الجيش الحر يرفض الالتزام بأي «هدنة جزئية»
تحت ضغط من بشاعة الصور التي تخرج من حلب، ووسط ادانة دولية وعربية «للمجازر» التي ارتكبت فيها، سارعت كل من واشنطن وموسكو الى العمل الحثيث على ادراج المدينة المنكوبة ضمن الهدنة التي اعلنتا عنها في ريف اللاذقية وغوطة دمشق، وذلك بعد رفض الجيش الحر الالتزام بأي هدنة لا تشمل حلب.
فقد اعلنت روسيا اجراء محادثات عاجلة للتوصل الى وقف للمعارك في محافظة حلب، وذلك بعدما دعت الولايات المتحدة الى وضع حد لـ«الانتهاكات والقصف العشوائي» للنظام السوري على المدينة.
ورغم اعلان موسكو سابقا انها لن تضغط على النظام لوقف قصف حلب، نقلت وكالات انترفاكس الروسية عن الجنرال سيرغي كورالينكو، رئيس المركز الروسي لمصالحة الاطراف المتحاربة في سورية الذي أنشأه الجيش الروسي لمراقبة الهدنة، قوله ان «مفاوضات نشطة» جرت لـ«فرض التهدئة» في محافظة حلب، اسوة في غوطة دمشق التي جرى تمديد هدنتها 24 ساعة اخرى واللاذقية التي لم تنته بعد ايامها الثلاثة وبدت صامدة، بحسب الجنرال الروسي.
ولم يفصح كورالينكو عن الطرف الذي تفاوض لتطبيق نظام التهدئة في حلب، لكنه أشار إلى أن «التهدئة» حول دمشق مددت لأربع وعشرين ساعة إضافية حتى الساعة 21 بتوقيت غرينتش من اليوم الاثنين بالتنسيق «مع الولايات المتحدة والسلطات السورية».
أما واشنطن فقد دعت الى وقف عمليات القصف على حلب وتثبيت وقف اطلاق النار في كل انحاء سورية، وذلك قبل وصول وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى جنيف لاجراء محادثات طارئة حول النزاع السوري مع مبعوث الامم المتحدة ستافان ديمستورا.
وبحسب «فرانس برس» فقد ساد هدوء هش مواقع سيطرة المعارضة في حلب خرقته غارات على حي الليرمون في المشارف الشمالية لمدينة حلب. وبقى السكان متحصنين في منازلهم خوفا من تجدد اعمال القصف والغارات الجوية .
وإلى جانب كيري، وصل نظيراه السعودي عادل الجبير والاردني ناصر جودة الى جنيف امس لعقد مباحثات مكثفة حول تثبيت الهدنة وانقاذ مفاوضات السلام.
وكان كيري عقد محادثات عبر الهاتف مع ديمستورا ومنسق المعارضة السورية رياض حجاب، وقال لهم «ان وضع حد للعنف في حلب والعودة في نهاية المطاف الى وقف دائم هما اولوية».
وكرر كيري دعوة روسيا الى «اتخاذ التدابير اللازمة لوقف انتهاكات النظام، خصوصا الهجمات العشوائية على حلب».
ورفض تأكيدات روسيا والنظام السوري بان الضربات في حلب تستهدف جبهة النصرة التي لا يشملها وقف اطلاق النار. وقال ان «نظام الاسد يواصل تصعيد النزاع باستهداف المدنيين الابرياء واطراف يشملها وقف الاعمال القتالية، وليس جبهة النصرة كما يقول النظام خطأ».
واضاف ان «مثل هذه الهجمات تشكل انتهاكا مباشرا لوقف الاعمال القتالية ويجب ان تتوقف فورا».
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أمس الأول، ان كيري اعرب عن عميق القلق ازاء الوضع المتردي في مدينة حلب شمال غرب سورية حيث يستهدف المدنيين العزل. واضافت «تعد مثل هذه الهجمات انتهاكا مباشرا لهدنة وقف اطلاق النار ويجب ان تتوقف على الفور».
وشدد كيري على ان مسألة وقف العنف في حلب في مقدمة اولويات الادارة الأميركية التي اكد انها تعمل من اجل بلورة مبادرات من شأنها ان تخفف التصعيد وعمليات القتال هناك.
وجاء التحرك الروسي الاميركي على ما يبدو استجابة للضغوط التي مارسها الشارع، حيث شهدت عدة عواصم مظاهرات احتجاجية ووقفات دعم لحلب، كما اطلق ناشطون عدة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بـ «صمت العالم على مجازر حلب» التي تسببت بمقتل نحو 300 شخص. وبلغ وسم (هاشتاغ) «#حلب_تحترق» مراتب متقدمة في العالم.
واضافة الى هذه التحركات، رفضت فصائل الجيش السوري الحر أي هدنة تستثني مدينة حلب.
وأوضح بيان صادر عن 42 فصيلا تابعا للجيش الحر مساء أمس الأول، أنها لن تقبل بمبدأ التجزئة أو الهدن المناطقية، معتبرة أن «أي اعتداء على أي منطقة محررة، يتواجد فيها أي فصيل، هو بمنزلة الاعتداء على المناطق جميعا وللفصائل حق الرد في أي وقت».
وأكد البيان أن «هدنة الصمت» التي أعلنت عنها روسيا وأميركا في غوطة دمشق وريف اللاذقية فجر السبت، هي بحكم الميتة عمليا نتيجة اشتداد القصف من قبل النظام وارتكابه المجازر في مختلف المناطق السورية وخاصة مدينة حلب في الأسبوع الماضي.
واتهمت الفصائل أميركا بالتغاضي عن جرائم النظام وروسيا في حق المدنيين، إذ «لا تقوم بعمل حقيقي إلا من خلال بعض التصريحات التي تكون متضاربة وملتبسة في كثير من الأوقات».
وأيدت فصائل الجيش الحر موقف الهيئة العليا للمفاوضات بتعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف للسلام، وقالت «ندعو الهيئة للثبات على موقفهم طالما أن قرار مجلس الأمن 2254 لم ينفذ وبشكل كامل، وخصوصا استهداف المدنيين وفك الحصار والإفراج عن المعتقلين».
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان النظام يواصل حملته العنيفة ضد حلب «لأنه يريد ان يدفع سكانها نحو النزوح بهدف شن هجوم عسكري» لاستعادة السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وكانت نحو ثلاثين غارة شنها النظام على مناطق المعارضة ادت الى سقوط عشرة قتلى على الاقل بينهم طفلان، بحسب الدفاع المدني في الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب، حيث لايزال يقيم نحو 200 الف شخص.
وفي اليوم نفسه، فر عشرات العائلات من حي بستان القصر الذي قصف بعنف على مدى ايام عدة، ولجأ البعض الى مناطق اكثر امنا، والبعض الآخر ترك المدينة عبر طريق الكاستيلو الذي يعتبر المخرج الوحيد بالنسبة لهم.