الكويت كانت منذ تأسيسها ــــ ولا تزال ــــ موطن التعايش والمحبة، وأرضها احتضنت ملايين الوافدين على مدار الحقب والأزمنة الممتدة، وفدوا إليها بحثاً عن «الرزق»، ففتحت لهم أحضانها، عاشوا فيها وساهموا في بناء نهضتها، عرقوا وكدحوا.. تعبوا وكافحوا و«ديرة الأمن والمحبة الإنسانية» لم تقصّر معهم، عاملتهم كأبنائها، واعتبرتهم جزءاً لا يتجزأ من نسيجها المجتمعي.
لكن الوضع تغيّر، والأيام تبدّلت، وأصبح الوافد يخشى سيف الإبعاد، وليس أدل على ذلك من الإحصائية الأمنية لعام 2016 التي حصلت القبس عليها خلال إعداد ملف «الإبعاد»، وأظهرت أن وافداً يُبعد كل ربع ساعة من الكويت.
وكشفت البيانات الرسمية أن إجمالي المبعدين طيلة العام الماضي ارتفع إلى 31 ألفاً من مختلف الجنسيات، بمعدل «85 شخصاً يومياً، أي 4 كل ساعة».
وإذا كان الإبعاد حقاً سيادياً للدولة فإن الواقع يشير إلى أن مئات المظلومين غادروا، لأسباب تعسُّفية ـــ وفق الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان ـــ والتي أكد مسؤولوها لـــ القبس أن بعض المسؤولين يتدخلون لترحيل الوافدين لخلافات شخصية ومادية.
قانونياً، أكد محامون أن للإبعاد وجهين، أحدهما قضائي بحكم المحكمة في قضايا جنائية، والآخر إداري، وهذا بيد وزارة الداخلية.
ميدانياً، رصدت القبس حالات مُستحقة للإبعاد؛ إذ إن بعض الوافدين لا يلتزمون قوانين البلاد، ويحيدون عن خط «الرزق الحلال» إلى النصب والاحتيال، ومن ثم يصبح الإبعاد عقوبة مستحقة.
في المقابل، هناك تعسّف في استعمال حق الإبعاد، ولا يعقل أن يُبعد وافد ارتكب مخالفة مرورية، وغير منطقي أن يتم ترحيل رب أسرة مقيمة في الكويت بسبب بلاغ تغيّب وهمي من صاحب عمل تعسّف ضد العامل!
برلمانيا،ً شدّد النائب عبدالله فهاد على ضرورة وجود حماية تشريعية وإنسانية للوافدين ومنع الإبعاد الإداري، لافتا إلى أن كثيراً من الوافدين الذين أُبعدوا واجهوا مشاكل ومآسي إنسانية كبيرة.
وقال فهاد لـ القبس: هذا الأمر يحتاج تعديل التشريع الحالي، معبّرا عن رفضه ملاحقة المقيمين الذين ينشدون لقمة العيش بسيف الإبعاد.
علم الاجتماع: عدوى «تضخُّم الذات» من الكويتيين إلى الوافدين
قال عميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د.حمود القشعان ان قرارات إبعاد الوافدين بصورة متسرّعة تعتبر مبنية على دغدغة المشاعر ومسايرة رغبات البعض في استهداف الوافدين، ولا دوافع قانونية وراء ذلك.
وأكد القشعان أن الحلول التي نلاحظها ترقيعية، ولا تعتبر جذرية، ولو كان هناك نظام لرأيت الوافد يطبّق القانون، لكنه حين يرى المواطن يتجاوز ويكسر القانون فستجده يسير في هذا الطريق، ولهذا دائماً أقول ان عدوى تضخم «الذات» لدى المواطنين انتقلت الى الوافدين.
ولفت لـــ القبس إلى أن هذه القرارات المتسرّعة تضر المجتمع وهيبة القانون، لان الامر لو عُرض على لجنة قانونية فستكون النتيجة انه لا يبعد الا المتسبّب في مشاجرة أو المخالف قوانين البلاد.
