«أنا متعبة سوف أراك غدا»، بهذه الجملة ينتهي اليوم الأول، بعد الاجابة عن مجموعة من الأسئلة المتنوعة التي تطرحها «مريم» الشخصية الوهمية في اللعبة وتنجح من خلالها في أن تجعلك حبيس غرفتها المجهولة، فعلى أنغام الموسيقى المرعبة، والصور المتعددة، وتباين في الآراء حيالها، انتشرت في الآونة الأخيرة «لعبة مريم» أو النسخة الخليجية من لعبة «الحوت الأزرق» كما يقول البعض على الرغم من إصرارها المتكرر على إنكار ذلك عن طريق الرسائل المتواصلة مع مستخدميها، والتي تقول خلالها «أنا لست الحوت الأزرق كما يدعون.. فهل تراني فتاة لطيفة أم مخيفة؟». 
تدور فكرة اللعبة حول فتاة تائهة عن منزلها وتطلب مساعدتها في إيجاده، وأثناء ذلك تبدأ بطرح العديد من الأسئلة التي تدعوك إلى الخوف والحذر من الفتاة الصغيرة التي تحاول أن تقترب منك بشتى الطرق لتصبح صديقها الجديد، وفور وصولها إلى المنزل تخبرك «مريم» بأنها أبلغت والديها عنك وهما متحمسان لرؤيتك، لتكون بذلك مجرد خدعة تستغلك بها لتحبس أنفاسك وتخبرك بحقيقة مفزعة بأنك حبيس غرفتها ولن تخرج الآن قبل العثور على المفتاح.
«مريم» التي وصل عدد مستخدميها إلى أكثر من 145 ألفا «ستجعلك بالفعل لعبتها» كما يشير رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يرون انها مواصلة لألعاب التجسس الاستخباراتية، ولكن بطابع خليجي، حيث تقوم بطلب معلومات مثل عنوان منزلك ورقم هاتفك الخاص وحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح بعد ذلك تحت التهديد لتنفيذ أوامرها، والأخطر من ذلك اعتمادها على الجانب النفسي، حيث ترسل لك روابط من الأغاني لتسمعها، وعند فتح تلك الروابط يصبح جهازك عرضة للاختراق الالكتروني. 
 
أشار الاستشاري في الخدمات النفسية والاجتماعية د.عبدالفتاح ناجي إلى خطورة تلك اللعبة، كونها تعد من الألعاب الالكترونية التي تستغل الفضول وحب التجربة لجذب متابعيها، لافتا إلى أنها تستغل حب الاطلاع للولوج إلى عقل الشخص، لتلعب على هذا الوتر الحساس، فحينما يندمج المراهق مع اللعبة يصبح العالم الافتراضي داخل اللعبة هو العالم الواقعي الذي يعيشه بعد الانعزال عن محيطه الخارجي، ما ينتج عنه تصرفات سلبية وانصياع تام لها، فلا يستطيع التفرقة بين العالم الواقعي والافتراضي.
وأضاف ناجي، أن تلك اللعبة ليست الأولى من ذلك النوع ولن تكون الأخيرة في ظل حالة الفراغ الذهني التي يعيشها ابناؤنا، ومع غياب لافت للعلاقة الأسرية الدافئة ما يجعل من هؤلاء الأبناء غير مدركين لما يقومون به، خاصة في مرحلة المراهقة التي يبدأ فيها الفرد بالإقبال على التحديات واثبات الذات، مما قد يدفعهم للرغبة في مثل تلك الألعاب التي تعتمد على ما يسمى بـ «هندسة العقل»، لافتا إلى أن اللعبة تعتمد على تحقيق الاندماج ما بين الشخص المتابع لها والشخصية الوهمية «مريم»، وبالتالي الابتعاد عن الواقع.
وذكر أن مستخدمي تلك الألعاب هم الأكثر عرضة للإصابة بالمخاطر والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والعزلة والعنف، واكتساب مشاعر سلبية نتيجة للحالة التي تعيشها تلك الشخصية الوهمية «مريم»، حيث سرعان ما تنتقل الظروف السلبية التي تعيشها شخصية اللعبة «مريم» إلى متابع اللعبة وبالتالي تنتشر تلك المشاعر السيئة في شخصيته، وقد تكون سببا في عدم رغبته في الحياة لتبدأ بالاكتئاب وتنتهي بالتفكير في الانتحار.
