فيما أرجعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ارتفاع أسعار حملات الحج لهذا العام إلى «ارتفاع الخدمات الأساسية كالإقامة والتنقلات والطعام وتذاكر الطيران خلال موسم الحج»، أوضحت ان «متوسط تكلفة الحج الواحد يبلغ بين 1800 و2200 دينار»، مبينة ان «الإجراءات كافة التي تتخذها تصب في مصلحة الحجاج مما أدى إلى نقلة نوعية في أداء حملات الحج الكويتية، حيث تبوأت أعلى المستويات على مستوى العالم من حيث الخدمات وتوفير سبل الراحة».
لكن الوزارة التي اتخذت موقف المدافع عن الحملات وأسعارها المرتفعة، لم تقدم تبريراً واضحاً لهذا الارتفاع في الأسعار الذي يعتبر الأعلى خليجياً، وهو الأمر الذي خلف سوقاً سوداء لأسعار حملات الحج في الكويت وصلت إلى نحو 7000 دينار، وهو الأمر الذي دفع مئات المواطنين الذي يريدون أداء فريضة الحج إلى الهروب من أسعار الحملات الكويتية الخيالية للتسجيل بالحملات في المملكة العربية السعودية، التي تبدأ أسعار حملاتها بالحج المنخفض من 50 إلى 290 ديناراً وتصل في أعلى أسعارها إلى 900 دينار.
ويُرجع البعض غياب رقابة وزارة الأوقاف عن تحديد سقف أعلى لأسعار الحج، إلى الرضوخ لأصحاب الحملات، خصوصاً الوقفية منها، والتي يفترض بها أن تتبنى أسعاراً مخفضّة في الأساس لخدمة حجاج بيت الله الحرام، وبالتالي أدى ذلك إلى التلاعب في أسعار الحملات.
وأمل مواطنون أن تسهم تحركات وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية وزير البلدية محمد الجبري في ملف الحج، والتي تُوّجت أخيراً بالسماح للبدون، في وضع نظام واضح لحملات الحج وضبط الأسعار بما يمنع أي تلاعب أو استغلال.
وناشدوا الجبري بالتحرك لفتح هذا الملف وإيجاد الحلول له، معتبرين ان اتخاذه خطوة لمعالجة هذه القضية التي تعني أهل الكويت كافة الراغبين بأداء فريضة الحج سيكون رفعة له في الدنيا والآخرة.
ويصل عدد حملات الحج المرخصة في الكويت إلى 75، لكن الفعلي منها الذي يسيّر حملات منتظمة قد لا يتعدى 40، فيما اختار أصحاب الرخص الأخرى تأجيرها لحملات أخرى مقابل مبالغ خيالية أيضاً تصل إلى 50 ألف دينار للحملة الواحدة، وهو الأمر الذي يتم تحت ستار دمج الحملات، وتالياً احتكار تراخيص الحج، بينما لجأ بعض أصحاب التراخيص إلى بيعها أيضاً بأسعار تتجاوز 350 ألف دينار، في ظل تساؤلات عن غياب الإجراءات الرادعة والحاسمة من وزارة الأوقاف بسحب ترخيص الحملة التي لا تذهب للحج تحت أي ستار وفتح باب التراخيص أمام الجادين.
ورغم ان وزارة الأوقاف في الكويت كانت السباقة في طرح فكرة النظام المركزي لتسجيل الحجاج وتوحيد أسعار الحملات، إلا ان دولاً أخرى سبقتها في هذا المجال، بعد وقف القرار كويتياً من قبل وزراء سابقين، رضوخاً لضغوط الحملات التي ما زالت تزيد أسعارها سنة بعد أخرى على الحجاج.
وفيما تختار وزارة الأوقاف اليوم الحملات الخمس التي قدمت أقل الأسعار لحج البدون لتوزيع 1000 حاج عليها، من المستغرب ألا يتم تطبيق هذا النظام على المواطنين الراغبين في الحج، وخصوصاً المتقاعدين منهم وأصحاب الإعانات والمساعدات، بدلاً من تركهم ضحية لدفع آلاف الدنانير لأداء الفريضة. وبما ان الوزارة قادرة على فرض حد أعلى لأسعار حج البدون، فمن الأولى أيضاً أن تمارس سلطاتها المتاحة في هذا الإطار لخدمة الكويتيين أيضاً.
وفي ما خص لجوء الكويتيين إلى الالتحاق بالحملات السعودية للحج، قال المواطن طلال المطيري الذي توجه إلى مدينة حفر الباطن لهذا الأمر «عجزت عن إكمال مبلغ الحملة في الكويت والأسعار في الحقيقة نار ولا تطاق، فيما الحملات السعودية تكون أسعارها رخيصة جدا ولا تتجاوز 300 دينار».
وأضاف المطيري أن «طريقة التسجيل في الحملات السعودية سهلة وذلك عن طريق المسار الإلكتروني لحجاج الداخل، ودفع المصاريف التي تقدر بنحو 290 ديناراً كويتياً فقط».
ويتوجه الكويتيون إلى المملكة قبل الالتحاق بحملات الحج السعودية، سعياً لإثبات إقامتهم في المملكة والحصول على «رقم موحد» يمكّنهم من التسجيل في هذه الحملات.
وأكد المواطن الكويتي عيد الغنيم ان «بعض الحجاج الكويتيين اتجهوا للتسجيل في حملات الحج السعودية هرباً من غلاء الأسعار»، مبيناً انه «على الرغم من أن خدمات الحج الخاصة بالحملات السعودية أقل لكنها في النهاية تؤدي الغرض وتحقق الهدف المنشود منه وتأدية المناسك الخاصة بالحج»، متسائلاً «ماذا يريد الحجاج بخدمة (المساج) أو (البوفيه المفتوح) أو السكن بشقق فاخرة في مقابل السعر الخيالي الذي يعجز عن دفعه المواطن البسيط في الكويت».