ما أشبه الليلة بالبارحة .. وما أشبه عشية تطبيق الرسوم الصحية الجديدة بالليلة التي سبقت تطبيق زيادة أسعار البنزين في مثل هذا الوقت من العام الماضي، الزحام وتكدس الناس في طوابير بالعشرات، امتعاض البعض وقبول البعض الآخر بالأمر الواقع قواسم مشتركة، غير أن قرار مجلس الوزراء بزيادة أسعار البنزين كان يشمل جميع المقيمين على أرض الكويت.. مواطنين ووافدين، ما أعطى القرار حالة من القبول العام رغم تحفظ البعض ومناشدة الحكومة بالعدول عن زيادة أسعار المحروقات، غير أن قرار رفع الرسوم الصحية أصدره وزير الصحة د. جمال الحربي ويشمل فقط الوافدين.
النهار زارت مركز الفروانية الغربي أمس الأول، باعتبار منطقة الفروانية من مناطق تكدس الوافدين من مختلف الجنسيات، فماذا كان رد فعلهم؟ وهل استعدوا لتطبيق الزيادة التي بدأت فعليا منذ أمس الأحد؟ وكيف كان الاقبال على مراجعة المستوصف واستعداد الطاقم الطبي والعاملين بالمستوصف؟
بين آذان المغرب والعشاء مساء السبت الماضي، شهد مستوصف الفروانية الغربي حالة من الزحام الملحوظ، أمام شباك الاستقبال اصطف المراجعون بالعشرات نساء ورجالاً، والعديد من الآباء يحملون أطفالهم من مختلف الأعمار، تهرع إحدى الطبيبات إلى مسؤول الأمن أدخل المراجعين عيادة 3 من دون رقم.. يكفي تذكرة الدخول والبطاقة المدنية في محاولة لتخفيف الازدحام والضغط الكبير الذي شهده المستوصف قبل ساعات من بدء سريان الرسوم الجديدة التي زادت بنسبة مئة في المئة، أي من دينار واحد إلى دينارين.
تعميم الـ دينارين
في مدخل المركز والأروقة الداخلية تم تعليق تعميم مفاده أن قيمة الطابع ستكون دينارين بدءا من يوم الأحد 1 اكتوبر 2017 وذلك للعلم. 
لم يقتصر الزحام على شباك الاستقبال ولكن شمل أروقة المركز واصطف طابور طويل أمام غرفة الطبيب، وفي استراحة الاقسام المختلفة بالمستوصف، وكان ملحوظا أيضا أن نسبة الرجال تفوق النساء المراجعين بشكل كبير، حيث غرفة (تمريض النساء) تشهد حالة من الانسابية والهدوء والاقبال الخفيف، بينما تمريض الرجال كان يشهد تكدساً للمراجعين، لاسيما غرفة الكمام والضماد.
النهار سألت أحد الممرضين حول أسباب الزحام هذا المساء وهل هو بسبب الاستعداد وتجنب تطبيق الرسوم الجديدة؟ فقال: كما ترى الزحام اليوم ملحوظ منذ أول النهار وربما لهذا السبب دفع عدد كبير من المراجعين للاستفادة من آخر وقت لتطبيق الرسوم، ولكن في الغالب مركز الفروانية الغربي يشهد زحاماً مستمراً على مدار الأيام، ونحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم الخدمة الطبية لجميع المرضى والمراجعين ونحرص على عدم انتظار المرضى ونناشد الجميع الالتزام بالدور والقوانين، حيث لا يسمح للمراجع الحصول على الخدمة الطبية من دون ان يقدم بطاقته المدنية على سبيل المثال أو أن يأخذ أدوية من دون وجه حق او يتخطى دوره في الدخول على الطبيب، مع مراعاة الاولوية لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
أسباب الزحام
تداول مغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر الزحام الشديد في مركز الفروانية الغربية، وعلق أحدهم أن المراجعين يريدون تخزين الأدوية قبل زيادة قيمة الرسوم، لكن بعد الحديث مع احد المراجعين من الجنسية المصرية ويدعى ( م.ع) آثر عدم ذكر اسمه، قال إن من يدعي المرض ربما تبتله الله بما هو أخطر، ونفى ما تداوله المغردون حول رغبة الوافدين التمارض من أجل صرف كمية من الأدوية قبل زيادة الرسوم، ولفت إلى أن هذا المستوصف يعاني من ازدحام شديد على مدار الأيام، وتساءل: ماذا سيفعل رب أسرة مكونة من ثلاثة أو أربعة أطفال لاسيما في موسم تقلب الطقس وانتشار الأمراض؟ كما ان هذا المركز لا يوجد به قسم للأطفال ونضطر في بعض الحالات إلى الطلب من الطبيب التحويل إلى المستشفى، فمن أين لمحدودي الدخل بمصاريف المستشفى والمراجعات الطبية.
