يصل الرئيس عبدالفتاح السيسي اليوم الأحد إلى الكويت في زيارة رسمية لمدة يومين، وذلك للتباحث مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط بين البلدين، بالإضافة إلى مواصلة التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وذكرت رئاسة الجمهورية، في بيان لها امس، أن زيارة السيسي إلى الكويت تأتي في إطار علاقات الأخوة المتميزة التي تجمع بين البلدين، وبما يساهم في دفع أفق التعاون بينهما في مختلف المجالات، وتأكيدا لحرص الجانبين على استمرار التنسيق المشترك بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة العربية بهدف تعزيز وحماية الأمن القومي العربي.
وسيتوجه السيسي عقب انتهاء زيارته للكويت إلى البحرين، حيث من المقرر أن يعقد جلسة مباحثات مع الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وذلك في إطار التشاور المستمر بين البلدين بشأن تطوير العلاقات الثنائية المتميزة على كافة الأصعدة، فضلا عن مناقشة سبل تعزيز وحدة الصف بين الدول العربية بما يساهم في تعزيز قدرتها على حماية مصالحها المشتركة ويلبي طموحات وآمال شعوبها، والوقوف بحسم أمام كافة محاولات التدخل الخارجي في شؤونها.
تاريخ حافل بين البلدين وتأتي زيارة السيسي إلى الكويت وهي الثانية له منذ توليه الرئاسة في يونيو 2014 في وقت تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين تناميا ملحوظا في مختلف المجالات كما يندرج لقاء السيسي بصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد، ضمن سجل حافل من الزيارات واللقاءات الرسمية بين قادة الدولتين على مدى عقود مضت والتي رسخت أواصر العلاقات بين الجانبين على مختلف الصعد.
وتعتبر العلاقات الكويتية ـ المصرية المتأصلة منذ عشرات السنين نموذجا يحتذى، فقد أكدت الكويت دائما تأييدها ووقوفها الى جانب كل ما من شأنه تحقيق أمن مصر واستقرارها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وبادلتها القيادة المصرية بالمثل في العديد من الأزمات التي مرت بها الكويت.ومن أبرز هذه المواقف موقف القيادة المصرية الواضح والمؤيد والداعم للكويت خلال فترة الغزو العراقي عام 1990 في مشهد سبق تكراره عندما وقفت الكويت إلى جانب مصر في مواجهة عدوان يونيو 1967 وفي حرب أكتوبر عام 1973.
ومنذ تأسيس العلاقات الديبلوماسية الرسمية بين البلدين بعد استقلال الكويت عام 1961 بدأت العلاقات بين الجانبين في التنامي المطرد إذ سرعان ما جرى تبادل السفراء وجرى التنسيق السياسي على أعلى المستويات.واستقبلت القاهرة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح 3 مرات متتالية خلال عام 1964 في مؤتمري القمة العربية اللذين عقدا في القاهرة والاسكندرية والثالثة في مؤتمر دول عدم الانحياز.
كما زار الأمير الراحل الشيخ صباح السالم القاهرة عدة مرات خلال فترة تولي جمال عبد الناصر رئاسة مصر وكان الأمير الراحل آخر من ودع عبد الناصر بعد قمة القاهرة في 28 سبتمبر 1970 في المطار ليكون آخر زعيم يلتقي الرئيس المصري قبل وفاته.وأجرى الشيخ صباح السالم كذلك عدة زيارات إلى مصر خلال فترة الرئيس الراحل أنور السادات لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة إلى زيارة أخرى عام 1976 للمشاركة في مؤتمر القمة العربي السداسي الذي خصص لمعالجة الأزمة اللبنانية التي تفجرت في تلك الفترة.
وقد سجل الشيخ صباح السالم في تلك المرحلة الصعبة مواقف مشرفة للكويت في حربي 1967 و1973 على الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية دعما للموقف العربي عموما ولمصر خصوصا.وبعد تولي حسني مبارك مقاليد الحكم في مصر عام 1981 زار الكويت 4 مرات قبل الغزو العراقي في 1990 وكانت الزيارة الأولى عام 1987 للمشاركة في مؤتمر القمة الإسلامي والثانية في يناير 1988 بعد استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين والثالثة في فبراير عام 1989 لمشاركة الكويت احتفالاتها بالعيد الوطني أما الرابعة فكانت في يوليو عام 1990 قبل محنة الغزو.
في المقابل أجرى أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد زيارة رسمية إلى القاهرة في أغسطس عام 1989 حيث لاقى استقبالا رسميا وشعبيا حافلا. وبعد تحرير البلاد من الغزو كان الرئيس الاسبق حسني مبارك من أوائل الزعماء الذي زاروا الكويت للتهنئة بالتحرير ثم توالت زياراته بعد ذلك للتشاور وتنسيق المواقف ودعم أواصر التعاون بين البلدين في كل المجالات كما قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عقب التحرير بعدد من الزيارات إلى القاهرة والإسكندرية للتأكيد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.
