بعد دراسة لمطالب البنوك بدا بنك الكويت المركزي غير متحمس، لاتخاذ قرار يلبي كل طموحات رفع الحدود الائتمانية للقروض الشخصية والمقسطة، فقد طلب من البنوك المحلية خلال الاجتماع معهم امس جمع تصوراتها في تصور واحد يرفع من خلال اتحاد المصارف لدراسته.
وكانت البنوك قد ساقت عدة مبررات تدعم مطالبها برفع سقف الائتمان للقروض الاستهلاكية، الذي يبلغ حاليا 15 الف دينار والمقسط «الاسكاني» البالغ 70 الفاً معتمدة في ذلك على قدم التعليمات المتعلقة بالحدود القصوى للقروض ومعدلات ارتفاع اسعار السلع، فضلاً عن الزيادات في الرواتب التي شهدتها البلاد خلال السنوات ما قبل عام 2013 وترى مصارف ان رفع سقف الائتمان يزيد التزام العملاء باستخدام القروض في وجهتها المتفق عليها ويرفع نسب الالتزام بتقديم الفواتير التي تثبت وجهة صرف القرض.
واشارت الىان رفع السقف يساعد في مواجهة تباطؤ الائتمان للافراد الذي يشهده القطاع المصرفي منذ بداية العام الجاري، خصوصاً ان زيادة الانفاق الاستهلاكي من شأنها تحريك عجلة النمو الاقتصادي.
من جانب آخر، قالت المصادر ان {المركزي} قد لا يمانع في حال وجد بنك ما عميلاً يستحق الحصول على تمويل بسقف اكبر شريطة ان يبتعد البنك عن ضمان الراتب ويبحث عن ضمانات اخرى.
حقائق وأرقام
واشارت المصادر الى بعض الحقائق والارقام التي قد تجعل {المركزي} متحفظاً في اتخاذ قرار سريع بشأن رفع سقف الحدود الائتمانية للقروض الاستهلاكية والمقسطة منها ما يلي:
• «المركزي» بصفته اعلى سلطة رقابية للقطاع المصرفي معنية بادارة السياسة النقدية معني ايضاً بالبعد الاجتماعي، ما يعني ان قراراته لا يجب ان تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البنوك وحدها على حساب البعد الاجتماعي، في ظل الدروس المستفادة من ارتفاع موجة القروض خلال الفترة ما بين 2003 و2008 والتي دفعت الحكومة لانشاء صندوق المعسرين ومن بعده صندوق الاسرة وتكبد المال العام مئات الملايين من الدنانير.
• لا يستقيم الدور الرقابي الذي يمارسه «المركزي» في سبيل ضبط سوق الاقراض، وتشديده على البنوك في قضية الفواتير التي تثبت وجهة صرف القرض، وكذلك قراراته المتعلقة بحماية العملاء والتي تستكمل البنوك تطبيقها بنهاية الشهر المقبل، مع رفع سقف الحدود الائتمانية بالمستويات التي تطالب بها بعض البنوك.
• وفقاً للبيانات المعلنة من بنك الكويت المركزي فما زال الطلب على قروض الافراد في الكويت قوياً بفضل الامان الوظيفي للعاملين في القطاع الحكومي، والنزعة الاستهلاكية التي ما زالت تسيطر على المجتمع، حيث بلغت اجمالي التسهيلات الشخصية 14.5 مليار دينار.
كما حقق الائتمان للافراد نمواً بمعدل %10.6 لعام 2015.
• ساهمت زيادات الرواتب المتتالية للموظفين في المؤسسات الرسمية الاعوام السابقة لعام 2013، في زيادة كبيرة بالفعل في القروض الاستهلاكية والمقسطة، وفتح السقف بشكل اكبر يهدد بتكرار ازمة القروض مجددا،ً ولكن في ظل ظروف مختلفة هذه المرة فالحكومة التي تعاني ميزانياتها من العجز وتقترض من البنوك المحلية وبصدد التوجه للاقتراض من الخارج لن تكون قادرة هذه المرة على تكرار الحل عبر صندوق جديد.
• الشريحة التي تسعى البنوك لتلبية رغباتها من خلال رفع حدود الائتمان، وهم من يتجاوز دخلهم (راتبهم) 3 آلاف دينار فما أكثر، ليست كبيرة مقارنة بمن هم دون ذلك، علماً بأن متوسط الدخل الشهري للفرد الكويتي يبلغ نحو 1453 دينارا و631 دينارا لغير الكويتيين وفقاً لاحصاءات رسمية كما في نهاية النصف الأول 2015، كما ان عدد الموظفين في القطاع الحكومي 267 الف كويتي و95 الف غير كويتي. في مقابل نحو نصف مليون قرض.
وفي ما يخص مؤشرات ملكية الأسر للأجهزة المعمرة فإنها تبلغ نحو 3.2 سيارات للأسرة الكويتية و1.1 لغير الكويتية ونحو 5.5 تلفونات نقالة للأسرة الكويتية مقابل 2.8 لغير الكويتية، مما يعني أن هناك حالة تشبع في مشتريات غالبية السلع المعمرة والتي يستهدفها القرض الاستهلاكي.
• اما معدل التضخم فتشير البيانات إلى انه قد ارتفع إلى %3.7 في سبتمبر الماضي مع توقعات بمزيد من الارتفاع مع قرارات رفع الدعم عن البنزين إلى جانب سلسلة من القرارات التي تقضي بفرض ضرائب وزيادة أسعار استهلاك الكهرباء والماء وغيرها، ما يعني المزيد من تآكل دخل الأسر الكويتية وبالتالي يصبح استقطاع %40 من الراتب للموظف و%30 للمتقاعد للوفاء بأقساط القروض، أكثر صعوبة مما مضى في ظل نمو احتياجات الأسرة.
فواتير القروض
من جهة اخرى، اشارت مصادر مصرفية إلى ان بنك الكويت المركزي قد أكد على البنوك المحلية أمس ضرورة الالتزام بتطبيق التعليمات ذات الصلة بفواتير القروض التي تثبت وجهة صرف القرض.
واستمع الى مقترحات بعض البنوك التي تضمن استمرار تطبيق التعليمات وتحفيز العملاء على تقديم الفواتير.. على أن «المركزي» أبدى مرونة خلال الاجتماع بأن تبذل البنوك جهودها من أجل ضمان الحد الأدنى من التطبيق وفقا للامكانات المتاحة لكل بنك، على ان تسعى جاهدة لزيادة نسب التزامها خلال الفترة المقبلة.
لجنة ثلاثية
وفي ما يخص مقترح الرهن العقاري، فإن البنوك قد شكلت لجنة ثلاثية لإعداد مقترح شامل، خصوصاً أن الأمر يتطلب التواصل مع عدة جهات ذات صلة من بينها الهيئة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان الكويتي.