أيوب من الجنسية الآسيوية ويعمل ساعي في المركز، أكد لـ النهار أن هذا المستوصف تحديدا يشهد ازدحاماً شديداً على مدار الأيام، وحتى مع زيادة الرسوم يتوقع استمرار الزحام نظرا 
لتكدس المنطقة بالوافدين من مختلف الجنسيات، ولما سألناه عن نسبة المراجعين من المواطنين قال بابا كويتي ما يجي هنا، يروح مستوصف العمرية زين واتفق مع رأي الوافد المصري في استمرار الزحام والاقبال الملحوظ على مستوصف الفروانية الغربي وزاد: حتى لو قيمة الطابع 5 دنانير سوف يستمر الازدحام.
الأشعة والتحاليل
(ر.ك) وافد من الجنسية السورية وقد تجاوز الـ50 من عمره، أخذ قسطا من الراحة في مدخل المستوصف انتظارا لدوره، سألناه عن رأيه في الرسوم الجديدة في المستوصف والمستشفى؟ فكان على دراية كافية بالتفاصيل وقال شو بدنا نسوي .. هندفع طالما القرار صدر، والمهم الصحة وعندما يمرض الانسان لا يفكر في أي رسوم وكل تفكيره كيف يتعالج وختم بالقول: ربنا يكفي الجميع شر الأمراض ويكفينا شر الرسوم الجديدة وخصوصا الأشعة والتحاليل التي طالعتنا بها الصحف ولا طائل لأغلبية الوافدين بهذه الرسوم، وربما يضطر من يعاني من مرض مزمن السفر إلى بلده لاجراء التحاليل والفحوصات والأشعات التي لا يقدر على دفع كلفتها، إذ تتطلب بعض الاشعات 500 دينار في حين أن متوسط راتب الوافد 250-300 دينار!
( أ. ع) ربة منزل، ترى في قرار زيادة الرسوم بعض الظلم والتمييز بين الوافدين لصالح العاملين في وزارة الصحة وأبنائهم، مثلما ترى التمييز في التعليم لصالح أبناء المدرسين والمدرسات الوافدين الذين يسمح لهم بإلحاق أبنائهم في المدارس الحكومية مجانا وتساءلت: كيف نستطيع رعاية ومتابعة أولادنا الأربعة، اثنان منهم حديثو الولادة ولدينا ابن يعاني من حساسية الصدر وتتطلب حالته (كماماً) على فترات متقاربة، مع العلم أن زوجي يعمل في القطاع الخاص وراتبه محدود، فليس أمامنا إلى العودة إلى بلدنا وتشتيت شمل الأسرة بسبب المصاريف الباهظة التي تثقل كاهل أي وافد في الكويت.
مناشدة بإعادة النظر
عدد كبير من المراجعين في مركز الفروانية الغربي ناشدوا المسؤولين إعادة النظر في هذا القرار ومراعاة ظروف شريحة كبيرة من الوافدين الذين لا طائل لهم بدفع الرسوم الجديدة، وشددوا على أن الكويت واحة أمن وأمان وبلد الانسانية التي طالت أعمال الخير من أبنائها مختلف بقاع الأرض، أعربوا عن أمنياتهم بإرجاء تنفيذ الرسوم الجديدة أو إعادة النظر في استثناء شريحة أوسع من الوافدين، كأن يقدم المريض الوافد إذن العمل أو شهادة الراتب، فإذا كان راتبه أقل من حد معين يعفى من الرسوم أو يتم خصم نسبة منها تعين أصحاب الأمراض المزمنة ومراجعي الطوارئ والعيادات الخارجية على تحمل نفقات العلاج.