تبدأ وزارة الصحة الكويتية اعتبارا من يوم بعد غد الأحد الموافق الأول من اكتوبر 2017 تطبيق قرار زيادة الرسوم الصحية على الوافدين المرضى المراجعين للمستوصفات والمستشفيات العامة وكذلك العيادات الخارجية. وينص قرار زيادة الرسوم الصحية على الوافدين ان تكون بقيمة دينارين لمراجعة المستوصفات وخمسة دنانير عند مراجعة المستشفى العام وعشرة دنانير للعيادات الخارجية.
ويذكر أن وزير الصحة الكويتي كان قد أصدر قرارا قبل عدة اسابيع بزيادة الرسوم الصحية على الوافدين المرضى عند مراجعتهم منشآت وزارة الصحة للعلاج.
وزير الصحة
مع قرب تطبيق العمل برسوم الخدمات الصحية الجديدة بالمستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، والتي ستدخل حيز التنفيذ الفعلي، طالب عدد من النواب بإرجاء تطبيق هذه الزيادة إلى مطلع العام المقبل.
مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار إعادة النظر في قائمة بعضها، مؤكدين ان هناك فئات من الوافدين ليس بوسعهم دفعها لتدني مرتباتهم، وأكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان خالد الحميدي أن قرار زيادة الرسوم الصحية يعد انتهاكا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن الظلم أن تقوم العمالة المهاجرة بدفع رسوم التأمين الصحي ثم تقوم بدفع رسوم مقابل الخدمات الصحية المختلفة.
كما أوضح المحامي هاشم الرفاعي ان القرار يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك القانون المحلي، فالقانون الصادر عام 1999 بشأن الرسوم الصحية لا يجيز فرض رسوم جديدة على المشمولين بالضمان الصحي أو زيادة على الرسوم الحالية.
المحامي هاشم الرفاعي
وفي المقابل قال مدير مستشفى الفروانية د.مهدي الفضلي إن زيادة الرسوم على الخدمات الصحية للوافدين زيادة مستحقة ولكنها تحتاج الى دراسة اكثر وفرصة اكبر من اجل تنفيذها.
مدير مستشفى الفروانية د.مهدي الفضلي
ومن الناحية الاقتصادية قال خبراء اقتصاديون ان مضاعفة رسوم مراجعة المراكز الصحية والعيادات الخارجية والإقامة بالأجنحة، وزيادة رسوم التحاليل والفحوصات الطبية بأكثر من 5 أضعاف جميعها سيساهم في رفع إيرادات وزارة الصحة والتي ستنعكس على بند الإيرادات في ميزانية الدولة للعام الحالي، بينما ستظهر كاملة في موازنة 2018/2019 المقبلة.
وقد تلقت الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية دعوى تطالب بإلغاء قرار وزارة الصحة القاضي بفرض رسوم إضافية وزيادة أسعار الخدمات الصحية على المقيمين، وحددت يوم 2 من شهر أكتوبر المقبل موعدا لعقد أولى جلساتها.
وتطالب الدعوى بإلغاء القرار رقم 293 لسنة 2017 الصادر بتاريخ 1 أغسطس 2017 بزيادة الرسوم المفروضة على المرضى غير الكويتيين المقيمين والمسجلين بنظام التأمين الصحي.
وترجع الدعوى المقامة من المحامي هاشم الرفاعي طلبها إلى أنها ترى مردودا سلبيا من القرار المطعون ضده وتسببه بضرر كبير على المواطنين قبل الوافدين، إضافة إلى الضرر الذي يلحق بسمعة الكويت المعروف أنها مركز الإنسانية وبلد السلام وأن سمو أمير البلاد هو قائد الإنسانية ولم تبق بقعة في الأرض إلا وقد وصل إليها العمل الإنساني الكويتي.
