توافدت جموع المعزين على الكنيسة المصرية في الكويت مساء امس الاول لتقديم واجب العزاء في ضحايا حادث تفجير الكنيسة البطرسية بمنطقة العباسية في القاهرة، وكان في استقبال المعزين راعي الكنيسة المصرية في الكويت الاب بيجول الانبا بيشوي، والسفير المصري ياسر عاطف ورجال الكنيسة، بحضور أعضاء البعثة الديبلوماسية المصرية.
وتقدم المعزين عدد من أعضاء مجلس الأمة والوزراء السابقين ورجال الدين الإسلامي وأبناء الجالية والإعلاميين والفنانين وعدد من الشخصيات العامة.
من جانبه، أكد السفير المصري ياسر عاطف أن حادث التفجير الآثم الذي حدث في الكنيسة البطرسية بمنطقة العباسية في القاهرة لن يزيد الشعب المصري إلا لحمة وترابطاً، مشيرا إلى أن يد الإرهاب تطول الجميع وتستهدف الجميع ليس في مصر فقط وانما في جميع دول العالم.
وقال عاطف في تصريح صحافي: إننا جميعا في مركب واحد وسنعبر إلى بر الأمان معاً بالمحبة والتعاضد، مؤكدا ضرورة تغيير الثقافات التي ظهرت عند البعض مؤخرا، والتي تميل إلى العنف، وأن نعيد اكتشاف الجوانب المتسامحة والمحبة لتكون هي السائدة في مجتمعنا، مشددا على ان هؤلاء لن يصلوا إلى مبتغاهم في زرع الفُرقة بين قطبي الأمة، مشيرا إلى قول البابا تواضروس «اذا حرقوا الكنائس سنصلي في المساجد، واذا حرقوا المساجد سنصلي في الكنائس».
وشدد على ان الشعب المصري واحد في جميع الأزمات منذ ثورة 1919 عندما قيل «ان الدين لله والوطن للجميع»، مؤكدا أهمية مشاركة المجتمع مع السلطات الامنية للتصدي لهذه الظواهر السلبية.
ومن جانبه، قال راعي الكنيسة القبطية القمص بيجول الانبا بيشوي: اذا كان يؤلمنا ما حدث من قتل أطفال وسيدات أبرياء يؤدون الصلاة لله الواحد الا ان هناك جانبا مضيئا انهم قصدوا بنا شرا في حين قصد الله خيرا فلم يستطيعوا التأثير على وحدتنا ومحبتنا بعضنا إلى بعض.
وأكد كما قال البابا تواضروس على المحبة الوطنية لا اللحمة الوطنية الموجودة أصلا، مشيرا إلى ان هذه المحبة تجلت في مشاركة جميع أطياف المجتمع لتقديم واجب العزاء لاسيما هنا على ارض الكويت الحبيبة، مشيدا بمشاعر المواطنين الذين قدموا خصيصا لمشاركة المصريين حزنهم لهذا المصاب الجلل.
ونوه بتضامن الكويت قيادة وحكومة وشعبا مع أشقائهم المصريين في جميع المناسبات والمحن، مؤكدا ان الحزن عندما يتشارك فيه الجميع تخف وطأته وآلامه، لافتا إلى ان هذه الأزمة أظهرت المعادن الأصيلة والقلوب المحبة.
وتابع: اذا أراد هؤلاء شق الصف فهيهات ان يستطيعوا، فالنتيجة جاءت عكسية وما كان إلا زيادة الترابط والتلاحم بين جميع أفراد الشعب المصري، ونحن مستعدون ان نتحمل من اجل محبتنا ومبادئنا، مؤكدا ان هذه الأفعال لم تؤثر من قبل ولن تؤثر مستقبلا على تلاحم الشعب المصري.
وأشاد بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي الحداد ثلاث أيام في مصر وجميع السفارات المصرية في الخارج، وتقدمه الجنازة العسكرية بعدما توصل إلى الجناة وإصدار الاوامر بإعادة بناء الكنيسة قبل حلول الاحتفالات بعيد الميلاد.
وأضاف ان مصر هي البلد الذي تشرف بزيارة العائلة المقدسة والكثير من الأنبياء، فهي محبوبة من الله وجميع إخوتها العرب والعالم، مؤكدا انها ستستعيد مكانتها بفضل الجهود المخلصة التي يبذلها الرئيس والشعب المصري.
