«التفكير» من أجل «التفكير» وليس من اجل التخطيط هو حال كثير من الافكار التي عادة ما تولد كبيرة وسرعان ما تفقد بريقها وهيبتها لانها ابتعدت عن التخطيط السليم وتوفير البيئة المناسبة لولادتها، وهذا هو حال الكويت في عدد من قطاعاتها الاقتصادية والمالية في الوقت الراهن.

رئيس مجلس ادارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية والخبير الاقتصادي جاسم السعدون قال ان كل دول العالم تخطط لبناء المدن الاسكانية وفي الكويت الناس يفكرون في بناء المدن الاسكانية قبل التخطيط لها، موضحا ان بناء تلك المدن يحتاج الى مساحة 50 كم وكلفة تساوي 9.2 مليارات دينار وهو ما لا يمكن توافره في الوقت الراهن، الأمر الذي يجعل الجهود التنموية المبذولة في مهب الريح.

وليس ببعيد من كلام السعدون في تخطيط المدن، ان «البورصة» تعاني من سوء تخطيط فهي وكما اكد محللون لـ «الأنباء» في 2010 بحاجة لاكثر من تدشين مؤشر ثلاثيني او خمسيني جديد وكذلك هي بحاجة لاكثر من تعديل نظام التداول المعمول به حاليا، موضحين انه لا يمكن تنفيذ تلك الافكار في ظل غياب اطر تشريعية منظمة لها وكذلك مع سيطرة تداولات الاشاعة وسيادة لغة المضاربة على اداء السوق الذي يعاني من خلل واضح، مدللين على ذلك بفقد السوق 60% من قيمته الرأسمالية في 18 شهرا.

محللون رأوا ان المشكلة الاساسية التي تعاني منها الشركات العاملة في السوق هي شح السيولة فاستحداث ادوات مالية جديدة قد تساعد في انقاذ الشركات دون تحميل المال العام فلسا واحدا واصفين خطط ادارة السوق في التحديث وحوكمة السوق كمن يخطط على رمال متحركة، وهو ما يعني ضرورة التفكير جديا في خلق الادوات التشريعية اللازمة لتطوير وتنشيط سوق السندات لتكون سوقا فاعلة في تعبئة المدخرات وتوفير التمويل المطلوب للشركات العاملة في السوق.

ومن الافكار الاخرى المطلوبة وبشدة في الفترة المقبلة تنشيط السوق الثانوية للسندات الحكومية وسندات الشركات، بالاضافة الى اهمية رفع معدلات الشفافية في تداولات السوق التي غلبت عليها المضاربات المفتعلة وسيادة الفوضى خلال عام 2009 بسبب غياب الرقابة التشريعية على ادائها.

بورصة للعقود

ومن بين الافكار والادوات التمويلية الجديدة التي رأى المحللون ضرورة التفكير فيها الاسراع في انشاء بورصة للعقود والتي من شأنها المساعدة في التحوط من مخاطر تقلبات الاسعار في ظل ما شهده العالم في الاعوام الاخيرة من تقلبات في اسعار المنتجات والسلع وهي فكرة غير مستحيلة ولكنها بالفعل ستساعد في الحد من الخطر الذي ينتاب التداولات في الفترة المقبلة.

بورصة للشركات الصغيرة والمتوسطة

وتساءلت المصادر حول اهمية العمل على تطوير وتفعيل انشاء بورصة للشركات الصغيرة والمتوسطة في السوق مع تحديد تعريف محدد لها وفقا لمعيار رأس المال وكذلك وفقا لطبيعة نشاطها، موضحين ان السوق يعاني من وجود اسهم خاملة تقدر بنحو 30% من عدد الشركات المدرجة في السوق، ومع بلوغ عدد الشركات المدرجة في السوق الى 221 شركة وهو ما يعني ضرورة توافر آليات جديدة في السوق تصنف تلك الشركات وفقا لاهميتها من حيث القيمة الرأسمالية في السوق والعمل على توفير متطلبات تشريعية محددة والسعي للحد من تقلبات ومخاطر السوق.

توطين الثقافة المالية

وتطرق المحللون الى اهمية توطين مفهوم الثقافة المالية بين المتداولين وبشكل فعال حيث اكدوا انه بات من الضروري على ادارة السوق العمل على تكثيف دورات تأهيلية ليس للخريجين الجدد وانما لمتداولي السوق وتعريفهم بالادوات المالية الجديدة التي يمكن تطبيقها حتى يمكنهم الالمام بها، بالاضافة الى ضرورة العمل على توافر الاحصائيات والبيانات المطلوبة في شكل احصائي سليم، مشيرين الى ان اسلوب القرارات الفجائية وغير الممنهجة التي تتبعها ادارة السوق.