ومن جانبهم عبر عدد من الوافدين عن استيائهم كونهم المعنيين أولا وأخيرا بقرار زيادة الرسوم، وينظرون إلى الأمر على انه يستهدف مباشرة امكاناتهم المادية وقدرتهم على «البقاء»، في ظل انخفاض المعدل العام للأجور الممنوحة لهم خصوصا لدى أصحاب المهن البسيطة والمتوسطة.
ويرى عدد من الوافدين ان زيادة الرسوم الصحية التي سبقتها زيادة في أسعار البنزين ومن بعدها تعرفة الكهرباء والماء، وكأنها مسيرة منظمة، باتت تشكل عبئا كبيرا جدا يكاد يتعذر معه تأمين لقمة العيش.
الفضلي: الزيادة مستحقة ولكنها تحتاج إلى دراسة أكثر
قال مدير مستشفى الفروانية د.مهدي الفضلي إن زيادة الرسوم على الخدمات الصحية للوافدين زيادة مستحقة ولكنها تحتاج الى دراسة اكثر وفرصة اكبر من اجل تنفيذها.
وأضاف اننا حينما عقدنا اجتماعات عن كيفية تطبيقها وجدنا اننا نحتاج الى اجهزة وطوابع وقارئ الباركود وكذلك تأهيل للعاملين، وايضا ما يختص بالاعفاءات وكيفية تطبيقها على المرضى وخاصة المرضى داخل الاجنحة هل يطبق عليهم بصفة حالية ام رجعية، وكذلك التطبيق وقت الخدمة كأشعة وغيرها ام حين انتهاء المريض وتعافيه وخروجه من المستشفى؟ كل هذه الامور تحتاج الى دراسة، ولهذا قمنا بعمل مذكرة ووضعنا فيها كل الاستفسارات التي تحتاج الى رد، لافتا الى اننا كجهة تنفيذية لهذه القرارات لابد ان ننفذه بتاريخه.
وعن توقعاته بإقبال المرضى على المستشفيات قبل تطبيق القرار، ذكر الفضلي ان الاعداد متفاوتة وحالة واحدة فقط رصدتها لمريضة حامل وتحتاج لعملية ولادة قيصرية وأصرت على الولادة قبل تطبيق القرار لكننا رفضنا لعدم المخاطرة بحياة الطفل.
وأشار الفضلي الى مشكلة اخرى وهي العناية المركزة وخاصة الخدج بها، فماذا يمكن ان يحدث معهم اذا تم الحساب على 30 يوما؟ وماذا عن اصحاب الامراض المزمنة الذين يحتاجون الى البقاء، من سيتكفل بعلاجهم؟ ولفت الى ان القرارات مستحقة خاصة ان الاحصاءات الرسمية حسب المركز الوطني للمعلومات الصحية ذكرت ان كلفة المريض سواء كويتي او غير كويتي في السرير العام نحو 170 دينارا من طب وتمريض وخدمات وتغذية وغيرها، ولهذا من الافضل ان تكون هناك كلفة معينة، وقد يكون هناك حلول اخرى بزيادة التأمين عوضا عن 50 دينارا تكون 150 دينار مثلا وتؤخذ من المسؤول عن العمل وتكفل علاج المريض في انواع معينة من العمليات والحوادث وغيرهما.
واوضح الفضلي ان المعاناة الحقيقية ستكون من نصيب المريض فعلا الذي يحتاج الى دخول المستشفى الا انه سيواجه صعوبة، والجيد ان هناك اعفاءات واستثناءات حيث هناك شريحة واسعة منها العاملون في الوزارة تم اعفاؤهم من الاشعة والمختبرات هم وأسرهم.
من جانب آخر، أكد مصدر مطلع في وزارة الصحة ان تطبيق القرار سيخلق اشكالية كبيرة من الجانب المالي، لافتا الى ان المبالغ المتوقع ان يتم تحصيلها ستكون اضعافا مضاعفة للمبالغ التي يتم ادخالها في الوقت الحالي ما يخلق احتياجا لنظام محاسبي دقيق وهو غير موجود بالمراكز الصحية والمستشفيات.
