لم يَحْظَ قانون من القوانين التي أقرها مجلس الأمة الحالي بمناقشةٍ وأخذٍ ورّدٍ كما حظي قانون التعديلات على قانون الانتخاب رقم 1962/35، حيث عجَّتْ الساحة السياسية المحلية بالآراء والتحليلات والدراسات والمناشدات لولي الأمر، سواء من قبل المُعارِض لهذا القانون أو من المؤيدين، وكلٌ له وجهة نظر أو رأي أو مطلب.
ولم يكن المشهد جديداً أو مستغرباً في ممارساتنا السياسية، بل أمراً استند الى إِرثنا الديموقراطي الحميد، وإيماناً تأصل في نفوسنا بمساحة الحرية التي أرساها الدستور والآباء المؤسسون، وعزَّزها وحَماها نظام الدولة وحُكامها إلى يومنا هذا.
هذه الحرية، التي كفلت للجميع حق إبداء وجهة نظره دون خوفٍ أو وَجَل أو حَجْرٍ أو تشكيك، ومَن مِنا لا يُقَدِّر هذه الحرية التي ننعم بها ونشكر رب العالمين عليها سراً وعلانية؟ لا أعلم حقيقةً لماذا تُزعج تلك الممارسة الديموقراطية مَن تصدى وانتقد المناشدة لأمير البلاد، حفظه الله، – مع إقراري بأن هذا حقه – فلا أحد منا يملك الحقيقة كاملة، ولا يستطيع أحدنا أن ينفرد في صياغة مستقبل الوطن دون مشاركة الآخرين.. أليست هذه هي الديموقراطية التي ننشدها جميعاً، والقِيَم التي نتمسك بها دون تفريط؟!.. فلماذا تضيق صدورنا من ممارستها؟ ولماذا نشكك في قدرات وولاء ودوافع من يمارسها بشكلها الحضاري ودون تعسف؟
إن ممارسات الأمم المتطورة اليوم تضرب لنا المثل، فها هي بريطانيا تستفتي شعبها في أمرٍ مصيري، وهو علاقتها بالاتحاد الأوروبي، وها هو الاتحاد الأوروبي يحترم قرار بريطانيا – مع مرارته – وها هي القوى المؤيدة لبقاء بريطانيا ضمن الاتحاد تبحث عن مخرج ديموقراطي يمكنها من إعادة الاستفتاء وإعادة بريطانيا إلى اتحاد أوروبا مرةً أخرى.. كل ذلك تم وفق ممارسة ديموقراطية رائعة.. وهنا احترم المناشدون المجلس وبينوا وجهة نظرهم في ما أقره، وناشدوا أميرهم مراجعة القانون المذكور، خصوصاً بعدما اتضحت الآن مشاكل إقراره المستعجل، وتعددت الآراء حول دستورية نطاقه بأثرٍ رجعي.. فلنحترم حقهم في ذلك، وبهذا النهج تتضح الرؤية وتصح المسيرة.
نسأل الله في هذه الأيام الفضيلة أن ينعم علينا بالأمن والأمان، وأن يحفظ الكويت التي نعشق وأميرها وشعبها من كل مكروه.
.. وكل عام وأنتم بخير.
د. موضي عبد العزيز الحمود