وبيّن ان العقوبة أنواع ولا بد ان يتم التدرج بها، وليس الاتجاه بشكل قاس، بحيث تبدأ بالغرامة او عدم التجديد للإقامة او الفيزا، مضيفا ان الامر بحاجة الى إعادة النظر في كثير من الأمور من البداية، وهو ان الوافد لا بد ان يعرف القوانين الخاصة بالبلد، كما يقوم به كثير من الدول، وهو حين يتواجد في السفارة الكويتية في بلده يُعطى تعهّد بقراءته لقوانين الكويت، حتى لا يخرج عنها.
عبد الرحمن الغانم: الوافدون الحلقة الأضعف
استغرب المستشار العمالي في الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان عبدالرحمن الغانم عدم وجود ضوابط تحدد أسباب الإبعاد الإداري، لافتا إلى ان غياب حق المبعد في التظلم او اللجوء إلى القضاء او جهة محايدة يعد اجحافاً بحقه.
وبين ان الابعاد الإداري اصبح من اسهل القرارات حتى شمل المخالفات البسيطة، كمخالفات المرور او مخالفات الصيادين وأخيرا المشاجرات التي تم ابعاد جميع أطرافها، سواء المجني او المجني عليه، دون تحقيق، وذلك لعدم وجود لائحة تخص أسباب بعينها تؤدي إلى ابعاد مرتكبيها، والاكتفاء بكونها حق مطلق للدولة، مشيرا إلى أن الوافد أصبح الحلقة الأضعف في البلاد.
وذكر ان الجمعية طرحت قضية الابعاد للمناقشة مرارا، ولكنها قوبلت بعدم تعاون من قبل الجهات المسؤولة.
علم النفس يحدد أبرز النتائج السلبية: قلق.. وفقدان الشعور بالأمان
قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د. نعيمة الطاهر أن الإبعاد يخضع لقانون، وهناك جهات مسؤولة عنه، وبكل تأكيد أن للابعاد اضراراً نفسية واجتماعية على اي شخص يتخذ بحقه من ابناء الوافدين، لاسيما مع عدم قدرته على العودة الى الكويت مجدداً، والعمل والعيش بها، كما أن الإبعاد، كسيف مصلت على الرقاب يفقد الوافدين الشعور بالأمان وينتابهم القلق بشكل دائم. واضافت الطاهر لـ القبس: نحن مع اتخاذ الابعاد عقوبة مع الجرائم المستحقة، كجرائم القتل او المتاجرة بالمخدرات او احداث مشاجرات او زعزعة الامن وما شابه، لكننا لسنا مع ابعاد حالات اخرى من اي جنسية كانت بسبب مخالفة بسيطة يرتكبونها سواء في وظائفهم او امور حياتهم. وزادت: بعض الحالات لا تستحق الابعاد، حيث من الممكن اتخاذ عقوبات مناسبة مع المخالفات التي قد ترتكب، وعلى سبيل المثال اذا كان وافد موظفاً بجهة حكومية وارتكب مخالفة بسيطة او لم يلتزم باحدى التعليمات، يمكن اتخاذ عدة عقوبات تأديبية، بدءاً من الخصم من الراتب ووصولا الى الاستغناء عن خدماته، ولا يصل الامر الى ابعاده ادارياً. وأكدت ان الكثير من المبعدين يتعرضون بعد ابعادهم الى مشاكل كثيرة شخصية واجتماعية، لاسيما الذين لديهم اسر يصرفون عليها شهرياً ويوفرون التزاماتها المعيشية، وعند ابعادهم يكونون قد خسروا وظائفهم، بغض النظر عما اذا كانت عقوبة الابعاد مستحقة مع ما ارتكبوه من مشكلة او جريمة او لا، وتستحق عقوبة اخرى مناسبة.