وتابع: فضلا عن الآثار النفسية التي تصنعها مثل تلك الألعاب فهناك مخاطر أخرى مثل نشر المعلومات الشخصية على المواقع الالكترونية مما ينبأ بمزيد من المشكلات التي قد تنتج من عملية استغلال مثل تلك البيانات والمعلومات الشخصية بشكل خطير يمكن ضعاف النفوس من استغلال البيانات في عمليات ابتزاز لاحقة.
قانونيا، أكد مدير العلاقات العامة في مجموعة السراة القانونية والخبير المعتمد لمنظمة الانتربول في مجال التعاون الدولي وخبير مكافحة الجرائم الالكترونية المستشار القانوني محمد الجاسم، أن الأسئلة الخاصة بالأشخاص لا تعتبر مادة تجريم طالما كان السؤال غير مخالف لأحكام القانون، لافتا إلى أنه في حال قيام أحد المبرمجين بتغيير محتوى التطبيق وإرسال اسئلة منافية للآداب العامة وترتب الأثر على ذلك وقوع فعل مخالف للقوانين يتم في هذه الحالة تطبيق الاجراءات القانونية اللازمة ضد تلك الافعال.
وأضاف الجاسم أنه في حال وقوع الجرم المخالف للقوانين تتم ملاحقة الجاني بعد معرفة مكان صدور الفعل عبر السلطات المعنية في الكويت ممثلة في إدارة مكافحة الجرائم الالكترونية ومن ثم الاستعانة بإدارة الشرطة الجنائية العربية والدولية (الانتربول) لمخاطبة نظرائها في مختلف الدول الأعضاء، في حال كان صاحب التطبيق او الفعل المجرم خارج الكويت وتطبيق الاجراءات الخاصة بتسليم المتهمين وملاحقتهم.
وللحديث عن الجانب التقني والتكنولوجي في استخدام تلك الألعاب بصفة عامة و«مريم» بشكل خاص، أكد مبرمج تطبيقات ios في شركة «تيك أوفس» لخدمات نظم المعلومات محمد نمير، انه في حال إنشاء التطبيق من «آبل ستور» لا بد من تحديد الفئة العمرية وذلك لمراجعة محتوى التطبيق ومدى ملائمته للفئة العمرية المحددة.
وذكر منير أن بعض مصممي البرامج يلجأون إلى حيلة تتلخص في إرسال محتوى مطابق لشروط «آبل» ومن ثم تغييره بعد الحصول على الموافقة مرة أخرى، لافتا إلى أنه في حالة اكتشاف أي مستخدم لهذه المخالفات عليه ان يقوم بإرسال تقرير سوء استخدام عبر الأدوات المتاحة، أو من خلال أدوات التقييم الخاصة، فعند اختيار تقييم النجمة الواحدة تقوم «آبل» بالاستفسار عن سبب ذلك وتراجعه مرة اخرى.
بدوره، أشار مهندس الكمبيوتر بيشوي منصور في شركة «تيك أوفس» لخدمات نظم المعلومات، إلى أن أغلب المستخدمين يقومون بواحدة من الأخطاء الشائعة والمتمثلة في الموافقة على شروط صلاحيات التطبيـــــق والمبرمج على هواتفهم وأجهزتهم دون قراءتها والتعرف على مضمونها، وهو ما يجعلهم عرضة للاختراق في الكثير من الأحيان، لافتا إلى أنه فيما يتعلق بـ «لعبة مريم» فإن المصمم لم يقم بطلب تصريح لتثبيت التطبيق بقائمة الأرقام او الأسماء أو تحديد الموقع او البيانات الشخصية، وبالتالي فهو غير قادر على الاستحواذ عليها، إنما يتم الاستحواذ عليها ضمن الأسئلة التي يتم طرحها خلال اللعبة.
وفي سياق متصل، اشار كبير مهندسي البرمجيات في الشركة ذاتها فيشنو ناديش إلى أن الاجراءات المتبعة من قبل «آبل» في حالة تلقيها تنبيها بتقرير سوء الاستخدام تتمثل بفحص المحتوى في المقام الأول والتأكد من مطابقته لمعايير الجودة المتفق عليها، لافتا إلى أنه في حالة تأكدها من مخالفة التطبيق بشكل صريح يتم إغلاق الحساب المرفوع منه التطبيق واتخاذ الاجراءات القانونية ضده.
