لم تكن مستغربة حالة الزحام الشديدة والفوضى العارمة التي شهدها مطار الكويت الدولي الأسبوع الماضي، في مشهد تكرر مراراً وفي مواسم مختلفة، رغم كل المحاولات التى سعت إليها وسائل الإعلام الرسمية ووزارة الداخلية، للتخفيف من حدة انزعاج وتذمر المواطنين والمقيمين على حد سواء، لواقع الحال المؤسف والتقليل من شأن تلك الحادثة!

حالة عدم الاستغراب بالنسبة إلي، لا يمكن تفسيرها إلا من خلال ما ذكره المجلس الأعلى للطيران المدني في بيان نشر في الصحف اليومية، بأن الطاقة الاستيعابية لمبنى المطار الحالي لا تتجاوز 6 ملايين راكب سنويا، بينما يصل عدد الركاب في الوقت الحالي إلى أكثر من 12 مليوناً، وهذا ما يفسر بكل بساطة ما حدث وما سيحدث في المستقبل في مبنى المطار!

ونتيجة لذلك، فإنني متيقن بأن كل ما حدث ليس بسبب الطيران المدني أو وزارة الداخلية أو غيرها من الجهات، لأننا بكل بساطة نملك مطاراً لم يجدد منذ أكثر من 26 عاماً، إثر تعرضه لتدمير شامل على يد القوات العراقية إبان الغزو الغاشم، وتمت توسعته بعد ذلك فقط لإضافة مرافق تجارية ومواقف للسيارات ومناطق جديدة لوزن الأمتعة. فكيف لمطار مثل هذا أن يصمد بعد ذلك، خصوصاً وأننا نشهد طفرة معمارية وتوسعية على مستوى العالم في إنشاء المطارات الجديدة لاستيعاب الأعداد المتزايدة في حركة المسافرين. وكيف لنا ألا نتوقع أيضا أن يتكرر ما حدث الأسبوع الماضي؟

الأهم من كل ما ذكر، هو الإجراءات الأمنية المتبعة في مطار الكويت، فالكل يشاهد تراخي البعض عن القيام بواجبه الأمني المنشود ويعي ضعف الرقابة والتفتيش على المسافرين القادمين والمغادرين المختلطين مع بعضهم البعض، في مشهد لا تراه في أي مطار آخر! والجميع يلاحظ أنه وفي مرات عديدة ومنذ دخوله إلى المطار وحتى صعوده الطائرة، قد يمر في نقاط تفتيش مختلفة وقد يعبر منها بسهولة حتى من دون أن ينزع أو يضع ما في جيبه من أغراض في أجهزة الكشف! ونستذكر في هذه المناسبة حادثة عبور شخص من الجنسية الآسيوية قاعة التشريفات واختراقه الإجراءات الأمنية من خلال صعوده إلى الطائرة المقلة لوكيل وزارة الداخلية وما تبعها من قرارات وزارية تأديبية وجزائية تجاه المسؤولين عن أمن المطار، وغيرها من الشواهد التي لا يسع المجال إلى ذكرها.

وما تقرير الوكالة الأميركية لأمن النقل حول الحالة الأمنية لمطار الكويت، إلا دليل قاطع على سوء وضعف الاحترازات والإجراءات الأمنية المتبعة، ما حدا بالسلطات الأميركية نتيجة لذلك، إلى اتخاذ قرار بوقف الرحلات المباشرة من مطار الكويت، لتعلن بعدها الخطوط الجوية الكويتية في بيان، أن رحلتها إلى مطار جون كنيدي ستتوقف في إيرلندا لفترة لن تتجاوز ساعتين ونصف الساعة لتنفيذ إجراءات أمنية إضافية! ويبدو، وحسب ما نقل من خلال وسائل الإعلام، أن دولاً أوروبية أخرى ستحذو حذو الولايات المتحده في تنفيذ مثل هذا الإجراء!

أعتقد أن ما ذكر وغيره كافياً ليقتنع صاحب القرار بأن علينا أن نتحرك سريعاً لتشديد الإجراءات الرقابية والتفتيشية في مطار الكويت، فأمن الكويت واستقرارها أهم وأولى من أي شيء آخر، وحجة أن لا حوادث سابقة تذكر كافية للاقتناع بواقع الحال لا يجب أن تكون سبباً للسكوت أكثر، حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.

آخر كلام:

إذا كان المطار واجهة الدولة... فواجهة الكويت مع الأسف، سوداء!

Email: boadeeb@yahoo.com