«حقوق الإنسان» تُحذّر من تشويه صورة الكويت: متنفذون أبعدوا وافدين لأسباب شخصية
اعتبر مدير الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان المحامي محمد الحميدي أن الإبعاد الإداري يسيء إلى سمعة الكويت أمام المنظمات الحقوقية الدولية، مطالباً بتعديل تشريعي عاجل.
وأكد في تصريح لـ القبس أن الإبعاد الإداري بشكله الحالي يمثل خطورة على أوضاع حقوق الإنسان ويشوه صورة البلاد أمام المجتمع الدولي، كونه من أكثر القضايا التي تطرح في الاجتماعات الدولية، لا سيما أمام لجنة حقوق الإنسان في جنيف، مشدداً أن الضرورة تستلزم إلغاء هذا القانون عبر الطرق المعروفة وأن يقر مجلس الأمة تشريعاً يضمن حق المبعد في التقاضي لمعرفة الأسباب والدفاع عن نفسه.
وذكر أن حالات الإبعاد لأسباب شخصية عبر الاستعانة ببعض المتنفذين كثيرة، لذا فإن الجمعية تطالب دائماً بتمكين المبعد من الدفاع عن نفسه واللجوء إلى القضاء لحفظ حقوقه.
نوعا الإبعاد
وفَرَّقَ الحميدي بين نوعين من الإبعاد هما الإداري والقضائي، مشيرا إلى أن الأول من سلطات وزارة الداخلية التي تقرر ذلك، سواء للحفاظ على النظام العام، أو المسائل المتعلقة بأمن الدولة، أو بعض التهم مثل المخدرات وغيرها وهي سلطة تقديرية للوزارة.
وأضاف: الإبعاد القضائي يحدث عندما تقضي محكمة ما بإدانة الشخص في تهمة معينة وعندها تقرر ما إذا كان يستحق على إثر ذلك إبعاداً قضائياً أم لا.
وأوضح أن الإبعاد الإداري أُقر بقانون، لذا فإن المحكمة الإدارية لا تنظر فيه كباقي مسائل التجنيس وإنشاء الصحف ودور العبادة وبالتالي فإن الشخص المبعد لا يملك حق اللجوء للقضاء وحال لجوئه يتم رفض الدعوى.
وشدد الحميدي على أن التوسع في الإبعاد الإداري شديد الخطورة على الوافدين، إذ من الممكن أن يبعد الشخص من دون أن يمكن من حقه في الدفاع القانوني عن نفسه وربما ادعى شخص ما على الوافد أمراً لم يقم به ويتم ابعاده.
ارحل.. لأستولي على حقك!
أشار الحميدي إلى أن كثيراً من حالات الإبعاد التي تقدمت بشكاوى أمام الجمعية الكويتية كان الوافد فيها شريكاً لمواطن في ممتلكات أو شركة ما وأراد الطرف الكويتي الاستيلاء على تلك الممتلكات عن طريق الإبعاد الإداري وهي أمور تتم من دون تمكين المدعى عليه من الدفاع أو حتى توضيح سبب الإبعاد بشكل كافٍ.
معالجة خاطئة للتركيبة السكنية
رجح الحميدي سبب لجوء السلطة إلى التوسع في الإبعاد الإداري كحل للخلل الموجود في التركيبة السكانية بالبلاد وذلك تحت ضغط الهجمة النيابية والشعبية على زيادة أعداد الوافدين وهو مسلك خاطئ تماماً ومرفوض حسب رأيه.
الكويت تُبعد وافداً كل ربع ساعة
كشف مصدر أمني مطلع أن الأجهزة الأمنية أبعدت 31 ألف وافد خلال العام المنصرم 2016، أي ما يعادل ترحيل 85 شخصاً كل يوم، «4 حالات في كل ساعة من ساعات العام الماضي، بمعدل وافد كل 15 دقيقة»، لافتاً الى ان ذلك يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك تسريع وتيرة الإبعاد بشكل كبير بعكس ما كان في السابق.