أوضح المحامي هاشم الرفاعي ان القرار الوزاري الصادر بخصوص زيادة الرسوم الصحية على الوافدين مطعون فيه ومن ناحية القانون الدولي فإنه يخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أما من ناحية القانون المحلي فإن القانـــون الصـــادر عــــام 1999 بشأن الرســــوم الصحيـــة لا يجيز فرض رسوم جديدة على المشمولين بالضمان الصحي أو زيادة على الرسوم الحالية، كما لا يمكن لأي قرار وزاري أن يتعارض مع قانون نافذ.
وأضاف الرفاعي ان قرار زيادة الرسوم الصحية يلحق ضررا بسمعة الكويت المعروف أنها مركز الإنسانية وبلد السلام ولم تبق بقعة في الأرض إلا وقد وصل إليها العمل الإنساني الكويتي.
من جانبه رأى أستاذ القانون بجامعة الكويت د.منصور العتيبي مشروعية وقانونية الزيادة على اعتبار أنها قرار وزاري يحق للجهة الوزارية إصداره وفقا لرؤيتها التنظيمية، غير أن الأمر ليس مطلقا بل يستلزم تحقيق مبدأ المناسبة والملاءمة والا فقد المشروعية.
وأوضح أنه وفقا للمبادئ القانونية فإن النفقات الصحية التي يدفعها متلقو العلاج هي بطبيعتها رسوم لا تستلزم صدور قانون كالضرائب، وبالتالي فإن قرار زيادة الرسوم يعد مشروعا وقانونيا.
الا ان القانون الإداري حرص على تحقيق مبدأ الملاءمة في إصدار أي قرار بحيث لا يترك ضررا وإلا وصم بعدم المشروعية، والسؤال هنا: هل راعى قرار زيادة الرسوم الصحية هذا المبدأ، فهل نوع وجودة الخدمة الصحية سترتفع أم ستبقى كما هي عليه؟ ومن وجهة نظري فإن القرار مشوب بعيب عدم التناسب مع الفئة الخاضعة له، حيث إنه لا يتناسب وأحوال معيشة الوافدين فأغلبيتهم معلمون وخدم وعمال كادحون.
في الوقت الذي تبدأ في الدولة بتطبيق الرسوم الجديدة للخدمات الصحية على الوافدين رجح خبراء اقتصاديون ان تتضاعف خزينة الدولة جراء تطبيق رسوم الخدمات الصحية الجديدة، حيث من المتوقع ان تزيد ايرادات الخدمات الصحية بنسبة 130% لتصل إلى 300 مليون دينار مقارنة بـ 130 مليون دينار في العام الماضي.
وقال الخبراء ان مضاعفة رسوم مراجعة المراكز الصحية والعيادات الخارجية والإقامة بالأجنحة، وزيادة رسوم التحاليل والفحوصات الطبية بأكثر من 5 أضعاف جميعها سيساهم في رفع إيرادات وزارة الصحة والتي ستنعكس على بند الإيرادات في ميزانية الدولة للعام الحالي، بينما ستظهر كاملة في موازنة 2018/2019 المقبلة.
واكدوا ان مضاعفة الرسوم الخاصة بعمليات الأشعة النووية وأيضا رسوم الأشعة الملونة بالإضافة إلى غسيل الكلى وأيضا رسوم صرف الأدوية وعمل التحاليل الطبية والحصول على أطراف صناعية وغيرها من تلك الأدوات المختلفة ستنعكس بشكل كبير على الإيرادات في موازنة وزارة الصحة، حيث قدرت زيادة إيرادات هذه الرسوم بنحو 9.5 ملايين دينار في السنة المالية الحالية بينما ستتجاوز 16 مليون دينار في السنة المالية المقبلة. وكانت وزارة المالية اعتمدت ميزانية وزارة الصحة للسنة المالية 2016 - 2017، بما يقارب مليارين و800 مليون دينار، منها 9 ملايين دينار مخصصة لمكافآت الأعمال الممتازة.
