بعد 60 عاما من دخول الصندوق السيادي الكويتي السوق البريطاني من خلال مكتب الاستثمار الكويتي في لندن، تنتظر الاستثمارات الكويتية الضخمة في بريطانيا والبالغ حجمها نحو 100 مليار دولار، تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في قرار تاريخي بعد 43 عاما من العضوية.ويجدر هنا ان نشير إلى ان الهيئة العامة للاستثمار استخدمت بريطانيا كقاعدة للاستثمار لها على مدى السنوات الـ60 الماضية، ومن واقع التجربة اتضح ان بريطانيا تعتبر الموقع الأكثر ملاءمة للاستثمارات الكويتية خاصة بعد العوائد التي حققها مكتب الاستثمار الكويتي في لندن من خلال سواء من خلال مساهمته في استثمار أكثر من 100 سهم من الأسهم المدرجة في المملكة المتحدة أو في مساهمة في كبرى المؤسسات والشركات البريطانية اوعبر تمتلك عقارات ضخمة في جميع أنحاء بريطانيا العظمى.وحسب خبراء اقتصاديين لـ«الأنباء» فإن أبرز المخاطر المتوقعة تتمثل في هبوط قيمة الاستثمارات من عقارات واسهم بنسب محدودة كوضع طبيعي جراء الهزة الاقتصادية التي احدثتها مفاجأة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي جاءت مغايرة للتوقعات.ويرى الخبير المصرفي علي المديهيم أن المملكة المتحدة تمتلك الكثير من المميزات التي تتفوق بها عن باقي المراكز المالية في العالم وبالنسبة للكويت فإن الحصانة السيادية التي منحت للكويت في المملكة المتحدة مكنت الهيئة العامة للاستثمار من زيادة استثماراتها فيها بنسبة تزيد على نسبة مساهمة الناتج المحلي الإجمالي البريطاني في الناتج المحلي العالمي.ويضيف أن الصندوق السيادي الكويتي وضع خططا استراتيجية للمحافظة على استثماراته في بريطانيا، وتشمل الخطة الخروج الآمن والتدريجي للاستثمارات، في حال انخفضت قيمته بنسب محددة تتجاوز 40% وفق المعمول به عالميا، مع الاخذ بالاعتبار ظهور مؤشرات بعدم عودة الأصول لقيمتها الطبيعية، حيث يوجد فريق عمل يعمل في مكتب لندن لإدارة ومتابعة الاستثمارات على مدار الساعة خاصة في مثل هذه الأوقات الحرجة.ولا يستبعد المديهيم، أن يضطر المركزي البريطاني، لرفع سعر الفائدة خلال 15 يوما بحد أقصى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك في خطوة لضمان استقرار في سعر صرف الاسترليني.وعلى الرغم من انهيار الجنيه الإسترليني من قمة قيمته التي كان عليها الأربعاء الماضي، والمعادلة1.50 دولار، الى 1.35 ليخسر نحو 10% من قيمته، إلا ان المديهيم يؤكد ان الوضع طبيعي ومن المتوقع ان يعود إلى طبيعته مرة اخرى وذلك بعد امتصاص مفاجأة خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والتي قد لا تتجاوز 30 يوما، وذلك بسبب الإجراءات الاحترازية التي قام بها المركزي البريطاني لمواجهة أي انخفاضات في قيمة العملة من خلال ضخه لمليارات الجنيهات خلال الفترة الماضية.سيناريوهات حكومية ويقول الخبير الاقتصادي، عباس المجرن، ان الحكومة الكويتية تراقب الاحداث في بريطانيا عن كسب منذ الاعلان عن بدء الاستفتاء وذلك لوضع عدة سيناريوهات سواء في حالة الابقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، التي تتضمن مصدات وقائية لاي انخفاض في قيمة الاستثمارات الكويتية في بريطانيا.ورجح المجرن عدم حدوث أي تاثير على الاستثمارات الكويتية في بريطانيا على اساس انها «محصنة»، حيث يقوم الصندوق السيادي من حين لآخر بمراجعة استثماراه في المنطقة ووضع خطط استراتيجية لحماية استثماراته، فضلا عن ان الحكومة البريطانية لديها الخبرة الكافية لحماية جميع الاستثمارات الأجنبية فيها من أي انهيارات أو خسائر تلحق بها.وخلال السنوات الثلاث الماضية سرعت الكويت من وتيرة ضخ استثماراتها بالسوق البريطاني حيث ذكرت تقارير بريطانية أن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية أعلنت عن ضخ استثمارات بنحو 5 مليارات دولار خلال الفترة من 2014 وحتى 2017.ولدى الكويت مكتب استثمار في العاصمة البريطانية لندن يدير استثمارات بمليارات الدولارات في جميع انحاء اوروبا تتمثل في عقارات ومحافظ استثمارية في الأسهم والسندات.القطاع العقاريمن جانبه، يرجح الخبير الاقتصادي نجيب الصالح ان تتأثر الاستثمارات الكويتية في بريطانيا خاصة العقارية بشكل محدود في اول الامر، مع العلم ان المستثمرين الكويتيين يعتبرون من أكبر مشتري العقارات هناك، حيث تصل متوسط صفقات الأفراد الكويتيين من العقار البريطاني نحو 40 مليون جنيه استرليني سنويا.وتتركز عمليات الشراء للكويتيين في مناطق «مايفير وكينزينغتون وتشيلسي»، الا أنه، بحسب تقارير بريطانية، شهدت عمليات شراء العقار في بريطانيا وبخاصة الخليجيين حالة من الجمود خلال الفترة الماضية، لترقب ما ستؤول اليه نتيجة الاستفتاء.واعتبر عمدة الحي المالي في مدينة لندن اللورد روجر جيفورد في تصريحات سابقة ان الصندوق السيادي الكويتي «الهيئة العامة للاستثمار» هو الأول في العالم بين الصناديق السيادية العالمية من حيث التخطيط الاستراتيجي واختيار الفرص الاستثمارية الناجحة، وان هيئة الاستثمار في بريطانيا تتمتع بمصداقية عالية خصوصا ان معظم استثماراتها طويلة الأجل.