وعن جنسيات المُبعدين، أوضح المصدر أن أبناء الجالية الهندية احتلوا المرتبة الأولى بواقع %24، وجاءت الجالية المصرية في المرتبة الثانية بـ%20، وثالثاً الفلبينية بـ%15، ورابعاً الأثيوبية بـ%14، وخامساً السيرلانكية بـ%7، بينما حلت الجالية البنغالية في المرتبة السادسة بـ%6، مبيناً أن الجنسيات الست تشكل نحو %86 من المُبعدين، وبالتالي تشكل الجنسيات الأخرى %14.
وقال المصدر لـ القبس إن «أسباب الإبعاد تتلخص في مخالفة قانون الإقامة والعمل، والتورط في قضايا جنائية»، لا سيما مخالفة قواعد المرور أو ارتكاب جنح أو جرائم، مشيراً الى ان المُبعدين بينهم عدد كبير ممن ألقي القبض عليهم بقضايا بيع الخمور والمخدرات وخيانة الأمانة والنصب والاحتيال.
واشار الى انه جرى إبعاد نحو 10 آلاف بسبب «غير لائق صحياً»، بينهم 15 حالة مصابة بالإيدز، وكان ذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، وكانت الغالبية من حملة إحدى الجنسيات العربية لإصابتهم بمرض الكبد الوبائي.
ولفت المصدر الى أن وزارة الداخلية تلاحق حالياً نحو 75 ألف وافد من مخالفي قانون الإقامة والعمل، غالبيتهم يختبئون في المناطق السكنية والصناعية والمزارع والجواخير.
وأكد ان ادارة سجن الابعاد تهتم بالوافدين المُبعدين، واي شخص يُوضع سجن الإبعاد لا يمكث أكثر من أسبوع، وذلك بحسب حجز تذكرة السفر والانتهاء من الاوراق الخاصة بالمُبعد، لافتاً الى ان هناك كفلاء متعاونين مع الادارة وتُحجز التذكرة من مكاتب الطيران الموجودة في السجن، ويجري التسفير بعد ثلاثة أيام كحدٍ أقصى من تاريخ الحجز.
وبيّن المصدر أن هناك وافدين يمكثون لمدة شهر أو شهرين بسبب القضايا المالية التي صدرت ضدهم، ويكون مكوثهم بسبب موعد جلسات المحكمة، مشيراً إلى أنه يجري توزيع الوجبات الغذائية على النزلاء من مطاعم تحتاج إلى مراجعة من أجل تحسين الوجبات الغذائية، وهناك شركة تُشرف على تنظيف الزنازين ودورات المياه باستخدام أفضل المنظفات.
وذكر المصدر أن الحملات الأمنية مستمرة حيث لا ترتبط بظرف طارئ أو ردة فعل لحدث معين وإنما فرض أمن وقائي وتطبيق عملي وميداني للقانون بعدما أثبتت الإحصاءات تراجع نسب الجريمة والمخالفات المسجلة منذ أن اعتمدت وزارة الداخلية استراتيجية الحملات الأمنية المكثفة والموسعة، مشدداً على دور المواطن والمقيم في دعم الجهود الأمنية بعدم الايواء أو التستر على أي مخالف للقوانين حتى لا يعرضوا أنفسهم للمساءلة القانونية وأن يحمل الجميع إثباتاتهم الشخصية سواء أكان مواطناً أو مقيماً حتى يتجنبوا التوقيف والاشتباه بهم ومساءلتهم.
وجهان للقانون
أوضح المرسوم رقم 17 لسنة 1959 بقانون اقامة الأجانب والتشريعات المنظمة لقانون الجزاء ما يخص إجراءات الإبعاد، من خلال نوعين من الإبعاد:
1- الإبعاد القضائي وفق نص المادة 79 من قانون الجزاء الكويتي وجاء فيها: «كل حكم بالحبس على أجنبي يجيز للقاضي أن يأمر فيه بإبعاده عن الكويت بعد تنفيذ العقوبة، وعلى النيابة العامة اعلان أمر القاضي بمجرد الانتهاء من تنفيذ العقوبة الى السلطة الادارية التي يتعين عليها تنفيذه».