مبني وزارة الصحة بالكويت
ويقول الخبير الاقتصادي يحيى كمشاد إن الرسوم الجديدة تفرض مقابل الخدمات التي تقدم للوافدين، لذا هناك ضرورة إلى إغلاق باب الاستثناءات المفتوح حتى ينعكس ذلك على ميزانية الدولة التي مازالت تعاني من عجز في موازنتها. من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي بدر العتيبي خلال حديثه أن قرار الوزير سيساهم في معالجة موازنة الدولة من العجز المالي وبالتالي ترتفع الايرادات غير النفطية في البلاد.
وتسجل الكويت ثالث أكبر إجمالي إنفاق على الرعاية الصحية بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد الإمارات وقطر. ويتوقع زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية في الكويت بشكل ملحوظ على المدى القريب على خلفية زيادة عدد السكان في البلاد، وذلك بحسب تقرير حديث صادر عن بيت التمويل الكويتي، وأنفقت الحكومة بالفعل في عام 2011 نحو 3 مليارات دولار على الرعاية الصحية، بينما رصدت تقارير حكومية ان إنفاق وزارة الصحة نحو 5 مليارات دولار بنهاية 2016.
وبحسب بيانات وزارة المالية قدرت ميزانية الخدمات الصحية في موازنة 2017/2018 نحو 2.1 مليار دينار بزيادة نحو 11% عن السنة المالية الماضية، مع الأخذ بالاعتبار ان إجمالي الدعوم الصحية وصل 185.5 مليون دينار وهي للمواطنين العاملين بالخارج.
وقد أعلنت وزارة الصحة الكويتية عن إنفاق مبلغ 4 مليارات دولار في ميزانيتها للسنة المالية 2013/2012، وهو ما يزيد على نسبة 80% من الإنفاق على الرعاية الصحية في البلاد. وتشير التقديرات إلى إنفاق 10% من الميزانية على العلاج في الخارج لذلك العام، أي نحو 400 مليون دينار.
ويوجد حاليا في مستشفيات الكويت 20 سريرا لكل 10.000 شخص، ما يمثل قلة في المعروض والذي يثير بدوره قلقا شديدا خصوصا في ظل النمو السكاني وتزايد أعباء الأمراض. وعلى الرغم من أن معظم السكان حاليا من الشباب، فإن السمنة والأمراض المزمنة ذات الصلة تعد من القضايا الضخمة التي تحتاج إلى معالجة تبعا لذلك.
ومن المتوقع ان يزداد الطلب على الرعاية الصحية في الكويت من 18.5 مليون حالة تلقي علاج في 2008 إلى 61.3 مليون حالة تلقي علاج في 2025. وعلاوة على التغييرات التي طرأت ولا تزال على الوضع الديموغرافي وزيادة انتشار الأمراض المعاصرة، من بين العوامل التي تؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية تلك التحسينات التي تطرأ على العملية التنظيمية للرعاية الصحية وزيادة وانتشار الوعي بين المواطنين والمقيمين بالإضافة إلى زيادة الدخل المتاح للإنفاق كنتيجة للاحتياطيات النفطية الكبيرة بالكويت.
ورأى العتيبي ان اللائحة الخاصة بالرسوم الصحية على المقيمين تحتاج في جزء منها إلى اعادة نظر ومزيد من التدقيق لاسيما ان بعض رسوم الفحوصات التي وردت في قائمة الأسعار التي تم الاعلان عنها لن تكون بمقدور أو متناول جزء ليس بقليل من شريحة المقيمين في الكويت.
وأشار إلى ان رسوم بعض الخدمات التي أعلنت عنها الوزارة تفوق في جزء منها الاسعار المعمول بها في بعض الدول المجاورة وحتى الأسعار المعمول بها في بعض الدول الاوروبية، وهذا ما يحتم إرجاء تطبيق قرار زيادة الرسوم لمزيد من الدارسة.
