إن سنوات الاضطرابات السياسية التي مرت بها مصر خلال فترة الثورات العربية قد أثرت بلا شك على بيئة الاستثمار في مصر، لكن بالرغم من ذلك فإن المستقبل المنظور لبعض القطاعات الاقتصادية المصرية يبدو واعدًا، وبالتحديد فإن قطاع الغاز الطبيعي قد يصبح واحدًا من أكبر القطاعات الربحية.
وأضاف التقرير أن مصر تتمتع بثالث أضخم احتياطي غاز طبيعي في إفريقيا، بعد الجزائر ونيجيريا، وهي في المرتبة الـ 17 عالميًا، ما يجعل قطاع الغاز المصري جاذبًا لاهتمام المستثمرين الأجانب، وفي الوقت ذاته يفرض هذا الحجم الهائل من احتياطي الغاز تحديًا بشأن قدرة مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي على تطوير صناعة الغاز بالشكل الأمثل.
لقد منح اكتشاف حقل "ظهر" في البحر المتوسط الحكومة المصرية دفعة كبيرة فيما يتعلق بقدرتها على اجتذاب الاستثمارات في قطاع الغاز، ونتيجة لذلك اتخذت الحكومة خطوات تحت عنوان تحفيز الاستثمارات في قطاع الغاز، ومهدت الأرضية لتطوير ذلك القطاع.
وخلال السنوات القليلة الماضية، طرأت تحولات عميقة على وزارة البترول، بحيث أصبحت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي أهم مؤسستين حكوميتين في قطاع الطاقة.
ويؤكد التقرير أن العديد من المستثمرين قد أبدوا بالفعل رغبتهم في الاستثمار في حقل ظهر، الذي يبدو قادرا على ملء الخزينة المصرية بالأرباح، وقد عمل رئيس الوزراء شريف إسماعيل ووزير البترول طارق الملا عن قرب في هذا الملف لمدة 4 سنوات، وهي فترة كافية للدلالة على مدى استقرار عملية صنع القرار في مصر.
ويشير التقرير إلى أن جميع الشواهد تدل على أن حقل ظهر في طريقه لأن يصبح عاملًا محوريًا في تغيير قواعد لعبة سياسات الطاقة في المنطقة كلها، وأنه سيكون من الأفضل للمستثمرين أن يتابعوا بيقظة كيفية تأثيره على ديناميكيات مشروعات الأعمال.
وينقل التقرير عن الوزير طارق الملا تصريحه في أوائل الشهر الحالي، الذي أكد فيه أن قطاع الغاز عاكف على صياغة لوائح تنفيذية لخصخصة القطاع، وهو ما قد يبدأ في سبتمبر المقبل، بحيث سيكون متاحًا مستثمري القطاع الخاص استيراد وتوزيع الغاز، بهدف تحويل مصر إلى محور رئيسي لصناعة الغاز.
لقد أقر مجلس النواب تشكيل جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز، ليكون هيئة حكومية مستقلة مرتبطة بوزارة البترول، تتولى متابعة مدى الشفافية والمحاسبة في مشروعات الغاز، في إطار ما عُرف عن الرئيس عبد الفتاح السيسي من ميل لتجاوز العوائق البيروقراطية، حيث ستكون استقلالية الجهاز نقطة قوة.
وبحسب التقرير، فإن مصر أمام مفترق طرق فيما يتعلق بإدارة قطاع الغاز. فمن ناحية تشكل تلبية الاحتياجات المحلية من الطاقة دافعًا قويًا لتطوير البنية التحتية الضرورية لصناعة الطاقة. وتستورد مصر حاليًا الغاز من الجزائر والنرويج لتشغيل الكهرباء، حيث يتم استخدام الغاز في تشغيل 75% من كهرباء البلاد، وهناك حاجة لضمان قدر كبير من أمن الطاقة.
ومن ناحية ثانية، فإن إمكانيات التصدير التي يتيحها حقل ظهر ستكون مفيدة في توفير مدخولات كبيرة لخزينة الدولة، قد تغنيها عن إجراءات مثل زيادة الضرائب أو رفع الدعم أو ضغط الإنفاق الحكومي.