استبقت قطر الوقت بإعلانها، اليوم الخميس، على لسان وزير خارجيتها، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن المطالب التي قدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة "ستصبح لاغية بانتهاء مهلة تنفيذها، في 3 يوليو المقبل"، في محاولة للمناورة في ظل تصاعد الأزمة العربية، وشن علي العمادي وزير المالية القطري، هجوما على السعودية، واتهمها بدعم الإرهاب، وأشار العمادي، خلال مقابلة مع شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، إلى أن الوضع المالي والاقتصادي لقطر لم يتأثر بالأزمة الخليجية، واصفًا إياه بـ "المريح للغاية".
وأكد وزير خارجية قطر، في حلقة نقاشية في العاصمة الأمريكية واشنطن، أن "الحديث عن مطالب غير قابلة للتفاوض أمر يمس سيادة قطر، ويخالف القوانين الدولية"، وقال إن "تحديد مهلة لتنفيذ مطالب غير قابلة للنقاش يعد سابقة في العالم كله"، موضحا أن "دول الحصار تتصرف وكأن المآخذ التي اتهمت بها قطر أمر واقع له دلائل"، ولفت إلى أنه "من المفترض أن يكون اتفاق الرياض الذي أبرم عام 2014 نص على آلية تحكيم يتم الرجوع إليها، حال حدوث خلافات بين الدول الخليجية"، مشددا على أن "دول الحصار هي من خرقت الاتفاق"، وأكد على أهمية وجود علاقات بناءة وإيجابية مع إيران، مشددا على أنها دولة جارة، وأوضح:"إيران دولة جارة، نتشارك معها في الخليج حدودا، وحقلا للغاز أيضا"، ولفت أن "قطر تأتي في الترتيب الخامس خليجيا من حيث العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران".
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قدمت للسلطات القطرية قائمة تتضمن 13 مطلبا، مشترطة تنفيذها كشرط لرفع الحصار عن الدوحة، ومن أبرز المطالب خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد جميع عناصر الحرس الثوري الإيراني من الأراضي القطرية، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وإغلاق قناة "الجزيرة"، وقطع جميع الصلات مع جماعة "الإخوان المسلمين" وتنظيمي "داعش" و"القاعدة" و"حزب الله" اللبناني، وأمهت الدول المحاصرة السلطات القطرية 10 أيام لتنفيذ هذه المطالب، متعهدة باتخاذ إجراءات إضافية ضد الدوحة حال رفضها القيام بذلك.
وتتحرك قطر حاليا خلال عدة مسارات من أجل الخروج من الأزمة، حيث تنوي اللجوء إلى منظمة التجارة العالمية ضد ما اعتبرته "حصارا" فرضته عليها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وفق ما ذكر ممثلها في المنظمة، وأظهرت مسودة جدول أعمال أن الدوحة تنوي إثارة قضية خلافها مع هذه الدول في منظمة التجارة العالمية، الجمعة.
وذكر مدير مكتب قطر في المنظمة علي الوليد آل ثاني أن "بلاده تبحث كافة السبل القانونية الممكنة، ومن بينها التواصل مع إدارة فض النزاعات في المنظمة"، وقال آل ثاني إن الإجراءات التي قامت بها تلك الدول ضد بلاده تعارض المبادئ القانونية لمنظمة التجارة العالمية، ومن بينها الاتفاقيات الخاصة بتجارة البضائع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية، على حد تعبيره.
ومن المنتظر مناقشة القضية في مجلس تجارة السلع بمنظمة التجارة العالمية حيث يمكن لأعضاء المنظمة البالغ عددهم 164 عضوا استعراض ومناقشة الآراء فيما يتعلق بنقاط الخلاف التجاري الرئيسية، واستعراض مثل تلك المخاوف لا يعد في حد ذاته شكوى لكنه يعطي إشارة على أن نزاعا قانونيا في الطريق، ولم تذكر مسودة جدول الأعمال أي تفاصيل بشأن ما سيقال، وفي جدول أعمال منظمة التجارة العالمية، قالت قطر إنها تريد فقط مناقشة إجراءات مقيدة للتجارة من قبل أعضاء محددين.