وأضاف ان هدفنا الأول تحسين مستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، مع عدم اغفالنا في الاطار ذاته الجانب الإنساني للمقيمين ومتوسط دخل تلك الشريحة حتى لا يترتب على تطبيق القرار بعض الاشكاليات التي قد تواجهها ادارة المرافق الصحية والكوادر الطبية العاملة فيها.
وشدد العتيبي من جهة أخرى على ضرورة تسريع العمل في مستشفيات الضمان الصحي والتي ستخدم شريحة كبيرة من المقيمين في الكويت، ما سيخفف بدوره من الضغط على مرافق الوزارة.
دكتور منصور العتيبي
ومن جانبه، رأى عضو اللجنة الصحية النائب دكتور الخضير أن الاجتماع مع وزير الصحة وارد ومن الممكن خفض بعض الرسوم على الرغم من وجود اتفاق على فرضها.
وتوقع الخضير أن تعقد اللجنة اجتماعا مع وزير الصحة قبل البدء في تطبيق زيادة الرسوم الصحية مطلع أكتوبر المقبل، لبحث امكانية خفض بعض الرسوم، خصوصا باهظة التكاليف التي تشكل عبئا على بعض فئات الوافدين.
وقال الخضير إن هناك اتفاقا على فرض رسوم صحية على الوافدين، ولكن لا ضير من عقد اجتماع لتخفيض الرسوم التي يراها البعض عالية الكلفة، وهناك فئات من الوافدين ليس بوسعهم دفعها وذلك لتدني مرتباتهم، موضحا «نحن في اللجنة الصحية سنطرح هذه الجزئية ونستمع إلى وجهة نظر وزارة الصحة، وعموما نحن لسنا ضد الوافدين ولكن الرسوم باتت ضرورة ملحة في ظل الازدحام على المستشفيات وتباعد مواعيد العيادات الخارجية».
عضو اللجنة الصحية النائب دكتور الخضير
ومن جهته، فضل النائب د.وليد الطبطبائي أن يكون التأمين الصحي بديلا عن زيادة الرسوم الصحية على الوافدين وأن يكون مرتبطا بالإقامة.
وقال الطبطبائي إن تطبيق التأمين الصحي بشكل واضح سيكون بديلا عن زيادة الرسوم الصحية على الوافدين، داعيا إلى أن يكون علاج الوافدين من ضمن التأمين الصحي المرتبط بالإقامة والذي يدفعه المقيم عند تجديد إقامته، على أن يتحمل الكفيل مصاريف العلاج.
وأفاد الطبطبائي بأن التأمين الصحي أقر في السابق ولكن الحكومة فشلت في تحصيل حقوقها من شركات التأمين لذلك عليها معالجة آلية التحصيل، وعلى العموم فإن القانون مقر ومطبق، والمطلوب معالجة الأخطاء التي عرقلت التطبيق.
النائب د.وليد الطبطبائي
فيما اعتبر النائب حمد الهرشاني زيادة رسوم الخدمات على الوافدين مطلبا مهما ولكن من الأفضل أن تكون الزيادة غير مؤثرة، ولا تخلق تمييزا بينهم مع مراعاة ظروف العمالة العربية فهؤلاء أشقاء لنا وتربطنا بهم صلات عدة.
ودعا النائب د.عادل الدمخي إلى اطلاع النواب على أي مشروع حكومي لزيادة الرسوم على الوافدين، وقال إن المسألة ليست مجرد زيادة رسوم وإنما تحتاج دراستها بتأن وبحث آثار ذلك.
وبدوره، قال النائب عبدالله فهاد ان معالجة الاختلالات في التركيبة السكانية لا تتم من خلال فرض الرسوم على الخدمات الأساسية مثل الصحية على الوافدين وهذا لا يعتبر حلا، لأن الحل يبدأ بتحسين حياة الناس وتحسين وظائفهم وبعدها تطلب منهم هذه الرسوم.
وأفاد فهاد بأنه لا مانع من فرض الضرائب في حال وجدت منظومة كاملة وليس بهذه السرعة والعجالة وبهذا التضييق على معيشة الوافدين.
