كارثة تنتظر تركيا.. باحثة في مقال «سي إن إن»: ماسأة الجمعة فككت الدولة التركية.. العنف تخلل المجتمع.. انتقام «أردوغان» بسحق المعارضة بداية مطالبات شعبية بحماية خارجية.. وفرصة كبيرة لـ«داعش»
قالت أستاذة الدراسات التركية في معهد وجامعة ستوكهولم للدراسات التركية بالسويد "لجيني وايت"، في مقال لها نشر على شبكة "سي إن إن الأمريكية" اليوم: "حتى ليلة الجمعة، كانت تركيا دولة مستقرة وناجحة رغم إشكالياتها، إلا أنها كانت بمثابة منطقة عازلة بين أوروبا والشرق الأوسط المنهار وشريكة للولايات المتحدة".
مضيفة: عانت الدولة من هجمات إرهابية مثل الدول الأوروبية، وشهدت تضامن العالم عبر مشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغطية المعالم الأثرية حول العالم بالعلم التركي أو إضاءتها بألوانه، تغير ذلك بعد محاولة الانقلاب العسكري.
تمزق الدولة
تلك التحركات العسكرية، أخرجت تركيا من أوروبا، وصنفتها كدولة في الشرق الأوسط، إذ مزقت استقرار الدولة، وقد تؤدي حتى إلى حرب أهلية في حال تطورت الأوضاع، ما يُضيف صراعا جديدا تواجهه الدولة مثل هجمات تنظيم "داعش" الإرهابية والقتال المستجد ضد "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، وتدمير البلدات التركية من قبل قوات الأمن التركي، التي تلقت الحصانة، بالإضافة إلى العنف المستمر الذي تخلل المجتمع التركي، ويستهدف بشكل خاص النساء، لم تعد تركيا تستطيع أن تكون مصدا للعنف، إذ أصبحت أضحية على مذبحها الخاص.
بلد بلا فائدة
ونتيجة لذلك، أصبحت فائدة تركيا كـ"ملاذ آمن" للاجئين السوريين محل شك، ما يهدد اتفاقيتها مع الاتحاد الأوروبي المشبوهة أخلاقيا بتوفير الأموال لتركيا مقابل إبقاء مئات الآلاف من اللاجئين داخل الدولة، وفي ذات الوقت، انحدار تركيا إلى ما يحتمل أن يكون مطاردة الحكومة لـ"الانقلابيين" وانتقاما عنيفا واسع النطاق، ما يعني مزيدا من الغضب ومزيدا من الإخلال باستقرار الشعب الذي يُرجح أن يطلب الحماية من الخارج.
ظهور داعش
ويُرجح أن الجماعات الإرهابية مثل "داعش" ستستغل ذلك الإخلال باستقرار الشعب لتجنيد المزيد من العناصر داخل تركيا، ومن هناك سيستطيع الوصول إلى أوروبا، كما تحرك الإرهابيون خلال السنوات الماضية عبر تركيا في طريقهم إلى سوريا، بينما صرف الحكومة التركية نظرها عما يحدث، وكما يُقال: عدو عدوي هو صديقي، كان "داعش" والإرهابيون الآخرون يحاربون الميليشيات الكردية، أبر "بعبع" لدى تركيا، والذي أعماها عن المخاطر الأخرى.
سحق بقوة
واستنكرت الولايات المتحدة وأحزاب المعارضة في تركيا محاولة انقلاب الجمعة، ولكن إذا هاجم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، الذي يقوده أردوغان، المعارضة، كما يبدو أنه يفعل الآن، يمكننا توقع أن أردوغان سيستخدم محاولة الانقلاب ليسحق بقسوة عمود المعارضة الفقري، ويقصم ظهر الجيش للأبد، عبر اعتقال أو إعدام كل من هم في الحقيقة أو يُزعم أنهم "خونة".
تفكيك الدولة
ورد ذكر بيان لمدبري الانقلاب بأنهم تدخلوا لأن الرئيس والحكومة خلقا "أوتوقراطية" جعلت النظام القانوني غير قابل للتنفيذ، وهذا صحيح حتى الآن، إذ على مدى السنوات الخمس الماضية، عرقل الحزب الحاكم بشكل منهجي استقلال مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام والتعليم والمجتمع المدني، ومؤخرا اثنين من أعلى المحاكم في البلاد، باختصار، فكك حزب "العدالة والتنمية" بنية الديمقراطية التحتية في الدولة.
مأساة الجمعة، سببتها الحكومة التي كانت على استعداد للمتاجرة في ديمقراطية فاعلة واستبدالها بالسلطة الديكتاتورية، ومن المفارقات الساخرة يبدو من المرجح أنها ستستخدم محاولة الانقلاب الفاشلة لتحقيق ذلك الهدف.