مؤسس اللعبة: التجسس غير وارد.. وانتظروها بتحديثات جديدة
نفى مؤسس «لعبة مريم» الاتهامات المنسوبة الى محتوى اللعبة، قائلا: هناك العديد من الإشاعات المتداولة عن انتهاكها للخصوصية ومحاولة التجسس وهذا غير صحيح.
وقال مؤسس اللعبة في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان «مريم» مجرد لعبة تم إدراجها فعليا على «آب ستور»، مشيرا إلى ان الفكرة راودته منذ فترة طويلة في إنشاء لعبة مشوقة تعتمد على الإثارة لتكون ذات طابع غريب، لتولد «مريم» بعد ذلك في صورتها الحالية منذ 25 يوليو الماضي.
وأضافت ان اللعبة التي وصل عدد مستخدميها لأكثر من 145 ألف مستخدم تعتمد على الأسئلة الشخصية ولا تقوم بتسجيل تلك البيانات إنما تعود لاستخدامها في اللعبة مرة أخرى، مؤكدا ان اللعبة لا تقوم بأمر مستخدميها بفعل أمور غريبة مثل الانتحار، كما يدعي البعض من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
وفيما يتعلق بإقحامها في بعض الأمور السياسية مثل أسئلتها عن الأزمة الخليجية وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو المزيد من التشويق إلى اللعبة فقط، متمنيا ان تنال إعجابهم، وان ينتظروها في تحديثات قادمة.
 
كشف مستشار أمن المعلومات والجرائم الالكترونية رائد الرومي عن تواصل مجموعة من المختصين والفنيين والخبراء في الأمن الالكتروني من الكويت والسعودية وهم: م. خالد أبو ابراهيم مؤسس هاشتاج #حضر_لعبة _مريم، د. ابراهيم زمزمي، ورائد رومي، مع مصمم للعبة بهدف تغيير مسارها وإجراء بعض التعديلات المتعلقة بمحتوى الأسئلة المطروحة والتي لا تتناسب مع الشريحة العمرية التي تستهدفها، لافتا إلى أن الضغط الإعلامي من قبل خبراء الأمن الالكتروني في الخليج أسهم بشكل الكبير في تسليط الضوء على تلك اللعبة وجعلها تحت المجهر، ما أسهم في إجراء العديد من الخطوات الإصلاحية في طريقة اللعبة ومعالجة مواطن الخلل بما يتناسب مع عادات وتقاليد الطفل العربي.
 
وفيما يتعلق بحجم تلك التعديلات، أوضح أن التعديلات التي سيلاحظها مستخدمو اللعبة تتعلق بالأسئلة المطروحة وذلك بعدم التطرق أو المساس بالمعلومات الشخصية مثل الاسم أو العنوان أو معلومات اجتماعية يمكن استخدامها، بالإضافة إلى وضع إشارات تنبيه مفادها عدم جواز استخدام اللعبة لمن دون 9 سنوات، لافتا إلى أن التغييرات شملت أيضا سلوكيات اللعبة السلبية مثل إزالة اللقطات العاطفية الخادشة للحياء والمعتمدة على الإيحاءات العاطفية، بالإضافة إلى إزالة الأسئلة السياسة المتعلقة بالأزمة الخليجية، لعدم مناسبتها لتلك الفئة العمرية.
 
وأشار إلى أنه في المجمل ضد هذا النمط من الألعاب التي تستخدم نمط الهندسة الاجتماعية كركيزة أساسية لعملها، متوجها بجملة من النصائح على الوالدين والأسرة اتباعها لتتجنب وقوع أطفالهم في فخ تلك الألعاب منها:
&<645; عدم استخدام الطفل أو المراهق لمواقع التواصل الاجتماعي إذا لم يتجاوز عمره 13 عاما، وفي أضيق الحدود.
&<645; تعليم الأطفال عدم الإفصاح عن أي بيانات شخصية خلال استخدامه للألعاب أو مواقع التواصل.
&<645; تواصل الاطفال مع الأشخاص الذين يعرفهم في الحياة فقط.
&<645; متابعة الأبناء وعدم تركهم بمفردهم لفترات طويلة وفي عزلة تامة.
&<645; استخدام برامج وأدوات تتناسب مع عمر الطفل مثل محرك جوجل المخصص للأطفال لحمايتهم من المخرجات العشوائية.
&<645; تحديد وقت معين لاستخدام الأطفال لمواقع التواصل الاجتماعي بحيث لا يتجاوز ساعتين يوميا.