وفي السياق ذاته قال النائب يوسف الفضالة إن الزيادة الحكومية لرسوم الخدمات الصحية على الوافدين ليست طبيعية ومبالغ فيها وغير منطقية، ولن يكون في استطاعة الوافدين تأمينها، مؤكدا أن رفع قيمة الخدمات الصحية المقدمة للوافدين أمر مستحق، في ظل الضغط على الخدمات الطبية وزيارة بعض الوافدين فقط للاستفادة منها، نظرا لانخفاض تكاليفها، لكن ذلك لا يعني رفعها إلى هذا الحد.
وشدد الفضالة على ضرورة أن تكون الزيادات وفق الحد المعقول، وأن تراعى أصحاب الدخول المتدنية من العمالة الوافدة، لافتا إلى أن هذه القضية ستكون ضمن القضايا المطروحة للنقاش في اللجنة الصحية خلال الفترة المقبلة.
![](/uploads/657876543.jpg)
النائب حمد الهرشاني
أكد رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان خالد الحميدي أن قرار زيادة الرسوم الصحية يعد انتهاكا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ نصت المادة 12 في فقرتها الأولى في العهد: «تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه». كما جاء في النقطة «د» من الفقرة الثانية بأنه يجب تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.
وأضاف أنه من الظلم أن تقوم العمالة المهاجرة بدفع رسوم التأمين الصحي ثم تقوم بدفع رسوم مقابل الخدمات الصحية المختلفة، معربا عن استغراب الجمعية من شرعنة هذا الانتهاك وهو ما قد يعود عليها بتأثير سلبي بالنسبة لموقف الكويت في تنفيذ التزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لافتا إلى أنه في حال أرادت الجهات المختلفة سن قوانين وتشريعات خاصة بها، فلا يجب أن تكون القوانين مبنية على أساس انتهاك حقوق الإنسان.
وأشار إلى إيمان الجمعية بأنه من حق الكويت أن تعمل على سن التشريعات وأن تتخذ الإجراءات التي تدعم مصلحة مواطنيها، ولكن لا ينبغي لهذه التشريعات أن تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الكويت والتي تحفظ حقوق المتواجدين على أرضها، لاسيما أن الدستور الكويتي والقوانين التي تفرعت منه هي البوصلة التي يجب أن يتحرك من خلالها الجميع، وقد نص دستور البلد على احترام حقوق الإنسان وعدم انتهاكها بغض النظر عما إن كان مواطنا أو وافدا.
الوافدون وكونهم المعنيين أولا وأخيرا بقرار زيادة الرسوم، ينظرون إلى الأمر على انه يستهدف مباشرة امكاناتهم المادية وقدرتهم على «البقاء»، في ظل انخفاض المعدل العام للأجور الممنوحة لهم خصوصا لدى أصحاب المهن البسيطة والمتوسطة. ويرى عدد من الوافدين ان زيادة الرسوم الصحية التي سبقتها زيادة في أسعار البنزين ومن بعدها تعرفة الكهرباء والماء، وكأنها مسيرة منظمة، باتت تشكل عبئا كبيرا جدا يكاد يتعذر معه تأمين لقمة العيش.
فبحسبة بسيطة، يستطيع أي مبتدئ في علم الرياضيات ان يحسبها، يجد الوافد نفسه مفلسا في اليوم التالي لإيداع الرواتب، فإذا كان المعدل المتوسط للرواتب يبلغ 400 دينار، فإن ما يترتب على رب الأسرة من مدفوعات تفوق هذا الرقم بكثير، وتتصدرها أجرة المنزل التي تقضي على نصف الراتب بينما يتكفل بالنصف الآخر الأقساط المترتبة كالمدارس ووسائل النقل وفواتير الهاتف والخدمات الاستهلاكية والمواد الغذائية وضرورات العيش، وبالتالي اذا مرض أي فرد من أفراد الأسرة فلن يتمكن من تلقي العلاج لأنه لن يجد قيمة الرسوم المترتبة عليه.
