شهر رمضان مميز بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وفي كل شيء... في العبادة والخشوع والخضوع إلى رحمة الله. وفي التوبة والمغفرة والعتق من النيران. وفي الصدقات والخيرات والزكاة والإحسان إلى الغير. وفي الزيارات العائلية والمناسبات الاجتماعية والرسمية والغبقات الرمضانية والقرقيعان والكثير أيضاً مما لا يعد ولا يحصى! وشهر رمضان يتميز أيضا بتغير سلوكيات الكثير من الأشخاص من دون أي معنى أو بسبب جهل في الدين ليس إلا!
ولعل إفتاء عدد من الدعاة بعدم جواز قراءة القرآن الكريم خلال ساعات الدوام الرسمي للموظف لأنه فقهياً يعتبر أجيراً خاصاً ومحكوماً بإنجاز عمل معين خلال وقت محدد، وفقا لما جاء في جريدة «الراي» في عددها الصادر يوم الثلاثاء، قد وضع اليد على جزء بسيط من الجرح وأصاب كبد الحقيقة التي نعيشها مع البعض خلال الشهر الكريم! ولا أعني هنا فقط من يقرأ القرآن أثناء العمل، بل المقصود في التنبيه على سلوكيات وتصرفات البعض التي لا تتفق مع الدين وحرمة الشهر الفضيل.
فالكثيرون يعانون من خلال زيارة الجهات الرسمية لإنجاز المعاملات الحكومية خلال شهر رمضان بالتحديد، من كسل وإهمال عدد من الموظفين، والحجة هي إما الصوم أو الانشغال بقراءة القرآن أو التعب وصعوبة أداء المهمة وفي بعض الاحيان النعاس وغيرها من الأسباب الواهية! فتتعطل نتيجة لذلك الكثيرمن مصالح الناس، حتى بات يقينا لدى البعض بأن أي معاملة حكومية يجب أن تؤجل إلى ما بعد رمضان حتى يمكن إتمامها، واضحى ذلك واقعا أليماً مع الأسف!
إن ما ذكره الدعاة من أن الانشغال في أوقات الدوام الرسمي بقراءة القرآن، وهو أخف بكثير من أي سبب آخر نعيشه ونتعايش معه يومياً يشغل الموظف خلال زياراتنا المتكررة إلى الجهات الحكومية أثناء شهر رمضان، هو تفريط وضياع للأمانة وتقديم مستحب على واجب وإخلال بالعقد بين الموظف وصاحب العمل وامتناع عن تطيبق قوله الكريم: «يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود». وعليه يقع الإثم.
وإذا كان الأمر كذلك في قراءة القرآن اثناء أوقات العمل الرسمي، فكيف يكون بالنسبة إلى بقية الممارسات التي يقوم بها البعض خلال الشهر الكريم أثناء الدوام أو حتى بعده؟ ألا تعتقد عزيزي القارئ أن هذا الأمر يحتاج إلى وقفه من الجميع مع النفس!
نعم، إننا نحتاج إلى أن نعيد النظر في الكثير من السلوكيات والأعمال التي نمارسها أو نقوم بها خلال شهر رمضان، فالكثير منا يجتهد في العبادات والطاعات والتقرب إلى الله في الأعمال كافة، وينسى أو يتناسى عن قصد أو جهل أمورا أخرى كثيره قد تكون سبباً في عدم تقبل صيامه ويحرم نتيجة لذلك من أجر أعماله! فمتى نعي - وأنا معكم - ذلك؟
boadeeb@yahoo.com