فجأة وبلا أية مقدمات ارتفعت أسعار الأرز لأرقام غير مسبوقة، قبيل أيام قليلة من قدوم شهر رمضان المبارك، الحكومة نفضت أيديها من الأزمة وقررت البحث عن حلول تقليدية للتغلب عليها دون مواجهة محتكرى السلعة الأهم أو حتى مواجهة أباطرة الاستيراد.

تحرك الحكومة جاء عبر اجتماع مجلس الوزراء الأخير والذي قرر استيراد 80 ألف طن أرز لسد الفجوة في الأسواق والعمل على خفض سعر الوجبة الأهم على سفرة المصريين بعد أن وصل سعر الكيلو إلى 9 جنيهات، غير أن المستوردين أكدوا صعوبة الاستيراد في ذلك الوقت بسبب نقص العملة الصعبة وارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.

الغريب أن مصر كانت حتى سنوات قليلة للغاية واحدة من أهم الدول المصدرة للأرز بل إن الحكومة اضطرت في بعض الأحيان إلى وقف تصدير الأرز حين ارتفعت أسعاره في السوق المحلى ارتفاعات بسيطة، وهو ما يفتح الباب لعشرات الأسئلة حول من المستفيدون من فارق الأسعار الكبير؟ وكيف تصمت الحكومة على المحتكرين الذين يشترون المحصول من المزارعين قبل حصاده ويخزنونه لفترة طويلة لتعطيش السوق ثم يبيعونه مع ارتفاع أسعاره ويحققون ثروات طائلة.

مصدرو الأرز كلمة السر في الأزمة الأخيرة، بعدما استغلوا الارتفاع الكبير في سعر الدولار لتحقيق أرباح كبيرة من خلال تصدير كميات كبيرة للخارج، واستغل مصدرو الأرز الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد وقاموا بإقناع وزراء التجارة والصناعة ووزير التموين بضرورة فتح الباب أمامهم لتصدير الأرز لتحقيق أرباح كبيرة من جراء عمليات التصدير للأرز من خلال تجميع الأرز من الأسواق بالجنيه المصرى الذي انخفضت أسعاره، ثم يعاد تصديره للخارج مستغلين ارتفاع أسعار الدولار وهو ما ينعكس بتحقيق أرباح مليارية من هذه اللعبة.

لم تقف خطة التجار والمصدرين عند تحقيق المكاسب من التصدير ولكنهم أرادوا تحقيق مكاسب مضاعفة، وإقناع وزراء شريف إسماعيل بأنهم سيغطون العجز الناتج عن عمليات التصدير العشوائى للأرز من خلال استيراد أرز بديل بسعر أقل من السعر المحلى وبالتالى توفر وزارة التموين مبلغا كبيرا يتخطى 200 مليون جنيه من فرق الأرز المصرى من الأجنبي وفى نفس الوقت يحقق المصدر مكسبا من عمليات تصدير الأرز للخارج ومن عمليات الاستيراد مرة أخرى. 


لم يف تجار الأرز والمصدرون بوعودهم للحكومة وقاموا بتصدير الأرز أولا قبل التعاقد على البديل ثم فاقت وزارة التموين على ضرورة طرح مناقصة لن تنتهى قبل شهرين على الأقل إلى 4 أشهر وهو ما أدى لنقص الأرز بالسوق المحلى وارتفاع الأسعار بشكل غير عادى ولم يسبق حدوثه.

عدد كبير من المستثمرين وكبار المصدرين على رأس المستفدين من الأزمة على رأسهم أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية وصديق الدكتور خالد حنفى وزير التموين الذي كان يعمل مستشارا له بغرفة الإسكندرية والراعى الرسمى لمؤتمرات التموين ومبادراتها يعد من أكبر مصدرى ومستوردى الأرز، بالإضافة إلى عدد من المصدرين في شعبة الأرز باتحاد الصناعات وهم رجب محمود شحاتة رئيس الشعبة وعادل أمين من أعضاء الشعبة الذين مارسوا ضغوطا على وزير الصناعة والتجارة الداخلية ومجلس الوزراء لتصدير الأرز بزعم توافر كميات كبيرة منه بالبلاد، بهدف الحفاط على الأسواق التقليدية له بالسوق العالمى مع توفير الكثير من العملات الصعبة للبلاد في وقت تم تقدير احتياجات البلاد التي تصل إلى مليون و500 ألف طن من وزير التموين بطريقة خاطئة دون تدخل جدي من مجلس الوزراء لوقف التصدير بعد أن تفاقمت الأزمة.

ووصل مكسب الطن في التصدير إلى ما يقرب من 5 آلاف جنيه في حين تم خداع المزارعين للأرز بشراء الطن بما لم يتجاوز 2000 جنيه مع استيراد كميات من الأرز من سيرلانكا والهند أقل جودة ولا تتمتع بالمذاق المصرى.

الغريب أن رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز باتحاد الصناعات أكد عدم وجود نقص بالأرز، مشيرا إلى أنه متوفر وبكميات كبيرة داخل مصر. 
وأشار إلى أن القرار الخاص بفتح باب الاستيراد للأرز واستيراد 80 ألف طن من القرارات غير المدروسة والانفعالية ولن تحل مشكلة، مشيرا إلى أن الــ 80 ألف طن التي أعلن عن استيرادها لاتكفي الاستهلاك لمدة 10 أيام فقط ولن يصلوا مصر قبل شهرين.

وحمل شحاتة الحكومة وخصوصا المجموعة الاقتصادية مسئولية الأزمة، مشيرا إلى أن الحل يكمن في أن تقوم وزارة التموين بدفع الأموال التي عليها للموردين الذين وردوا إليها الأرز ولم يحصلوا على أموالهم. 

من جانبه، قال صلاح عبد العزيز عضو شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالقاهرة إن تقليل المساحات المزوعة من الأرز لتوفير المياه أدي إلى ظهور المشكلة وارتفاع السعر إلى ما هو عليه لافتا إلى أن قرار فتح باب الاستيراد للأرز بداية وخطوة جيدة نحو خفض الأسعار.

وتابع أن هذا القرار سيجبر بعض الأشخاص الذين يملكون ويخزنون كميات كبيرة من الأرز.. للاستفادة من فرق السعر على الإفراج عن الكميات التي لديهم.