| كتب رضا السناري 
على رأسها السندات الدوليةكشفت مصادر مطلعة لـ «الراي»، أن وزارة المالية قد تستغني عن خطط أعدتها سابقاً حول تخصيص إصدار جزء من سنداتها أو صكوكها لسد عجز الموازنة، للجهات الحكومية المستقلة، لاسيما المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ومؤسسة البترول الكويتية، وغيرهما من الجهات التي تمتلك فوائض مالية قابلة للاستثمار.
وكانت «المالية» استشرفت آراء جميع المؤسسات والهيئات الحكومية، التي يسمح نظامها الأساسي بالاستثمار في إصدار السندات /‏ الصكوك، التي تعتزم الحكومة طرحها لتغطية عجز الموازنة العامة للدولة بالعملة المحلية، بمبالغ كان يتوقع حينها أن تتراوح بين 2 إلى 3 مليارات دينار، حيث كانت الخطة المستهدفة لذلك أن تكتتب المؤسسات الحكومية في تغطية الطرح الأول على أن تقوم الحكومة في مرحلة ليست بعيدة بطرح إصدار ثانٍ من سنداتها على البنوك والأفراد الذين سيكون بإمكانهم الاكتتاب من خلال المصارف.
لكن يبدو أن شيئا ما تغير في حسابات المؤسسات المالية الحكومية المستقلة، حيث كشفت المصادر أن النقاشات المفتوحة في هذا الخصوص تشير إلى أن «المالية» تلقت إشارات من هذه المؤسسات تفيد بأنها قد تواجه صعوبة قانونية في استثمار جزء من أموالها في أي تغطية للدين العام.
ومالياً يعني هذا الموقف، أن على الحكومة أن تعيد حساباتها في خصوص خطوط التمويل التي يتعين الاعتماد عليها في تمويل عجز ميزانيتها بالكامل، وأن البديل الأرجح في هذا الخصوص سيكون من خلال طرح سندات وصكوك على مؤسسات القطاع الخاص، سواء إن كان الإصدار بالدينار الكويتي أو بالدولار، علما بأن الحكومة حصلت على تغطية لسندات وصكوك محلية طرحتها خلال الشهرين الماضيين بنحو 800 مليون دينار، بخلاف السحوبات التي أجرتها من الاحتياطي العام، والتي تم استخدامها أيضا في تمويل سد عجز الموازنة العامة.
وكانت وزارة المالية قد بعثت في وقت سابق برسالة إلى «التأمينات» تسأل فيها عن مدى إمكانية أن تكتتب المؤسسة في السندات أو الصكوك السيادية التي تعتزم الحكومة طرحها لتغطية عجز الموازنة، بما يعادل قيمة الأقساط التي ينبغي على وزارة المالية تحويلها إلى «التأمينات»، بمعنى أن تُستبدل الأقساط المستحقة بسندات أو صكوك سيادية، وهكذا فعلت مع مؤسسة البترول الكويتية وغيرها من الجهات الحكومية المستقلة والتي لديها فائض مالي يمكن أن تستثمره.
لكن وبعد فتح خط المباحثات في هذا الخصوص وتوقف «المالية» عن دفع اقساطها المستحقة لصالح «التأمينات» للمرة الأولى منذ نحو ثماني سنوات للدرجة التي استدعت معها المؤسسة السحب من ودائعها المصرفية لتغطية أوجه الصرف المعتادة، تفاجأت الوزارة بأن الجهات الاستثمارية الحكومية التابعة للدولة، لديها صعوبات قانونية قد تمنع مشاركتها في هكذا طرح، وأنها قد تضطر مع ذلك إلى تفويت فرصة الحصول على العائد المتوقع أن يكون جاذبا لها.
وأضافت المصادر أن هذه الجهات تبحث عن مخارج قانونية لهذا الأمر، ما دفع «المالية» إلى البحث عن بدائل تمويلية أخرى، وعلى رأسها بيع سندات دولية، من خلال الاستدانة من السوق الخارجي علاوة على السندات والصكوك المحلية بهدف تخفيف الضغوطات المتوقعة من وراء ذلك الطرح على مستويات السيولة المحلية، التي يسعى بنك الكويت المركزي إلى الحفاظ عليها ضمن معدلات معقولة وبالقدر الذي يدعم خطط البنوك في المشاركة بتمويل المشاريع التنموية الكبرى واحتياجات القطاع الخاص الائتمانية.
وبحسب التصريحات الرسمية، من المتوقع أن يصل العجز في ميزانية السنة المالية (2016/2017) إلى نحو 12 مليار دينار، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه التوقعات بدأت في التراجع مع المكاسب التي سجلتها الأسواق المالية في الآونة الأخيرة بسبب التحسن الذي شهده سعر النفط في الآونة الأخيرة، والتي وصل معها برميل النفط الكويتي إلى أكثر من 44 دولاراً، في وقت توقّع فيه نائب رئيس الوزراء، وزير المالية، وزير النفط بالوكالة، أنس الصالح، أن ينتهي العام 2016 وقد بلغ سعر النفط 50 دولاراً.
ورغم هذا التحسّن الملموس في الإيرادات، إلا أن في حسابات الميزانية يبقى العجز قائما رغم هذا التحسّن على أساس أن حجم المصروفات العامة المحددة في ميزانية العام الحالي نحو 19 مليار دينار، وهي لا تزال أكبر بكثير من الإيرادات المسجلة في ميزانية هذا العام.
وفي هذا الخصوص، تدرس «المالية» مع بنك الكويت المركزي تداعيات إصدار الدين الحكومي بالعملة المحلية على احتياطات النقد الأجنبي وسعر صرف العملة الكويتية، علاوة على طرح سندات أو صكوك بالدولار، فيما يسعى الناظم الرقابي مع راسمي السياسات العامة ومنظمي السيولة في البنوك إلى تحديد مستويات السيولة الجاهزة لدى كل جهة، والتي يمكن استثمارها في أي إصدار محتمل للسندات أو الصكوك السيادية المتوقعة لتمويل العجز في الموزانة العامة دون الحاجة إلى تسييل أصول أو الاقتراض من جهة خارجية، وكذلك من دون التأثير على سلم الاستحقاقات.