أحداث إجرامية
بدوره، قال الوزير الأسبق محمد السنعوسي اننا جميعا مسلمين أو مسيحيين نقول ان الله هو المحبة والتسامح والسلام، وهذا النوع من الأحداث الإجرامية يرفضه الجميع، ويجب ان نتصدى له بكل ما اوتينا من قوة للحفاظ على امن مجتمعاتنا وشعوبا، فالإرهاب يطول الجميع ولا يفرق بين هذا وذاك.
ومن جهته، قال النائب عدنان عبدالصمد: آلمنا هذا المصاب الذي حدث في الكنيسة البطرسية وتعازينا الحارة لأهالي الضحايا وكل الأمة ونحن متألمون جدا لأن هناك من يريد إشعال الفتنة في مجتمعاتنا الآمنة بمسلميها ومسيحييها.
وتابع: لن يستطيع هؤلاء الوصول إلى أهدافهم ونحن نراهن على وعي الشعوب العربية لإفشال هذا المخطط الإجرامي، واعتقد أننا نملك من الوعي الكافي لذلك، مشيرا إلى ان هناك من يريد تدمير هذه الأوطان الآمنة سواء في الكويت أو مصر، ونعلن تضامن الشعب الكويت والعربي بمختلف الأديان والمذاهب ضد الإرهاب، فالعدو واحد ويستهدف الجميع، ونحن نراهن على وعي الأمة فهو الكفيل بالقضاء على الإرهاب قريبا.
ومن ناحيته، قال النائب خالد الشطي: نقدم التعازي في هذا المصاب الجلل الذي أصاب البشرية في الكنيسة البطرسية في القاهرة، مؤكدا ان هذا الفعل الإجرامي مدان من جميع الأديان والمذاهب ويشكل خطرا على الجميع، ونبدي اسمى علامات وكلمات الاستنكار لهذا الفعل الجبان المرتكب، إلا إننا واثقون من أن أرواح هؤلاء انتقلت إلى الله ويجب ان نضع أيدينا بأيد بعض على مستوى جميع الأديان والمذاهب باسم البشرية لنواجه هذه الأفكار التكفيرية والأعمال الإرهابية.
وأشار إلى ان هناك مؤامرة كبرى على الشرق الأوسط لدق الإسفين بين الأديان والمذاهب، ونحن في الكويت أو مصر يجب ان نكون واعين ومرصدين لهذا التربص الواقع على جميع الدول العربية التي طالتها يد الإرهاب.
وأضاف: إننا نعي ان عمقنا الاستراتيجي هو التسامح وحرية العقيدة والفكر وهذه مبادئ إنسانية يجب ان نتمسك بها فبالتعايش السلمي ننساق إلى درب الحق والفضيلة واذا انحرفنا عنها سوف يستفيد الإرهاب ونتيح لهم الفرصة لارتكاب هذه الأفعال المشينة بحق الدين والإنسانية.
أما النائب احمد الفضل فقال: إن هذا قدرنا ان نعيش في ظل هذه الظروف الملتهبة فالقتلى والضحايا من الأبرياء موجودون في جميع ارجاء الوطن العربي، نتمنى ان يحكم الامن قبضته في مصر ونتعدى هذه المرحلة الخطرة في جميع ارجاء الوطن العربي، مضيفا: نحن اخوة ومصيرنا ومشترك وأتمنى ان نجلس على طاولة مشترك للحد والتصدي لهذا الإرهاب الإقليمي الذي طال الجميع ولم يفرق بين مسيحي ومسلم ويتغذى على أشلائنا.
وأشار إلى انه في أي حرب هناك من يتراقصون على الجثث وهناك دائما منتصرون وهم من يبيعون السلاح ويستفيدون من الحروب الاهلية والطائفية التي تفتت الدول وهو دائما ما يكون خفيا، متسائلا من المستفيد مما يحدث ومن يؤجج الفتن؟ مستدركا: ولكن العقل والحكمة والتسامح التي علمتها الكنيسة والسيد المسيح هذا هو وقتها ان يقتدي بها العالم اجمع لتفويت الفرصة على مثل هؤلاء.