وفي سياق متصل، بدأ وفد من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان القطرية برئاسة الدكتور علي بن صميخ المري رئيس اللجنة، جولة أوروبية تشمل ألمانيا وسويسرا والسويد وهولندا وفرنسا بهدف شرح للجهات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان هناك تداعيات ما تصفه الدوحة بـ"الحصار" الذي تفرضه ثلاث دول خليجية على قطر، وستتعاقد اللجنة يوم السبت المقبل في جنيف مع مكتب محاماة سويسري عالمي ليتابع بالتنسيق مع عدد من مكاتب المحاماة في قطر والمحاكم الوطنية ذات الاختصاص في أوروبا واللجنة "حالات المتضررين جراء الحصار والعقوبات الجماعية والانتهاكات الحقوقية التي ترتبت عليه بالنسبة لمواطني دولة قطر والمقيمين فيها ومواطني دول الحصار الثلاث "السعودية والإمارات والبحرين" وذلك في إطار مبدأ "جبر الضرر"، حسب اللجنة.
ونوه المري بأن اللجنة الوطنية ستعقد يومي 24 و25 يوليو المقبل بالدوحة مؤتمرا دوليا حول معالجة المخاطر التي تواجه حرية الرأي والتعبير وحماية الصحفيين والحق في الوصول للمعلومات وقال إن العديد من شركاء اللجنة سيتعاونون معها في تنظيم هذا الحدث العالمي وعلى رأسهم الفيدرالية الدولية لحماية الصحفيين مشيرا إلى العديد من المخاطر التي تواجه الصحفيين وحرية الرأي والتعبير في المنطقة العربية والعالم، وأوضح أن 200 منظمة حقوقية وإعلامية ستشارك في المؤتمر إضافة إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة وعلى رأسهم المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير وغيرهم من الآليات الدولية لحقوق الإنسان ذات العلاقة.. منوها بأن المؤتمر سيناقش ويتدارس بعض المقترحات والموضوعات التي من شأنها حماية الصحفيين وما يواجهونه من مخاطر وتحديات.
وفي المقابل، قال سفير الإمارات في روسيا عمر سيف غباش إن الإجراءات التي تم اتخاذها ضد قطر لا تعتبر أحادية الجانب، مؤكدا أن موقف الدول المقاطعة لا يختلف بتاتا عن موقف المجتمع الدولي تجاه الإرهاب، وأكد أن الدول المقاطعة ستدرس خطوة الرد المناسبة بعد 3 يوليو، وفي معرض جوابه عن سؤال حول ما إذا كانت تتوفر لديهم أدلة، تؤكد تورط القطريين في دعم وتمويل الإرهاب أو المتطرفين، أوضح غباش"أن السعودية والإمارات والبحرين أصدرت لائحة مشتركة تضم حوالي 59 كيانا ومنظمة وأشخاصا ثبت اتصالهم بالإرهاب، وهم بمعظمهم متواجدون في قطر، ويتحركون بحرية تامة .. فهؤلاء الأشخاص والكيانات المدرجة على قوائم الإرهاب الأممية والأوروبية والأمريكية ضيوف الحكومة القطرية"، واعتبر أن قناة "الجزيرة"، تنشر خطاب الكراهية والتحريض، مؤكدا أن مطلب إغلاقها لن يُسحب.
وعن المهلة النهائية التي قد تنتهي في الثالث من الشهر المقبل، بحسب قوله، أكد أن القطريين لم يردوا رسميا حتى الآن على تلك المطالب على الرغم من صدور تصريحات سابقة، اعتبروا من خلالها أن المطالب غير واقعية، وأضاف أنه بعد انتهاء مهلة الـ 10 أيام التي وضعتها الدول المقاطعة للرد على قائمة المطالب التي تم الإعلان عنها قبل 5 أيام، سيتم درس الخطوات المناسبة اللاحقة إذا لم تتوصل قطر إلى الاقتناع بمخاطر ما تقوم به، موضحا أن خطوة المقاطعة لم يكن مخططا لها بل أتت نتيجة لما تقوم به قطر.