2- نصت المادة 1 / 16 من قانون الاقامة على أنه يجوز لوزير الداخلية ان يصدر أمراً مكتوباً بابعاد أي أجنبي ولو كان حاصلاً على ترخيص في الاقامة في أحوال عدة.
فهاد: تعديلات قانونية وإجراءات إنسانية
شدد النائب عبدالله فهاد على ضرورة وجود حماية تشريعية وانسانية للوافدين وتقنين الإبعاد الإداري، لافتا إلى أن كثيرا من الوافدين الذين تم إبعادهم إداريا واجهوا مشاكل ومآسي انسانية.
وقال فهاد لـ القبس هذا الأمر يحتاج إلى تعديل التشريع الحالي، خاصة أن المحكمة الإدارية لا تختص بالنظر في بعض الأمور مثل الإبعاد الإداري وقضايا دور العبادة والجناسي، لذلك وجب تعديل التشريعات الحالية لتشمل هذه الأمور.
وأضاف: لابد من إحاطة موضوع الإبعاد الإداري بإحاطات قانونية وإنسانية حتى لا يشكل قرار الإبعاد الإداري مساسا بحقوق الوافدين، لافتا إلى أن كثيرا من مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والإدارية انتقدت هذا الموضع، لاسيما ان الأمر ينقصه كثير من الأمور مثل مراكز الإيواء في حال واجهتهم مشاكل معينة.
وتابع، ومما يزيد الأمر صعوبة أننا نعيش في اقليم ملتهب ومضطرب وأصبحت الكويت تمثل الملاذ الآمن للكثير من الوافدين على حياته ولقمة عيشه، ولهذا يجب مراعاة الحالات الإنسانية في قرار الإبعاد الإداري، لاسيما أننا نسمع بأن بعض الحالات، التي تم إبعادها ذهبت إلى أنظمتها وتم إعدامها او اعتقالها.
وقال: أصبحت الكويت قبلة للكثير ممن يرغبون في الحياة والعيش الكريم، ولذلك يجب المحافظة على هذه الصورة، ويجب حماية من يعيش على أرضها بحماية قانونية من خلال التشريع وكذلك نظرة انسانية لحالات هؤلاء الوافدين.
وبين فهاد أن وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح تجاوب معنا في كثير من القضايا، ولكن مثل هذه الأمور يجب أن تحاط بسياج قانوني حتى لا تدخل في أي محظور آخر.
محامون ينتقدون الآلية: «الداخلية».. الخصم والحكم!
رأى محامون أن القانون أعطى الصلاحية لــ «الداخلية» في إبعاد كل من ترى أنه يشكّل خطراً وتهديداً للبلاد، موضحين أن الوزارة أصبحت هي الخصم والحكم في هذا الأمر.
وقال المحامي محمد الأنصاري: الإبعاد ليس مشكلة، لكن المشكلة هي أسبابه، والقانون أعطى «الداخلية» الصلاحية في أن تكون هي الخصم والحكم، وهناك مفهوم واسع لحالات الإبعاد.
وأضاف الأنصاري قائلاً: القانون خوّل الداخلية في الإبعاد إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، أو كان وجود هذا الوافد يهدّد النظام العام.
وبدورها، أكدت المحامية عبير الحداد عدم جواز توجيه تهمة لشخص من دون تمكينه من الدفاع عن نفسه، حيث يجب أن يُعرض على القضاء، وان هذا حق أصيل لأي شخص بتوكيل محامٍ للدفاع عنه.
وأضافت: لا يجوز أن نُلغي هذه المنحة التي أعطاها الدستور للأشخاص، كما انه لا توجد عقوبة من دون جريمة، فإذا كنا نستخدم الإبعاد كعقاب، فأين التهمة؟!
