة اليوم!
مع ما يترتب على ذلك من تعطيل مصالح المواطن والمقيم واضطراره للاستئذان من إدارة عمله مرة ثانية وقد تكون ثالثة ورابعة لمراجعة الإدارة المختصة لتجديد رخصة القيادة، أو ضبطه ومخالفته لعدم تجديدها إن تعذر عليه الخروج لتجديدها.
ولئن كان بالإمكان التغاضي عن مثل هذا الكلام في ما لو كنا في دولة فقيرة تعاني عجزاً مادياً أو تفتقر للموارد الأساسية، أما في الكويت فلا يمكن ذلك.
أرجع لأؤكد أن المشكلة ليست في الموارد، وإنما في العقلية الإدارية التي تخطط للبلد.
ماذا لو تم الإبقاء على القانون القديم ومنح الوافد مدة عشر سنوات كصلاحية لرخصة القيادة، وفي حال تبدلت مهنته، أو استدعت بعض الأسباب القانونية إلغاءها، يتم سحبها مع تجديد الإقامة كما يحصل في البطاقة المدنية أو أثناء مراجعته لوزارات الدولة؟!
رخصة القيادة ليست بطاقة إثبات شخصية ولا يتم الاعتداد بها لغير السبب الذي صدرت لأجله، كما أنها ضرورية للمواطنين والوافدين وسائقي المنازل، والتأخر في تجديدها يسبب ربكة غير منطقية وإشكالاً ينال من الجميع، المراجع صاحب المعاملة والموظف الذي يضطر لخدمة أعداد أكبر بكثير مما كان عليه الأمر قبل القرار، فضلاً عن أنه يجنب الدولة هدراً غير مبرر في المال العام، والأهم من ذلك كله أنه لا سبب منطقياً لمثل هذا القرار يوجب الاستمرار في تطبيقه.
قيمة تجديد رخصة القيادة لمدة عشر سنوات كما في القرار السابق هي عشرة دنانير تستوفى مقابل إصدار بطاقة رخصة قيادة واحدة مع مراجعة لصاحب الرخصة لمرة واحدة كذلك، أما الآن وفي حال تجديد الوافد لإقامته بشكل سنوي فإن الرسوم لمدة عشر سنوات هي عشرة دنانير مقابل عشر بطاقات بلاستيكية مع ما تستهلكه من الأحبار ونسبة الاستهلاك العامة لجهاز الطباعة مع عشر مراجعات لذات الشخص إلى إدارة المرور وإشغال الموظفين بلا طائل مع ما يرافق ذلك من تزاحم وإضاعة للوقت والجهد والمال العام.
أهيب بمعالي وزير الداخلية مع كثرة انشغالاته، أن يلتفت لتصحيح هذا الوضع المنكوس في الإدارة العامة للمرور ويعيد الأمور إلى نصابها رأفة بحال المراجعين والموظفين وحفاظاً على المال العام، وتخفيف الضغط ورفع العبء عن موظفي وزارته الذين يعملون بجدية وجهود مضاعفة في محاولة منهم لعلاج مثالب قرارات أثبت الواقع سلبيتها يتم تحميلهم وزر اتخاذها.