ومنذ أن تولى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم في البلاد زادت متانة العلاقات الكويتية - المصرية وتعززت أكثر فأكثر سواء على الصعيد الثنائي أو على الصعيد العربي إذ واصل سموه مع الرئيس السابق مبارك تبادل المشاورات واللقاءات وكانت أبرزها زيارة مبارك للكويت في عام 2009 حين استضافت البلاد القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
وواصل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد سلسلة الزيارات المتبادلة فقد استقبل في 2013 الرئيس المؤقت عدلي منصور ثم حضر سموه مراسم تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر في يونيو 2014 بينما زار الأخير الكويت رسميا وللمرة الأولى في عام 2015.
السفير المصري: الزيارة تأكيد على عمق العلاقات
أكد السفير المصري لدى البلاد ياسر عاطف أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الكويت اليوم بدعوة من صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد تأتي في إطار مزيد من التنسيق والتعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، ولتأكيد عمق التعاون القائم في جميع المجالات.
وأضاف السفير ياسر في تصريحات لـ «الأنباء» ان التعاون الثنائي بين البلدين والاوضاع في المنطقة وخاصة سورية واليمن وليبيا والعراق ومواجهة الارهاب تأتي على راس الملفات التي يناقشها الزعيمان خلال الزيارة الى تستمر يومين.
واكد أن الجالية المصرية تعد واحدة من أكبر الجاليات، ولها دور متميز في كل المجالات، وهذا الدور مقدر من الكويت قيادة وشعبا.
وأشار السفير المصري ياسر عاطف إلى أن هناك ترحيبا كبيرا من شعب الكويت لاستقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأيضا هناك سعادة لدى أبناء الجالية المصرية لزيارة الرئيس، لافتا إلى أن ترتيبات الزيارة تجري حاليا على قدم وساق في الكويت لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي في ثاني زيارة رسمية له الى البلاد.
اقتصاديون لـ«الأنباء»: زيارة السيسي تفتح آفاقاً جديدةاسامة ابو السعود
اعرب عدد من رجال الأعمال والخبراء المصريين في الكويت في لقاءات متفرقة مع «الأنباء» عن سعادتهم بزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الكويت اليوم ضيفا كريما على اخيه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، مؤكدين ان توقيت الزيارة مهم للغاية حيث تأتي في وقت يواجه العالم العربي فيه العديد من التحديات وهو ما يتطلب المزيد من التعاون والتعاضد بين الدول العربية.
ففي البداية قال رجل الأعمال م.علي العلمي ان العلاقات المصرية الكويتية هي نموذج يحتذى في العلاقات بين الدول على كافة الاصعدة مؤكدا ان زيارة الرئيس السيسي هي تأكيد لهذا التاريخ المشترك والعلاقات المتميزة والتعاون المثمر بين البلدين الشقيقين.
وأوضح العلمي ان الكويت كانت من اكثر الدول العربية الداعمة لمصر بعد ثورة 30 يونيو، مؤكدا ان الكويت قيادة وحكومة وشعبا لم تدخر اي جهود في دعم مصر واقتصادها خلال المرحلة الماضية وهو تأكيد على مدى عمق العلاقات وخصوصيتها بين البلدين الشقيقين.
وشدد العلمي على أهمية زيادة التعاون التجاري بين البلدين خاصة بعد اقرار قوانين الاستثمار الجديدة في مصر من قبل البرلمان وهو ما سيفتح ابوابا جديدة للتعاون بين البلدين وسيشجع المستثمرين الكويتيين على ضخ المزيد من استثماراتهم في مصر خلال المرحلة المقبلة.
واعرب عن امله ان تكلل زيارة الرئيس السيسي للكويت بالنجاح ومؤكدا ان هذه الزيارة ستعطي دفعة اقوى لتطوير العلاقات بين البلدين على كافة الأصعدة وخاصة السياسية والاقتصادية.
حوافز استثمارية
من جهته، قال رجل الأعمال المصري في الكويت عبدالمحسن ابو الحسن ان زيارة الرئيس السيسي تاريخية بكل المقاييس نظرا لتوقيتها حيث تأتي في وقت تحتاج الدول العربية فيه إلى مزيد من التلاحم والترابط لمواجهة التحديات العديدة التي تحيط بالأمة العربية وفي مقدمتها مواجهة الإرهاب.
وقال ابو الحسن ان مصر والكويت تربطهما علاقات تاريخية متجذرة كما ان هناك تعاونا مشتركا ورؤى وتضامنا في مختلف القضايا التي تواجه المنطقة العربية وايضا تقارب في وجهات النظر حول مختلف القضايا وخاصة السياسية.