وتابعت المحامية الحداد: نحن لا نعرف ما هي التفاصيل في القضايا التي يتم فيها الإبعاد، خصوصا أن المُبعد لا يستطيع أن يعود مرة أخرى، وبالتالي لا يجوز قطع رزق الأشخاص.
وختمت قائلة: حصلنا على أحكام عدة بإلغاء الإبعاد، ولكن ما يحدث حاليا أنه يتم الإبعاد من دون أن تتم العودة الى القضاء، فالتظلم من قرار الإبعاد يكون لمن يتم الحكم عليهم في قضايا جنائية، أما في الإبعاد الإداري فالأمر يختلف، وفيه تحدث الأمور العالقة.
ابتهال الخطيب: المخطط الذي يستخدم على الوافد عواقبه خطيرة
قالت الأكاديمية الناشطة في حقوق الانسان د.إبتهال الخطيب ان المنهج الذي يستخدم مع الوافد يعتبر استهدافاً خطيراً ولا يعرف الجميع مدى عواقبه، وإذا سرنا في هذا الطريق فسنُفقد المقيم الشعور بالأمان والطمأنينة.
وبيّنت الخطيب في تصريح لـــ القبس ان المقيم خطط لحياته مع اسرته بان يتواجد لفترة زمنية في البلد، وفجأة يتم تسفيره بسبب مخالفة او مشاجرة، وهذا يخلق نوعاً من القلق الشديد وعدم الاستقرار والمخاوف المستمرة، مما يخلق بيئة غير جيدة في العمل، حيث لن تجده مخلصاً في عمله أو في نسبة الإنجاز، إضافة الى فقدان مشاعر الود بيننا وبينه.
وأكدت أن المقيم لا بد ان يتأكد من امر مهم، وهو أن القانون يأخذ مجراه حتى يقر بداخله أن له حقوقاً في هذا البلد، فإن أخطأ يعاقب والعكس صحيح، لكن ما نراه من عشوائية وتعسّف سيؤديان الى فقدان الأمان النفسي.
وبيّنت الخطيب ان ما يحصل مع الوافدين أمر مخطط له مسبقاً ومنذ فترة طويلة، وبوادره بدأت تظهر اليوم من خلال تخصيص بعض الخدمات الأساسية التي كانت متوافرة للمواطنين والمقيمين، وهذا التوجّه معزز بكلمات وخطب عنصرية من بعض النواب والأطراف الحكومية.
المطالبة بالحق
قال مصدر مطلع إنه من الأمور التي هي بحاجة إلى تعديل مسألة تقديم بلاغات تغيب ضد العاملين في الشركات، حيث يجدها البعض من الكفلاء «الضعاف النفوس» فرصة لإبعاد العمال الذين يطالبون بحقوقهم. وأشار المصدر إلى أن هناك أكثر من 60 عاملاً أضربوا عن العمل قبل شهرين، حيث انهم لم يستلموا رواتب 3 أشهر، لكن الكفيل وجدها فرصة لتقديم بلاغ تغيب، ومن ثم تم إلقاء القبض على عدد منهم داخل سكنهم التابع للشركة.
مكاتب لحجز التذاكر
علمت القبس أن إدارة الإبعاد التابعة لوزارة الداخلية تتلقى قرارات من جهات عدة بإبعاد وافدين يوميا في قضايا متنوعة منها الإبعاد الإداري أو القضائي. وأكدت المصادر أن أغلب المبعدين إدارياً بسبب بلاغات التغيب، والكثير من مخالفي الإقامة والمطلوبين الذين يتم ضبطهم خلال حملات التفتيش. وذكرت أن مدة الانتظار للمبعد لا تتجاوز ثلاثة أيام، لحين إنهاء الإجراءات المطلوبة وحجز تذكرة السفر، وقد وفرت إدارة الإبعاد مكاتب حجز طيران لسرعة ترحيل الوافدين المبعدين إلى بلدانهم.