لا يوجد مخلوق يخرج على الدنيا وهو يعرف أي شيء، لكن هناك من علمه، ولنبدأ بأهم شخص يعرفه جميع البشر وهو أبونا آدم عليه السلام، فكما ذكر الله عز وجل في محكم كتابه الكريم (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين)، حتى إن الملائكة الذين هم أشرف خلق الله حين سألهم رب العزة والجلالة عن تلك الأسماء قالوا (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم).
في كتب التاريخ تعلمنا الكثير ممن سبقونا ومن أهمهم الأحنف بن قيس الذي ضربت به الأمثال في الحلم، حتى إن البعض يصفه بـ «أحلم العرب» وقد سئل الأحنف: بم سُدْت قومك؟ فقال: بالحلم، الذي نصفه تجاهلا. ومن حلمه أنه قال «إن نازعني من كان أعلى مني عرفت له وإن كان دوني رفعت قدري عنه وإن كان مثلي تفضلت عليه».
هناك تطابق تام بين حلم الأحنف وحلم حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أطال الله بعمره وحلم سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وحلم سموه وحلم سمو الشيخ جابر المبارك الذي تعلمه من سمو الأمير وسمو ولي العهد، أطال الله بعمرهم.
قصص حلم الأحنف كثيرة، واثباتات حلم ولاة امورنا نشاهدها يوميا من خلال ما نقرأ ونسمع عنهم، وعن طول بالهم وسعة صدورهم، لكن هناك أمرا يجب أن ينتبه له الجميع وهو أن حلم الاحنف كان مع اشخاص حقيقيين وفي مجتمع يفهم ما هو الحلم والتسامح.
لكن حلم قادتنا فاق حلم الأحنف، وسأذكر لكم قصة حدثت مع الأحنف وعليكم أن تقيسوها حسب فهم العقلاء وليس فهم السفهاء، فقد خاصم رجل الأحنف فقال الرجل: لئن قلت واحدة لتسمعن عشرا. فقال الأحنف: إن قلت عشرا فلن تسمع واحدة.
أدام الله حلم قادتنا علينا وأدام من ترك أمرا لا يعنيه، ولا دام من يعتقد أنه سيكون ذا شأن بوقاحته وقلة أدبه.