واصل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قراراته المثيرة للجدل، ضاربا عرض الحائط بكل الاحتجاجات والمعارضة الشعبية والسياسية، وأعلن إقالة سالى ييتس، القائمة بأعمال وزيرة العدل عقب إصدارها مذكرة تطالب فيها محاميى الوزارة بعدم الدفاع عن قرار ترامب التنفيذى الخاص بمنع اللاجئين ومنع دخول مواطنى سبع دول إسلامية.
وقالت ييتس فى مذكرة إنها لا تعتقد أن قرار ترامب قانونى، وأضافت أنها بحكم قيادتها لوزارة العدل يجب أن تضمن أن يكون موقف الوزارة قانونى ويمكن الدفاع عنه ويتسق مع التزام الوزارة بالسعى دوما إلى تحقيق العدالة والوقوف إلى جانب ما هو صحيح.
كان بيان صادر عن البيت الأبيض قد أعلن إقالة ترامب لياتس قبل أيام من مغادرتها له، وذلك لرفضها تنفيذ أمر قانونى هدفه حماية مواطنى الولايات المتحدة، وقال بيان البيت الأبيض إن ياتس خانت وزارة العدل.
وبشكل سريع، أدى دانا بونيتا، للقيام بأعمال وزارة العدل بالوكالة، وأصدر بونيتا بيانا يتراجع فيه عن قرار ياتس ويحث محاميى وزارة العدل عل الدفاع عن الأوامر القانونية للرئيس. ووفقا لما ذكره مسئول بالإدارة لشبكة "سى إن إن"، فإن ترامب لم يتصل بياتس لإقالتها، وأنها علمت بخطاب تم تسليمه لها يدويا. كما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أصدر أمرا بإقالة المسئول بالوكالة عن الهجرة والجمارك ويعين بديلا عنه، لرفضه قرار الرئيس الأمريكى بحظر استقبال المسافرين من 7 دول إسلامية.
وعلقت صحيفة واشنطن بوست على هذا التطور قائلة إن هناك شيئا واضحا الآن هذا الأسبوع، وهو أن المعارضة لن يتم التسامح معها فى إدارة ترامب. وأضافت تلك الأحداث المذهلة تمثل أحدث مؤشر على الإضطراب الذى أثاره قرار ترامب الذى أعلنه يوم الجمعة الماضية.
وانتقل الصراع السياسى الذى تشهده الولايات المتحدة الآن إلى أروقة الكونجرس فاستطاع الأعضاء الجمهوريون فى مجلس النواب عرقلة مشروع قانون طارئ تقدم به الأعضاء الديمقراطيون، يهدف لمنع قرار ترامب بشأن المهاجرين. كما أثار قرار إقالة ييتس إدانات واسعة داخل الكابيتول، فأصدرت زعيمة الأقلية الديمقراطية فى مجلس النواب نانسى بولسى، بيانا شديد اللهجة تهاجم فيه الرئيس الأمريكى، قائلة "إن القائمة بأعمال وزير العدل تمت إقالتها من منصبها لإعلائها دستور الولايات المتحدة، فمن تصفه إدارة ترامب بالخائنة هى أمريكية تتحلى بشجاعة القول أن القانون والدستور يأتيان أولا".
وأضافت بيلوسى أن الأمر التنفيذى الذى اتخذته ترامب بشأن الهجرة مخالف للدستور ويخزى قيمنا ويضعف أمن الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن خبراء الأمن القومى يحذرون من أن قرار الرئيس سوف يجعل من الصعب هزيمة الإرهاب ولا يسهل المهمة. وذهبت بولسى للقول إن الجمهوريين فى الكونجرس بات عليهم أن يقرروا إذا ما سوف يكونوا متواطئين فى أجندة الرئيس الطائشة غير الدستورية أم لا.
وكانت ييتس، وهى ديمقراطية، عينها الرئيس السابق باراك أوباما قد قالت إنها غير مقتنعة بأن الأمر التنفيذى الذى أصدره ترامب بحظر السفر من سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة قانونى. وكان من المفترض أن تظل ييتس فى منصبها لحين تصديق مجلس الشيوخ على جيف سيشن، الذى رشحه ترامب لمنصب وزير العدل.
وكتب تشاك شومر، زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ، على حسابه بموقع تويتر، واصفا قرار ترامب بأنه "تقشعر له الأبدان". وقال إن وزير العدل يتعهد بالإخلاص للقانون والدستور وليس للبيت الأبيض، فحقيقة أن البيت الأبيض لا يفهم هذه الحقيقة هو أمر تقشعر له الأبدان.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن الديمقراطيين تخلوا عن تعهدهم بإيجاد أرضية مشتركة مع ترامب بعد قراراته الأخيرة. واستغلال لحالة الغضب العام المتنامية من قرار ترامب، أطلق الديمقراطيون فى الكونجرس ما قالوا إنه سيكون معركة طويلة الأمد على عدة جبهات تشمل احتجاجات عامة ضد حظر اللاجئين، وتأجيل تأكيد مرشحى ترامب للمناصب الحكومية ومحاولة لرفض من اختاره لمنصب المحكمة العليا ، وهو الإعلان المتوقع اليوم.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الخطط تمثل محور حاد فى إستراتيجية الديمقراطيين عقب تعهدهم السابق بالعمل مع ترامب والجمهوريين فى المجالات التى يتفقون فيها، والسماح بالمرشحين الذين لاخلاف عليم بتأكيد تعيينهم.
وفى المقابل، انقسم الجمهوريون بين مدافع ومهاجم لترامب. أما عن المدافعين، فكان منهم السيناتور تيد كروز، المنافس السابق لترامب فى الانتخابات التمهيدية العام الماضى، الذى أشاد بقراره قائلا إنه "صحيح تماما"، واتهم ييتس بالتحزب الفوضوى. وكتب على حسابه بموقع تويتر إنه بعد ثمانى سنوات من انعدام القانون فى وزارة عدل أوباما، بات من المناسب والمحزن للقائمة بأعمال وزير العدل أن تتحدى الرئيس المنتخب وترفض تطبيق القانون.
وأضاف كروز إن سالى ييتس تنضم الآن لخلافة مخزية لمن سبقوها إريك هولدر وريتا لينش، المدعين العامين الذين وضعا مصالح حزبية وقحة فوق الإخلاص للقانون.
بينما أعرب جمهوريون آخرون عن غضبهم لعدم مشاورتهم فى القرارات قبل إصدارها، وقال 10 على الأقل من المشرعين الجمهوريين البارزين والمساعدين إن قرار ترامب فاجأهم، حتى مع إصرار البيت الأبيض على أنه تعاون مع الكونجرس، وسعى الفريق السياسى لرئيس مجلس النواب، بول راين، إلى طمأنة المانحين والداعمين الآخرين بأن الحظر المؤقت الذى أعلنه ترامب لا يرقى إلى كونه اختبارا دينيا.