كشف مصدر حكومي أن الخلل في التركيبة السكانية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات ونجم عنها أعداد هائلة من العمالة السائبة والهامشية ترجع بشكل رئيسي ومباشر إلى وجود أكثر من مليون عامل وافد يندرج جزء منهم تحت بند «مجهول»، والجزء الآخر هم من العمالة المضافة الذين توزعوا على ثلاثة قطاعات وهم صيادو الاسماك ورعاة الماشية والمزارعون، لافتا إلى أن إجمالي العمالة الوافدة المنتجة في البلاد لا يتجاوز الـ 400 ألف عامل فقط مقابل 1.7 مليون «هامشي».
وشدد المصدر لـ«الراي» على ضرورة أن تُبحث وتُدرس مشكلة التركيبة السكانية بشكل «قطاعي» وليس «إجمالياً»، خصوصاً وأن الوضع في الجهات الحكومة أصبح اليوم أفضل بكثير عما كان عليه في السابق، في ظل عمليات التنظيم المستمرة التي شهدتها آليات العقود الحكومية، وربط عمالة المشاريع التنموية بجهاز التدفق العمالي بالإضافة إلى سياسات الإحلال والتكويت.
واعتبر ان أساس مشكلة التركيبة السكانية تكمن في استغلال العمالة الوافدة في بعض القطاعات الخاصة، والتي تسعى الحكومة حاليا إلى تنظيمها مثل قطاعات الرعي والصيد والزراعة، متوقعا أن يتم إحكام السيطرة على المشكلة، بعد أن تنتهي الهيئة العامة للقوى العاملة من تطبيق نظامها الآلي على أرض الواقع، وربطها مع مشاريع وخطة الدولة والتنموية، والذي سيساهم بشكل كبير في التحكم بعملية تدفق العمالة إلى البلاد.
وأشار المصدر إلى أن إجمالي السكان غير الكويتيين، حسب آخر الاحصائيات، تجاوز 2.9 مليون، وأوضح أن هناك أكثر من 200 ألف أسرة وأكثر من 600 ألف خادمة تم اعتبارهم ضمن إطار المجتمع الكويتي، لافتا إلى أن العدد المتبقي توزع ما بين 400 ألف عامل منتج مقابل 1.7 مليون، بين عمالة مضافة ومجهولة، بالاضافة إلى عمال النظافة والحراسة والمراسلين.
وأكد أن العمالة في قطاعات الصيد والرعي والزراعة، والذي يقدر عددهم بـ 800 ألف، يمكن احتوائهم بعد الانتهاء من عملية الرصد الخاصة بكل قطاع وربطهم في ما بعد بالنظام الآلي، إلا أنه استدرك قائلا «مشكلتنا ليست في العمالة القادمة ولكن بالعمالة القديمة الموجودة حاليا».
في حين لفت إلى أن عمال النظافة والحراسة كانوا يمثلون ايضا مشكلة كعمالة هامشية، أصبحت اليوم الدولة قادرة على احتوائهم وتنظيم عملية الاستعانة بهم، خصوصا وأن 90 في المئة منهم يأتون ضمن عقود حكومية، وأكد أن قرار وزارة الداخلية بزيادة عدد كاميرات المراقبة ساهم بشكل كبير بالحد من أعداد الوافدين العاملين في مجال الحراسة، لافتا إلى أنهم ينتظرون حاليا أن «تقوم البلدية بالاستعانة بآليات تنظيف الطرق والشوارع الحديثة، من أجل تقليص عدد عمال النظافة أيضا».
واعتبر المصدر أن عدم وجود رقم دقيق وواضح لإجمالي أعداد الوافدين يساهم في التحكم بآلية دخول العمالة الوافدة للبلاد، يرجع بشكل رئيسي إلى حصول العديد منهم على إقامات وهم في الأساس غير موجودين، ويقومون من وقت لاخر بالدخول والخروج من البلاد، ولفت إلى أن هذا تسبب في تغيير أعدادهم بشكل سنوي ما بين الزيادة والنقصان، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن تكون هناك عملية ربط مباشر بين وزارة الداخلية والهيئة العامة للمعلومات المدنية والهيئة العامة للقوى العاملة لمعرفة أوضاع وتحركات تلك العمالة «المجهولة».
ورأى أن الإجراءات الصارمة التي تتبعها الدولة حاليا لأحكام السيطرة على تدفق العمالة الوافدة أدت بشكل مباشرة لوصول سعر الإقامة لأكثر من 2300 دينار، نافيا في الوقت نفسه بشدة أن تكون عمالة خطة التنمية لها تأثير اليوم على التركيبة السكانية، خصوصا بعد إحكام السيطرة على عملية حصرهم واحتوائهم وفق جهاز التدفق العمالي.
ولفت إلى أن هناك عددا من القرارات الخاصة بتنظيم العمل في سوق العمل ستصدرها للجنة العليا لتعديل التركيبة السكانية خلال اجتماعها المقبل، لافتا إلى أن من ضمن القرارات المرتقبة السماح للعامل في مشاريع التنمية بالذهاب إلى مشروع آخر بعد انتهاء عمله، بدلا من إخراجه من البلاد.
ولفت المصدر إلى وجود خطة يتم حاليا الإعداد لها داخل الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية لرفع نسبة «الكوتة» المتبع حاليا، بهدف زيادة أعداد المواطنين الكويتيين في سوق العمل الحكومي والخاص من جهة، وتقليص اعداد الوافدين من جهة أخرى.
وكشف أن النظام الجديد لـ «الكوتة» سيستند بشكل رئيسي إلى تحديد نسبة محددة من العمالة الوطنية في كل جهة، حسب كل قطاع على حدة، وليس كما هو معمول به حاليا في تحديد النسبة على الجهة بكامل قطاعاتها بشكل عام، مؤكدا في الوقت نفسه أن النظام الجديد لـ«الكوتة» سيكون هو التوجة العام المقبل للدولة، والذي يأتي من منظور البند الخامس التي تضمنته وثيقة الحكومة للإصلاح المالي والاقتصادي، المتعلق بإصلاح سوق العمل ونظام الخدمة المدنية
وأوضح أنه يتم حاليا وضع الملامح النهائية لهذه الخطة، والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها قبل نهاية العام الحالي، ستصدر قراراتها التنظيمية الجديدة على الجهات تباعا، مع بداية الربع الأول والثاني من العام المقبل.
وأكد المصدر أنه بالرغم من صعوبة تطبيق سياسية الإحلال 100 في المئة في البلاد، خصوصا وأن هناك جهات مثل وزارتي الصحة والتربية من غير السهولة تطبيق الإحلال عليها بشكل كامل، إلا أن النظام الجديد سيساهم بشكل كبير في تنظيم وأعادة التوزان في سوق العمل المحلي بشكل كبير وواضح.