برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة تأسس بهدف تصحيح اختلالات سوق العمل المحلي، ولتغيير مسارات التوظيف لدى المواطنين من القطاع الحكومي الى الخاص، كما جاء في بيان التأسيس. وكم وددت أن أضيف اليه الفقرة الآتية: «ولتمكين أكبر عدد من العمالة الوطنية، وخاصة «النساء»، النوم في العسل لأطول فترة ممكنة والخروج للتسوق والترفيه».
باعتقادي ان هذا البرنامج تأسس بالدرجة الاولى لحل مشكلة طابور التوظيف لدى القطاع الحكومي، لتفادي حدوث البطالة الحقيقية، ولتجنب ازدياد تكدس الموظفين في أروقة الوزارات المختلفة (بطالة مقنعة)، التي باتت تؤرق الحكومة بشكل جاد. أما موضوع تغيير مسار التوظيف من الحكومي الى الخاص، كما جاء في البيان، فليس إلا تحصيل حاصل (زلقة بطيحة)، أتى لمعالجة مشكلة «الطابور»، ولا أعتقد أن تشجيع العمل لدى «الخاص» هو هدف الحكومة السامي والنبيل، والا أين كانت في السنوات التي سبقت تشكيل البرنامج.
ولتطبيق أهداف البرنامج، سعت الدولة الى توفير مبلغ «دعم العمالة»، الذي يتراوح بين 500 دينار الى 900 دينار، كمساهمة منها وتشجيع للعمل لدى القطاع الخاص، ولكنها اصطدمت بظاهرة «التعيين الوهمي»، حيث تتلاقى مصلحة الموظف، خصوصاً «النساء»، بالاستفادة من مبلغ الدعم «منشكح منبطح»، مع مصلحة الشركة الخاصة بإنجاز المعاملات الحكومية من دون عوائق ولا دفع رسوم نتيجة عدم الالتزام بقانون «دعم العمالة الوطنية»، وفي الوقت نفسه لا تريد هذه الشركة تحمل أعباء مالية نتيجة التوظيف الحقيقي، وذلك لعدم حاجتها الفعلية للموظف.
وبالإضافة الى ذلك سعى الكثيرون الى تأسيس شركات ورقية وهمية للاستفادة من مبالغ الدعم، حيث يتقاسم الطرفان الراتب، فلا عمل حقيقي للموظف ولا وجود حقيقي للشركة، وقد تم اكتشاف حوالي 500 شركة وهمية مؤخرا تعمل على هذا المنوال، والغريب في الأمر أنها كانت تضع إعلاناتها صراحة في الصحف «وعلى عينك يا تاجر».
باعتقادي أن الحكومة دخلت نفسها في «دوامة» تصعب الخروج منها، ولسان حالها يقول «يا من شراله من حلاله عله»، فهي تصرف سنويا أكثر من 400 مليون دينار مبالغ دعم، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن توقف طرق التحايل التي «تشيب لها الولدان»، وباتت تؤرقها وتتعبها بالفعل، والدليل إنشاء إدارات خاصة للتفتيش ذات ضبطية قضائية في كل من مؤسسة التأمينات ووزارة الشؤون وكذلك إدارة مماثلة في الهيكلة، ونرجو ألا يصل الامر يوما الى إنشاء محاكم تفتيش على غرار تلك التي وجدت في القرون الوسطى.
شخصيا، لا أعتقد أن الحكومة كانت غافلة الى هذا الحد، وغير متوقعة حدوث تلك المشكلات عند تأسيس البرنامج، فلديها «جيش» من المستشارين والخبراء في هذا المجال، وما أميل اليه حقيقة، انها سعت الى تأسيس البرنامج كآلية جديدة، ونمط حديث، لتوزيع الثروة على المواطنين، وهم نائمون في «العسل»، فلا تزاحم على طابور الوظيفة الحكومية، ولا تكدس للعمالة في أروقة الوزارات.
فاضل الطالب
faltaleb1@gmail.com
ftaleb@