بعيداً عن السياسة وعن موضوع التجنيس وقانونه، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بالتعليقات حول الفيديو القصير، الذي يُظهِر الخادمة الأثيوبية وهي تتعلق بأهدابِ الحياة، وتتمسك بأطراف أصابعها في إطار النافذة ــ من حلاة الروح ــ وتطلب المساعدة من المعزِّبة (ربة البيت الكويتية)، التي كانت تصور سقوط المسكينة بدمٍ بارد! ولم يتحرك ضميرها لنجدة الخادمة، أو المبادرة بطلب النجدة لإنقاذها.

انقسم المتابعون للفيديو من عِظَم الإثم بين مُستهجن وغاضب ومُستنكر، وباشرت السلطات المختصة دورها في مساءلة هذه الإنسانة التي لا تنتمي للإنسانية بشيء.

كم كان مؤلماً مشاهدة ذاك المنظر.. لكن الأكثر إيلاماً لنا هو بث هذا الفيديو على موقع محطة BBC العالمي مساء الأربعاء 5 أبريل، مع تعليق قاسٍ على الواقعة وملابساتها، مُذيّلة باسم «يحدث في الكويت!»، وفي نفس المحطة والموقع جرى بث فيديو آخر لمذيعةٍ عربية في تلفزيون دُبي (دون ذكر الاسم)، وهي تستعرض صفاً من الخادمات، وتشرك متابعيها لاختيار خادمة لها، في منظر قبيح أقرب إلى سوق النخاسة، وبعيد عن الإنسانية. وعلى الرغم من اعتذار المذيعة فإن ذلك لم يمنع الـBBC من نشره والتعليق عليه.

لا أعلم ما الدافع من تصوير البعض لإظهار قسوتهم وخيبتهم اللاإنسانية ونشرها على الملأ، والاستقواء على عمالة فقيرة ضعيفة قدِمت إلى دولنا للعيش وليس للاستخفاف والتنكيل بهم. إنكم لم تفضحوا أنفسكم فقط أيها البشر، وإنما بالعربي الفصيح «فضحتمونا جميعاً»..!

وهنا الشيء بالشيء يُذْكر، وهمسة في أذن النائبة الفاضلة صفاء الهاشم، كفى مرة أخرى الاستقواء على الوافدين، واختزال كل مشاكل الكويت وما نعانيه من اختناق مروري وتراجع في الخدمات الصحية، وتآكل في البنية التحتية وغيرها، وحصرها بالوافدين، فنحن والأخت صفاء نعلم أين العِلَّة، والشجاعة بالتوجه مباشرة إلى الأسباب الحقيقية لمحاكمتها ومعالجتها، وأربأ بزميلتي ظلم من ليس بيده حيلة، فقط لأنه يشكل الحلقة الأضعف.