قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن موجة التسريبات من مسئولى الحكومة الأمريكية قد أعاقت إدارة الرئيس دونالد ترامب، الأمر الذى جعل البعض  يثير مقارنات بين الولايات المتحدة وبعض الدول مثل تركيا وباكستان، حيث توجد شبكات غامضة داخل البيروقراطيات الحكومية والتى يشار إليها غالبا بالدولة العميقة، والتى تقوض الحكومات المنتخبة.

 

 وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت الولايات المتحدة تشهد صعود دولة عميقة بداخلها؟.. ويقول الخبراء إن الأمر ليس هكذا تماما، إلا أن أوجه التشابه حقيقية ومقلقة.

 

 ورغم أن التسريبات يمكن أن تكون طبيعية  ومراجعة صحية على سلطة الرئيس، إلا أن ما يحدث الآن يمتد لما هو أبعد من ذلك. فالولايات المتحدة، تخاطر، بحسب تحذيرات الخبراء، من أنها تطور ثقافة راسخة للصراع بين الرئيس وبيروقراطيته.

 

ومن الأمثلة التى سردتها الصحيفة للدولة العميقة تركيا، وقالت إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قد حارب الدولة العميقة بتعزيز سلطته، وقام بعد محاولة الانقلاب فى يوليو الماضى بإجراء عمليات تطهير واسعة.

 

 وتتابع الصحيفة قائلة إنه على الرغم من أن الديمقراطية الأمريكية مرنة بما يكفى لمقاومة مثل هذه الصدامات، إلا أن لمحات مبكرة لوجود صراع يمكن أن تكون خادعة لأن بعض الشد والجذب بين الرئيس ووكالاته أمر طبيعى.

 

ففى عام 2009 على سبيل المثال، استخدم مسئولون عسكريون التسريات للضغط على البيت الأبيض بشأن العدد الأنى من القوات المطلوب إرسالها إلى أفغانستان. كما أن التسريبات يمكن أن تكون أشبه بفرامل الطوارئ على السياسات التى يعتقد المسئولون أنها يمكن أن تكون غير حكيمة أو غير قانونية، مثل برامج فى عهد الرئيس الأسبق جورج بوش عن عمليات التنصت، ومعتقل أبو غريب فى العراق.

 

وتقول أليزابيت سوندرز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن: "أنت تريد هؤلاء الناس أن يتقاتلوا مثل القطط والكلاب حول أفضل سياسة، وبث آرائهم  ومحاولة إثبات صحتها، وعندما ينتهى الأمر، يقبلوا بالقرار وينفيذونه.  وهذه هى الطريقة التى يفترض أن تجرى الأمور بها".

 

وتتابع قائلة إن التسريبات ليست جديدة، إلا أن مستوى التسريب نفسه غير مسبوق.  وتشير سوندرز إلى أن ما يقلقها هو أن الصراعات المؤسسية فى عهد ترامب قد أصبحت أكبر  وأكثر إثارة للقلق.

 

 وترامب، الذى يسعى على ما يبدو إلى إخراج مجتمع الاستخبارات ووزارة الخارجية والهيئات الأخرى من عملية صناعة القرار تمام تقريبا، قد أثار صراعا  يتضح تصاعده فى العدد المتزايد من التسريبات.

 

فالمسئولون الذين حرموا من مستويات النفوذ المعتادة فى تشكيل السياسات، لم يعد أمامهم سوى التسريب. كما أن الوتيرة السريعة لقرارات ترامب التنفيذية، التى تراجعها الوكالات فى المعتاد على مدار أسابيع أو شهر،  قد سحبت منهم هذه السلطة مرارا. وربما يكونوا قد سربوا مشروع قرار تنفيذى ، مما يثير ردود فعل عنيفة تؤدى إلى تأجيل تلك القرارات. وقد كشفوا محاولات من قبل الإدارة للتحايل على قنوات اتخاذ القرار المتعددة، مما قوض قدرة ترامب على تطبيق أجندته.