خالد الحميدي
ما ورد آنفا هو ملخص للنظرة التي ينظر بها الوافد للزيادات في أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية والطبية، ولعل أبرز ما يمكن الحديث عنه هنا ما طرحه الوافد محمد قاسم الذي تحدث عن حجم العوائد التي ستتوافر لوزارة الصحة من خلال هذه الزيادة، متسائلا عما اذا كانت الخدمات الصحية المقدمة تتناسب مع حجم الزيادات التي تثقل كاهل الوافد وتحرمه من تلقي العلاج في حال عدم توافر المبلغ!
أم أسماء التي تداوم على زيارة عيادة الأمراض التنفسية في أحد المستشفيات، تساءلت عن امكانية تأمين الـ 10 دنانير شهريا بعد ان كانت تدفع دينارين فقط، قائلة «ولت أيام الدينار، ولم يعد هناك فارق بين المستشفيات الخاصة والحكومية» فبعد ان كانت هذه الأخيرة ملجأ وملاذا للأسر محدودة الدخل، باتت اليوم تشكل هما وعبئا، ما سيؤثر على الصحة العامة للأسر متوسطة وقليلة الدخل التي تعتبر تأمين لقمة العيش هي الأولوية الأولى ويمكن ان تهمل الشأن الصحي في حال ارتفاع قيمة الخدمة.
ويوافقها سيد محمد معتبرا ان زيادة الرسوم على الخدمات وخصوصا الصحية منها، تتعارض مع التوجه الإنساني الذي تنتهجه الكويت تجاه مختلف دول العالم الفقيرة والمحتاجة، لافتا إلى ان هناك وافدين يعيشون في البلاد منذ مدة طويلة وربما ولدوا فيها وأفنوا صحتهم في خدمتها وليس من العدل ان يواجهوا بالضغط على قدراتهم المادية لتلقي العلاج في المستشفيات، ما يؤثر على وضع الكويت الإنساني على مستوى العالم.
وفي الشأن نفسه، أكدت أم آية أن زيادة الرسوم في المستشفيات الحكومية وارتفاع فواتير العلاج ستؤدي إلى تخلي الوافد عن حقه بالعلاج فيها ويتوجه الى القطاع الخاص حيث يلقى العلاج مباشرة بعيدا عن الطوابير والمواعيد البعيدة بما لا يتناسب مع الزيادة في سعر الخدمة.
بدوره، أكد مصطفى محمد وهو أحد مراجعي مركز حولي الصحي أن هذه الزيادة تفوق الحدود الطبيعية، وقال «انا كمقيم في هذا البلد الطيب لسنوات تفوق العشر لم أتخيل ان تتم الزيادة بهذا الشكل وقد قضيت أفضل سنوات عمري هنا ومرضت وانا أمارس حياتي الطبيعية، ولم احضر من بلدي مريضا والا ما كانوا يقبلون بدخولي البلاد، ولهذا يجب ان تكون هناك نظرة رحيمة للمقيم الذي يعاني بالقياس إلى ارتفاع الأسعار في الايجار وجميع احتياجات الأسر من مدارس ومأكل وملبس وغيرها، لذلك يجب ان يكون العلاج متاحا لأي انسان وبأسعار غير مبالغ فيها قد لا يتمكن الكثير منا من دفعها».
ووافقه احمد حافظ الرأي مؤكدا ان المقيم حينما يقوم بإجراءات الإقامة او التجديد يدفع مبلغ ضمان صحي سواء مرض او لم يمرض طوال فترة الاقامة إلى ان يتم التجديد مرة أخرى، وهذا المبلغ قد لا يستفيد منه الكثير من الأسر التي قد يمرض بها شخص او اثنان، ومع هذا يتم دفعه بشكل دوري. وهنا لابد ان نسأل هل سيتم إلغاء هذا المبلغ ليكون علاج المريض بمقابل كبير؟