من جانبه، قال الشيخ علي الجدي إن أهل الكويت قاطبة يستنكرون هذا الفعل المشين الذي تطاول على دور العبادة، مؤكدا ان الله جلل بيوت العبادة من المساجد والكنائس ومدح في كتابه الكريم الدفاع عنها، وهذه رسالة واضحة لرسول الرحمة باحترام دور العبادة فكل من تطاول عليها إنما خالف إرادة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وخالف تعاليم الإسلام.
وتابع: نسأل الله ان يحمي الأمة العربية جمعاء وان يجمع قلوب الموحدين على تقوى الله وان نرتقي بعقولنا لفهم الإسلام ورسالة السماء، فالإسلام جاء ليكمل رسالة المسيحية.
من جــانبــــه، قــال ميتروبوليت بغداد والكويت وتوابعهما لطائفة الروم الارثوذكس المطران غطاس هزيم انه على مر التاريخ كان هناك صراع بين الظلمة والنور والخير والشر ولكن إن اشتدت الظلمة فهي لن تقوى على النور.
وأكد هزيم أن مسيحيي الشرق من أصل هذا المشرق العربي والسيد المسيح ولد في فلسطين ببيت لحم ولم يولد في الغرب أو بلد آخر وإنما هنا كما شاء الله.
وتوجه إلى الشعب المصري باسم الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية وخاصة ابرشية بغداد والكويت وتوابعهما بالتعزية القيــــامية، مؤكــــدا اننا معنا في خـــــندق واحد وان تألمنا فرجــــــاؤنا اقـوى من الظلمة.
من ناحيته، قال المطران ماسيس زوبويان مطران الأرمن الارثوذكس في الكويت: اننا نستنكر هذا العمل الاجرامي الذي حدث في الكنيسة المصرية ونؤكد على وحدة مجتمعاتنا في ظل القيادات الحكيمة التي لا تتوانى في الضرب على يد الإرهاب التي تسعى إلى زرع الوقيعة والفتنة، ولكن مهما فعلوا فمصيرنا وتاريخنا واحد وسنكمل الطريق معا تحت رايات السلام المحبة، ولن يستطيعوا تحقيق مبتغاهم مهما حاولوا والتاريخ شاهد على العديد من هذه الاحداث التي لا تزيدنا الا وحدة وترابطا.
من جانبه، قال الفنان داود حسين إن ما يصيب الشعب المصري يصيب الكويت والألم مشترك، فمصر هي أم الجميع وأي جرح يصيب الأم يؤلم الجميع، داعيا الله ان يحفظ ارض مصر وشعبها من كل سوء، مناديا بعدم الالتفات إلى الأصوات النشاز التي تسعى إلى زرع الفرقة بين أطياف المجتمع الواحد، وعلينا جميعا ان نتعايش معا وان تحكمنا الإنسانية.
كما ختم بالتشديد على أن الإرهاب لا دين له ومن اقدم على هذا الفعل الشنيع لا يمت للاسلام بصلة.
معصومة المبارك: تفجيرا «البطرسية» و«الصادق» هدفهما واحد.. زرع الفتنة
الوزيرة السابقة د.معصومة المبارك حرصت على الحضور للتعزية، وقالت: نقدم واجب العزاء لجميع أفراد الشعب المصر لهذا الحدث الجلل والجريمة النكراء الموجهة ضد الإنسانية، وندعو الله ان يكف أصابع الشر عن الشعب المصري والكويتي وجميع الشعوب المحبة للسلام.
وأكدت ان المستهدف ليسوا الأشخاص الذين يحضرون الصلاة في الكنيسة أو من كانوا يصلون في مسجد الإمام الصادق من قبل وإنما الهدف إحداث الفرقة في هذه المجتمعات وتفتيتها من الداخل من خلال التفجير والترويع.
وشددت على ان القيادات العربية لدينا حكيمة والشعب كذلك وفوتوا الفرصة على من يلعب هذه اللعب الخطرة التي يستخدمها الإرهاب في جميع دول العالم، فالإسلام دين محبة وسلام ولكن للأسف عمليات غسيل الأدمغة التي تمارس على بعض الشباب باسم الدين من قبل هؤلاء، وعلينا جميعا ان نكون واعين ومدركين لخطورة هذه المخططات التي تمارس على مجتمعاتنا.