صباح الخير على الكويت بكل تفاصيلها الجميلة وشكل إيقاع البحر فيها، ومدها وجزرها وصوتها الحزين والحر المليء بالشوق في «اليامال».

صباح الخير على قارئ يقرأ الجريدة الآن وبجانبه فنجان شاي أو قهوة أو تمرة، وعلى قارئ صائم عن الطعام والشراب والفساد وزينة الحياة الدنيا.

صباح الخير على الأب الذي يفكر في عيادي العيد ودخول المدارس ووعود أطلقها لحظة بكاء أطفاله... فيتحسس جيبه ويبتسم لأن الله أكبر.

صباح الخير على عامل محطة البانزين الذي يتصبب عرقاً في الرطوبة، وعلى الرجل المسن الذي في السيارة التي بجانبي وعلى تلك المرأة التي ذاب ماكياجها تعباً، وعلى فني كويتي في البترول أو الكهرباء أو مع أسود الإطفاء... وعلى من يعمل في العراء الحار، فيمسح عرقه ويتذكر هل رأت ابنته الصغيرة حلماً بالأمس في نومها؟

صباح الخير على الحكومة ورئيسها والوزير الذي يحب الكويت ويحب شعبها، وعلى الوكيل الذي يرى في المشاكل فرصة للاستثمار والتطوير، وعلى المدير الذي يحفظ أسماء موظفيه وظروفهم، وعلى الموظف الذي يثمن ما الذي يعنيه قدوم المراجعين في درجة حرارة 52 مئوية.

صباح الخير على الأم الموظفة، التي أرادت أن ترتاح في البيت، ولكنها قرأت الواقع فوصلت إلى ما وصل إليه كبير كبراء الأدب الروسي في أن «الحياة ليست مزحة».

صباح الخير على أب أراد أن يفصّل «دشداشتين» للعيد، ويخرج بزوجته وأبنائه إلى مطعم محترم من دون أن يشعر بوخز «المنيو» في جيوبه.

صباح الخير على جد اجتمع أبناؤه وأحفاده حوله وحكى لهم يوماً قصة تعبر عن الهوية.

صباح الخير على النواخذة الذين لهم ذكريات في بومباي، وعلى فارس دافع عن الكويت حتى علت رمال الصحراء، وعلى شهيد رفع علمها عالياً.

صباح الخير على موظفي المطار الذين لا يسافرون، وعلى مسافر عاد للتو، وعلى ذلك الذي قرر الرحيل ولكنه لا يعلم متى لأن زوجته ستلد قريباً.

صباح الخير على الشرطي الذي قابلته في المطعم الهندي، وعلى «البدون» الذين تعاشرهم ولا تعرف أنهم بدون إلا في تفتيش للشرطة... حيث كنت تعتقد أنهم مثلك لدرجة الشبه... فتعرف المعنى وتبحر فيه.

صباح الخير على صديقي الذي أعرفه منذ خمس سنوات وأراه في المقهى والجمعية التعاونية والمسجد والأفنيوز، فنتوقف ونسلم على بعضنا ويسأل كل منا الآخر عن أخبار صاحبه وعن أحواله، رغم أنه لا يعرف اسمي ولا أعرف اسمه، وكل منا يستحي أن يسأل الآخر، أو ربما هو غير مهتم ولا أنا، أو ربما كل منا يذكر الآخر بأحد كان يوماً ما يعرفه ويثق فيه.

صباح الخير على أصدقائي المعلقين قلوبهم حول عرش الرحمن... وعلى الحاج الذي حج وعاد كما ولدته أمه... وعلى حاج حج بالنيابة عن أمه... وعلى الأم التي قالت لابنها يوماً «اتق الله فإنه أحق أن تخشاه».

صباح الخير على الطير في السماء، وعلى «عزوتي» الذين كنت في ضيافتهم... فخلطت بين بيتي وبيتهم... بيني وبينهم... فعرفنا معنا التوحيد.

صباح الخير على ليبرالي قرر أن ينقد ويراجع خطابه، وإسلامي تحرر من حزبيته، ومزايد على الوطنية قرر أن يتوازن قليلاً، وعابس من الوطن ابتسم، وغريب أو وافد نظر في المرآة ليرى أثر نهش الرحلة في ملامحه، وعلى «سوري» سيعود قريباً لوطنه وعلى «فلسطيني» ما زال ينتظر. صباح الخير على كل الذين هنا ولا يستطيعون إلى الحج سبيلاً، ولكنهم حجوا بقلوبهم ودعائهم، وصباح الخير على الذين حجوا هناك ومعهم قلوبنا ودعاؤنا... ففي النهاية كلنا «وافدون» على باب الله.

كل عام والجميع بخير... وتقبل الله طاعتكم.

كاتب كويتي

moh1alatwan@