بين الحادي والعشرين من نوفمبر من العام 2016، حين سلّطت «الراي» الضوء على عزّاب قاطنين في «زنازين» و«أقفاص» في عمارات سكنية في قلب مناطق السكن الخاص والنموذجي، واليوم وغداً وما بعده، مروراً بسلسلة من القضايا التي أثارت مشكلة سكن العزّاب، وتبنتها «الراي» في حينه، سلسلة من «صداع» ووجع رأس، وقلق على النفس والمال وحتى الأعراض، يعيشه كثيرون من المواطنين، الذين وجدوا أنفسهم لا إرادياً محاطين بـ «موج» من العزّاب... ومشاكلهم.
وفي حين لم تعد الشكوى محصورة في منطقة معينة، بل تعممت على غالبية المناطق، يأمل الشاكون الذين أوصلوا غير مرة صرختهم، وتبنتها «الراي» في حينه، أن يرتاحوا، وأن تضع الجهات المعنية حداً للوجع الناجم عن العزّاب، خصوصاً عندما يكون «السكن» نقيض «السكينة».
أما الصرخة الجديدة، فانطلقت من أماكن عدة، خصوصاً هذه المرة من محافظة الفروانية، حيث يقول الشاكون، إن هناك الكثير من البيوت التي هجرها أصحابها، الذين حصلوا على قسائم سكنية إما حكومية أو شراءً في مناطق أخرى، ومن باب زيادة دخولهم المالية خالفوا قانون السكن الخاص، وراحوا «يقطّعون» بيوتهم التي كانوا يعيشون فيها من قبل إلى غرف صغيرة تشبه «الزنازين، بحيث تتم تجزئة المنزل الواحد إلى نحو خمسين غرفة يقطنها أكثر من 150 عازباً، وبحيث تؤجّر الغرفة الواحدة بما يزيد على 80 دينارا».
وتتوالى فصول الصرخة، خصوصاً أن العديد من المواطنين، الجيران للبيوت المهجورة من أصحابها والمؤجرة لعزّاب، هم من كبار السن، الذين يدفعون ضريبة عيشهم بين العزّاب.
وعرض الشاكون إلى جملة من الحوادث التي وقعت، ومنها حالات سكر علني وحريق في منزل، إضافة إلى وجود السيارات المتهالكة التي يستخدمها العزّاب، وتحويل بعض الغرف إلى مخازن، وورش، وإقامة محلات للنجارة وتصليح السيارات أمام المنازل، دون إغفال أن كثيرين من العزّاب لا يراعون التقاليد الاجتماعية في ملابسهم ولا يرتدعون عن الخروج أحيانا بـ «فانيلات» ومئزر، الأمر الذي تأباه التقاليد الاجتماعية.
ويقول الشاكون أنهم تقدموا بشكوى إلى المختارية، وأخرى إلى المحافظة، منذ نحو الشهر، وتمت إحالتها إلى البلدية، ولا يزالون في انتظار الإجراءات لإراحتهم، والسؤال: هل يرفع العزّاب الراية البيضاء... بالقانون؟
وكانت «الراي»، من باب عرض «عيّنات» من المخالفات، سلطت الضوء في وقت سابق على «الفوضى» الهادفة لتدمير المناطق الكويتية ذات الطابع السكني الخاص، حيث تُمنح استثناءات بالجملة على أيدي بعض المسؤولين في بلدية الكويت، حتى أن التعديات لم تقف على الخدمات العامة من كهرباء وماء وصرف صحي وما شابه ذلك، بل تجاوزت حدود الجار ومنها ما كشف حرمة البيت تحت أعين البلدية.
فقد كشف عضو المجلس البلدي المحامي عبدالله الكندري، الذي قام بزيارة لمنطقة الجابرية سابقاً لـ «الراي» عن رصد عدد كبير من البيوت التي تحولت إلى شقق وعلى ارتفاع 5 أدوار، كل منها يحتوي على 4 شقق وكل شقة يقطنها 5 أشخاص على أقل تقدير، فضلاً عن المنازل الأخرى التي تحولت لمجموعة من الاستديوهات تؤجر على العزاب.
كما أعلن الكندري عن وجود مقاول «إيراني الجنسية» استطاع أن يقوم بتحويل منطقة الجابرية ومناطق أخرى إلى استديوهات تؤجر على العزاب، دون أدنى مسؤولية رقابية من البلدية أو متابعة لاحقة، خاصة أن فريق الطوارئ سعى في مناسبات عدة إلى مداهمة تلك المنازل وتحرير إنذارات وقطع التيار الكهربائي عنها، ولكن دون جدوى فالتيار يعود من جديد والمخالفة تستمر.
وكانت البلدية أعلنت في حينه، على لسان أحد المسؤولين أنها تسعى بشكل جدي للقضاء على مخالفات البناء، لافتاً إلى أن غالبية المخالفات تقع بعد إيصال التيار الكهربائي، فيقوم صاحب العقار بتقطيع الأدوار إلى شقق.
ولا بد، في معرض تأكيد عدم تراخي البلدية، التنويه بتفاعل مدير عام بلدية الكويت المهندس أحمد المنفوحي مع ما نشرته «الراي» في عدد سابق عن محاصرة عزاب السالمية لـ 150 عائلة كويتية في منطقة السالمية قطعة 12، معلناً عن تشكيل فريق ثلاثي يضم البلدية ووزارة الداخلية وأهالي المنطقة، وإعطائهم مهلة مدتها أسبوعان للقضاء على مشكلة تواجد العزاب في المنطقة.
وقال المنفوحي لـ «الراي» في حينه، إن عملية قطع الكهرباء عن المنازل المخالفة والمؤجرة على العزاب في المنطقة بدأت، بعد أن تم إعطاء توجيهات مباشرة إلى مدير فرع محافظة بلدية حولي وفريق الطوارئ بالتعاون مع وزارة الداخلية للقيام بالتحريات اللازمة تمهيداً لإخلاء العزاب نهائياً، مضيفاً أن البلدية لن تتوانى في تطبيق القانون خاصة في ملف العزاب وستعمل جاهدة على إزالة المخالفات الواقعة.
وبالتأكيد، فإن في قدرة البلدية القيام بالجهد الذي تعاملت به مع عزّاب السالمية، في أمكنة أخرى تشكو من مشكلة العزّاب.