وثمن ابو الحسن دور الكويت ودعمها اللامحدود لمصر خلال الفترة الماضية، مؤكدا ان الزيارة ستفتح المزيد من افاق التعاون بين البلدين وخاصة في المجالات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري بما يعود بالنفع على شعبي البلدين.
ولفت ابو الحسن إلى أن الجالية المصرية في الكويت تحظى بكل احترام وتقدير من جانب الكويت قيادة وحكومة وشعبا حيث يساهم أبناء الجالية المصرية مع أشقائهم الكويتيين في بناء وتنمية وازدهار وطنهم الثاني الكويت الحبيبة.
وختم ابو الحسن بالتأكيد على ان مصر في عهد الرئيس السيسي تشهد تغيرات كبيرة وتنفيذ مشاريع عملاقة وتقديم حوافز استثمارية ضخمة تنتظر المستثمرين الكويتيين والخليجيين في بلدهم الثاني مصر.
تتويج للعلاقات
من جهته، قال رجل الأعمال المصري محمود عثمان ان زيارة الرئيس السيسي للكويت ضيفا كريما على أخيه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد هي تتويج لعلاقات ممتدة بين البلدين الشقيقين.
وقال عثمان ان العلاقات المصرية الكويتية علاقات متشعبة ومترسخة على كافة الأصعدة سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، لافتا الى ان الجالية المصرية في الكويت تحظى بكل تقدير واحترام من الاخوة الكويتيين وتساهم في بناء وطنهم الثاني الكويت بكل محبة وتفان وإخلاص.
وقال عثمان ان مجالات التعاون بين البلدين كبيرة حيث تعتبر الكويت سوقا اقتصاديا ضخما للمنتجات المصرية كما تحظى مصر بفرص استثمارية متعددة في مختلف قطاعات الاستثمار وهو ما يشجع المستثمرين الكويتيين على ضخ المزيد من استثماراتهم بكل قوة في السوق المصري خاصة مع اقتراب البرلمان من اقرار قانون الاستثمار الذي طالما انتظره المستثمرون من الكويت والدول العربية والاجنبية.
واشار الى ان زيارة الرئيس السيسي في هذا التوقيت تأتي لتشجيع الاستثمار الكويتي لمصر وزيادة حجم التبادل التجاري وفتح افاق جديدة من التعاون بين البلدين الشقيقين.
واشاد عثمان بالزيارات التي يقوم بها السيسي الى الكويت ودول الخليج بين الحين والاخر سعيا لتأكيد عمق الروابط المشتركة وهو ما يقف حجر عثرة امام المؤامرات التي تحاك للمنطقة وداعيا الى ضرورة استثمار تلك الزيارات من جانب المستثمرين ورجال الاعمال في دول الخليج ومصر لفتح آفاق اكبر من التعاون لصالح تنمية وازدهار شعوب المنطقة.
المعاملات الاقتصادية
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي أحمد الضبع على عمق العلاقات الكويتية ـ المصرية، مقدرا حجم المعاملات الاقتصادية بين البلدين بما يزيد على 12 مليار دولار سنويا بين استثمارات مشتركة وتجارة بينية وسياحة متبادلة وتحويلات للعاملين ومساعدات.
وأشار الضبع الى تجاوز الاستثمارات المشتركة السنوية لنحو 400 مليون دولار وبلوغ التجارة البينية 3 مليارات دولار سنويا واقتراب الإنفاق المتبادل للجاليات في البلدين من حاجز الـ 4 مليارات دولار سنويا وبلوغ الانفاق المتبادل للسياح من البلدين ما يزيد على 2 مليار دولار سنويا، فضلا عن تحويلات العاملين المصريين في الكويت والمقدرة بنحو ملياري دولار سنويا. هذا الى جانب المساعدات والقروض الكويتية الى مصر.
الجالية المصرية
وأضاف الضبع أن الجالية المصرية التي تساهم بأكثر من 320 الف كادر في سوق العمل غالبيتهم في القطاع الخاص تساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال انفاقها الاجمالي داخل الكويت لاسيما مع وجود أكثر من 150 الف ملتحق بعوائلهم ينفقون جميعهم اكثر من 4 مليارات دولار سنويا على بنود متنوعة منها الاقامة والسكن والمعيشة والتعليم والصحة والسفر وغيرها، وذلك بعد تحويل ما يقرب من ملياري دولار سنويا الى مصر.
واشار الى ان مصر تحتضن نحو 22 الف مقيم كويتي منهم 20 الفا بغرض التعليم ينفقون نحو 750 مليون دولار سنويا اضافة الى نحو 110 آلاف سائح كويتي سنويا وبإنفاق إجمالي يزيد على 600 مليون دولار سنويا، وفي المقابل تشهد الزيارات السياحية العائلية المصرية الى الكويت نموا واضحا في السنوات الاخيرة.